ليس صحيحاً، أن الذين يسيئون لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يفعلون ذلك من أجل مكسب مادى أو تنفيذاً لمخططات صهيونية، هدفها إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، كل هذه أمور يروج لها البعض، من أجل تهدئة مشاعر المسلمين، وتحويل غضبهم، إلى شماعة اليهود، كما نفعل دائماً عند كل مصيبة نتعرض لها، فهؤلاء وغيرهم مؤكد يعلمون من هو محمد، وكيف أخرج أمة العرب خلال سنوات قليلة من طريق الضلال والظلمات إلى النور، وكيف أصبحت أمته خير أمة أخرجت للناس، وكيف حكمت العالم كله بالعدل والحق، وأصبحت القطب الِأوحد فى زمانها، هؤلاء يعلمون جيداً أن محمداً ورسالته، هما الخطر الأكبر على إمبراطوريتهم القائمة الآن على الظلم والعدوان، يعلمون أن محمداً الذى مات قبل 14 قرناً لا يزال قادراً على أن يبعث فينا الأمل فى غد نكون فيه أقوى وأفضل، لذلك يفترون عليه دائماً بالأكاذيب التى أبداً لن تنتقص من قدره، أو تؤثر على مكانته فى النفوس، فالله سبحانه وتعالى عاصمه من الناس، فهم ينكرون أنه رسول الله، ولو سألوا قساوستهم ورهبانهم وباباواتهم لأخبروهم بأنه رسول الله. وهم يحاربون القرآن المنزّل من السماء، ويكلفون عملاءهم فى بلاد المسلمين، بالوقوف أمام تطبيق ما جاء فيه، لأنهم يعلمون أنه خير من كل دساتيرهم، ولأنهم يعلمون أنه معجزة محمد، مثلما كان لكل رسول معجزة، فنبى الله عيسى عليه السلام، كانت معجزته إحياء الموتى، لانتشار الطب فى زمانه، ولما بعث بعده خير الرسل أجمعين سيدنا محمد بن عبدالله فى قوم فصحاء، يتبارون فى نثر الكلام ونظم الشعر، كانت معجزته إليهم القرآن الذى بين أيدينا، يدعوهم إلى الله عز وجل فلما كذبوه، تحداهم أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو حتى بسورة واحدة من مثله فعجزوا، وفى هذا نزل قول الله سبحانه تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِى رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ولما وقف العرب الفصحاء عاجزين عن الرد على هذا التحدى، اختاروا مواجهته بالسلاح فكانت هزيمتهم وقيام دولة الإسلام. وهكذا، عاد الزمان، وعاد الكفر، وعاد الهجوم على محمد والقرآن، ليس إنكاراً لكونه منزّلاً من السماء، فهم على ثقة ويقين من أنه كلام الله، فكل آياته معجزات، ومنها إعجازه فى التشريع، وإخباره عن دقائق وأسرار فى هذا الكون بعضها تحقق، وبعضها لا يزال العلم عاجزاً أمامها، ولكنهم يشككون فى القرآن خوفاً من أن يعود دستوراً للمسلمين كما كان. إذن فالخوف من قوة الإسلام، هو السبب فى هذه الحرب القذرة التى اختارها الغرب ضد محمد ومعجزته، ورغم ضعف المسلمين، ورغم امتلاك أعدائهم لسبل القوة والغطرسة، لا يزال الأمل باقياً، فى أن تفيق هذه الأمة من غفوتها، وتعلم إلى أى مدى يخشى أعداؤها مصادر قوتها المتمثلة فى القرآن العظيم، وسنة النبى الكريم، ووحدة المسلمين، وأن تعلم أن فى تحقيق هذا الثالوث نهاية كل المتغطرسين والمتطاولين على الإسلام، وفيه أيضاً ضياع لآمال كل الحالمين بتقسيم الأمة ونهب ثرواتها.