عصفَ الصراع العنيف في العراق، يوم السبت، بالمدن والبلدات المنتشرة في شمال وغرب البلاد، من دون ظهور أي علامات على حصول المسلحين السُّنة أو الجيش العراقي على أي مواقع استراتيجية جديدة. ولكن الصراع تضمّن، وللمرة الأولى، ظهور تصدعات في الائتلاف السُّني بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)؛ حيث وقعت معركة بين عناصر هذه المجموعة وحلفائها من البعثيين أسفرت عن مقتل 17 شخصًا. ويشكّل هذا القتال بين المسلحين السُّنة قرب كركوك علامةً مبكرةً على وجود شقاق في الائتلاف بين القوات المسلحة السنية التي انضمت إلى داعش، وساعدتها في التقدم في العراق. وفي التفاصيل، اشتبك رجال جيش النقشبندية، وهي مجموعة مصنوعة من المسؤولين البعثيين السابقين، مع متشددين من داعش ليلة الجمعة، وفقًا لمسؤول أمني في كركوك، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته. ووقعت هذه المعارك تحديدًا في الحويجة، وهي واحدة من معاقل النقشبندية، وهي الجماعة التي يعتقد بأن زعيمها هو عزت إبراهيم الدوري، وهو واحد من عدد قليل من كبار القادة الذين عملوا مع صدام حسين الذين تمكنوا من الفرار من الجيش الأمريكي. فلسفة هذه المجموعة القومية والصوفية، هي مخالفة تمامًا لفلسفة داعش الإسلامية المتطرفة. وقال المسؤول الأمني بأنّ القتال اندلع عندما حاولت داعش نزع سلاح النقشبنديين. ولكنّ شاهدَ عيانٍ من الحويجة قال بأنّ سبب اندلاع المواجهات بين الحلفاء كان مختلفًا، حيث كانوا يتقاتلون من أجل السيطرة على شاحنات البنزين التي تمّ الاستيلاء عليها من مصفاة بيجي. وعلى صعيد تطور الصراع العراقي في المناطق الأخرى، وفي بغداد، التي سار فيها عشرات الآلاف من رجال الميليشيات الشيعية في عرض للقوة حاملين بعض الأسلحة الثقيلة محلية الصنع، انفجرت قنبلة في سوق في منطقة الزعفرانية ذات الأغلبية الشيعية، مما أسفر عن مقتل أربعة من المتسوقين. وبعد ثلاث ساعات فقط، تم العثور على اثنين من الرجال القتلى في مكان قريب بعد أن تم إطلاق النار عليهم وهم مكبلو اليدين. من المرجح أن يكون هاذان الرجلان من السنة؛ لأن هذه المنطقة محكومة من قبل الميليشيات الشيعية. وفي مدينة تكريت التي يسيطر عليها المسلحون، أفادت المشرحة في المستشفى بأنها تلقت جثثًا ل 84 من رجال الشرطة والجنود والموظفين الحكوميين الذين أُعدموا. سبعة منهم قُطعت رؤوسهم، وفقًا لمسؤول هناك، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من إغضاب المتمردين. وأما في محافظة الأنبار الغربية، فقد سقطت اثنتان من المدن الجديدة بالقرب من بلدة القائم الحدودية بيد داعش. وذكرت تقارير لمسؤولين في موقع الحادث بأنّ 34 جنديًّا عراقيًّا قُتلوا يوم الجمعة في الوقت الذي اجتاح فيه مئات المتشددين القائم. وقال رئيس الحكومة المحلية، مثنى الراوي، بأن المدينتين سقطتا السبت وبسرعة بعد أن فر الجنود وضباط الشرطة وظهرت خلايا نائمة من المتشددين لملء الفراغ. وأضاف شهود عيان من بلدة أخرى على الحدود، بأن سلاح الجو السوري قصف قوات داعش التي كانت تحاول الاستيلاء على مدينة الوليد. وأكد هؤلاء على أن سقوط هذه المدينة من شأنه أن يترك الحكومة العراقية من دون السيطرة على أي من المعابر الحدودية مع سوريا. وبدورها، أكدت الحكومة العراقية على أنها لا تزال تقاتل من أجل التمسك بمصفاة نفط بيجي، وهي الأكبر في البلاد، وكذلك من أجل استعادة السيطرة على بلدة تلعفر. وفي تطور منفصل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده تقدم "الدعم الكامل للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل تحرير الأراضي العراقية من أيدي الإرهابيين في أسرع وقت ممكن"، وفقًا لبيان صادر عن الكرملين السبت.