بعيدا عن الانظار ووقت أنشغال الجميع بالقضايا المتفجرة فى كل بقاع الارض والملفات الحدودية الملتهبة سواء بالشرق الاوسط أو بأوكرانيا، جددت الولاياتالمتحدةالامريكية عقد إيجار قاعدة لومينير العسكرية بدولة جيبوتى فى منتصف عامنا الحالى و بالتحديد بمنتصف شهر مايو بعد زيارة رئيس دولة جيبوتى " اسماعيل عمر قيلي " لواشنطن". و بعد تجديد العقد ستتحصل جيبوتى على 63 مليون دولار سنويا بعد أن كانت تتحصل على 38 مليون دولا سنويا حسب بنود العقد القديم . وهنا و مع قيمة العقد الجديد التى أرتفعت وتوقيت تجديده و تمسك الولاياتالمتحدةالامريكية بتلك القاعدة بالتحديد عن قواعد أخرى فى أفريقيا أو بقاع عديدة فتحت بابها لواشنطن دون أن تهتم بها الادارة الامريكية ندرك مدى أهمية تلك القاعدة وأهميتها الاستراتيجية و أهدافها العسكرية فى منطقة القرن الافريقي . فمنطقة القرن الافريقي هى الابرز و الانشط لدى القوات الامريكية فى القارة الافريقية بحكم الاحداث المشتعلة فى ذلك المربع الحيوى سواء بجنوب السودان أو الصومال أو أريتريا أو على الشط الاخر و الاحداث المتصاعدة فى اليمن أو عمليات القرصنة التى تتم على سواحل تلك المنطقة و عمليات خطف السفن . فبرغم من الوجود العسكرى الامريكي فى كلا من مالي و النيجر بغرب أفريقيا، و التواجد العسكرى فى كلا من الصومال وكينيا وإثيوبيا وجنوب السودان بشرق ووسط القارة السمراء، و رغم المحاولات العديدة من إريتريا فى أقناع المسئولين الامريكيين في أواخر عام 2002م لاختيار إريتريا لتكون مقراً لقوات مكافحة الإرهاب التي أسست بعد ايلول الاسود ألا أن الولاياتالمتحدة تمسكت فى النهاية بجيبوتي لاسباب سياسية و عسكرية و جيوستراتيجية عديدة . فقاعدة لومينر العسكرية بجيبوتى تحمل أهمية أستراتيجية خاصة للقيادة العسكرية الامريكية بحكم قربها من مربع ساخن و متغير الاحداث، بجانب أن تلك المنطقة أصبحت مطمعا و مطرحا لاقدام العديد من الدولة الصاعدة و المتنامية نفوذها فى الاقليم، ويوجد بقاعدة لومينير أكثر من أربعة الاف جندى وفني من القوات الامريكية وحلفائها، وكان الهدف المعلن من تأسيس تلك القاعدة العسكرية هو محاربة الإرهاب في المنطقة خاصة في اليمنوالصومال وبحر العرب ومنطقة القرن الافريقي، لكن القوات الأمريكية في أفريقيا المعروفة بأسم أفريكوم اتخذت من قاعدة لومينير مؤخراً مقراً لها مما زاد من أهميتها . ويوجد بقاعدة لومينير العسكرية أسطول جوى أغلبها من الطائرات دون طيار و قوات التدخل السريع . ففى بداية عام 2008م أعلن رئيس الولاياتالمتحدة الاسبق جورج بوش الابن عن خطط تشكيل قوات ألافريكوم، موضحا أنها تتضمن إنشاء قواعد عسكرية في إفريقيا و هو الامر المتبع و الذى تم تنفيذه فى كلا من القواعد العسكرية بأوغندا و السنغال وجمهورية ساوتومي وبرنسيب، ولكن كانت كامب لومينير هى محور أرتكاز تلك القوات الامريكية بالقارة الافريقية، والان القيادة الحالية للولايات المتحدة تكمل أستراتيجيتها التى وضعتها لتلك المنطقة منذ سنوات، وترسخ لتوسع قواتها بكامب لومينير فمن المتوقع أن تنفذ قوات أفريكوم الأمريكية العديد من المنشآت الضخمة بقاعدة لومينير بتكلفة تتخطى البليون دولار خلال الاعوام الخمس و العشرون المقبلة . فالقيادة العسكرية الامريكية تجد كلمة السر فى حل أى معادلة عسكرية و سياسية معقدة تخص دائرة القرن الافريقي و ما حولها فى كامب لومينير . *كاتب ومحلل سياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية والسياسية [email protected]