إسرائيل تعترض آخر سفن أسطول الصمود وتبدأ ترحيل النشطاء و9 سفن تبحر لغزة    قرار الأمم المتحدة رقم (18-1949) بتاريخ 11 ديسمبر 1963 الخاص بالجنوب    معارك وهمية وانحياز صامت    فضيحة وقود دوعن مليارات في جيوب بن حبريش والمواطن غارق في الظلام    سقوط مشروع الوحدة وشرعية تمثيل الجنوب واليمن    تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.. بين فبركة الخبر وإخفاء الحقيقة    أبناء صعدة يحتشدون في 45 ساحة دعما لغزة    7 جمعيات تعاونية تشارك في "مهرجان خيرات اليمن"    خطة "صفقة القرن" المدمرة: إنتداب جديد نحو "إسرائيل الكبرى"..خسارة فادحة أيها العرب!    منتخبنا الوطني الأول يغادر الى ماليزيا استعدادًا لمواجهة بروناي    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    سجناء حماية الأراضي يعيشون أوضاع غير إنسانية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطمئن على صحة المناضل أحمد بامعلم بالمكلا    ضبط 21 من الصقور العربية كانت معدة للتهريب في صعدة    اختتام المسابقات المنهجية العلمية والثقافية لأبناء الشهداء في العاصمة    البخيتي يفتتح أكبر خزان حصاد مياه أمطار بجهران يتسع ل31 مليون لتر    محافظ شبوة يوجه بتقييم تنفيذ تكليفات المكتب التنفيذي    تدشين عمليات جراحة القلب المفتوح في مستشفى الثورة بالحديدة    الرئيس المشاط يهنئ الرئيس العراقي بالعيد الوطني لبلاده    التحالف الإسلامي يختتم برنامجاً لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    شعب حضرموت يودع بطولة الأندية العربية لكرة السلة بعد خسارته من أهلي طرابلس    روسيا ترفع تمثيلها الدبلوماسي لدى اليمن    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    خطة ترمب للسلام في غزة.. سلام أم استسلام؟    #عاجل وفد الانتقالي الجنوبي يقدم إحاطة مهمة للكونغرس الأمريكي (صور)    إسرائيل توقف 13 قاربًا من أسطول الصمود وسط انتقادات دولية    نقطة سناح خطر على ميناء عدن    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    محافظ حضرموت يتابع أوضاع جوازات منفذ ميناء الوديعة    القوات الجنوبية تُفشل محاولة تسلل حوثية بجبهة كرش وتكبّد المليشيات خسائر فادحة    اتحاد كرة القدم يُمدد فترة تسجيل أندية الدرجة الثانية لملحق الدوري    بعد عام.. النصر يعود بالزوراء إلى الانتصارات السبعة    أرسنال يسقط أولمبياكوس.. ودورتموند يكتسح بلباو    بهدف "+90".. سان جيرمان يقلب الطاولة على برشلونة في كتالونيا    طقس شبه بارد على أجزاء من المرتفعات وتوقعات بهطول خفيف على بعض السواحل    الاحتجاجات تتوسع في المغرب رغم إعلان الحكومة تفهمها لمطالب المحتجين    الشرطة تضبط متهماً بقتل زوجته في بعدان    سان جيرمان يقهر البارشا بثنائية    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    العراسي يتساءل: كيف تم الإفراج عن المتورطين في شحنات الوقود المغشوش والمبيدات السامة..؟! ويثير فساد محطة الحديدة    «المرور السري» يضبط 110 سيارات مخالفة في شوارع العاصمة    في رثاء يحيي السنوار    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    طائر السمو.. وجراح الصمت    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    من تدمير الأشجار إلى نهب التونة: سقطرى تواجه عبث الاحتلال الإماراتي البري والبحري    لا تستغربوا… إنهم يعودون إلى وطنهم!    ضحك الزمان وبكى الوطن    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء في عام الرمادة
نشر في الخبر يوم 21 - 10 - 2014

كان حديث المستفز عن "مصر" أم الدنيا، وما جرى لها وما يجرى فيها، وبدأ بخطبة عيد الأضحى في العاصمة المصرية، حيث يرى صاحبنا أن كلمات الخطيب عكست نفسيته التي تربت على خدمة الحاكم مهما كان طاغية مستبدا، وظهر من خطبة الإمام أن حظ السلطان كان أقوى وأوفر من حظ الرحمن في نفسية الخطيب رغم تجاوزه للثمانين من عمره، وأضاف:
- خطر هؤلاء الخطباء لا ينحصر في الواقع المؤلم فقط، وإنما يمتد ليعمق الهوة بين العلماء -ولو كانوا ربانيين- وبين الجماهير، ويحدث نوعا من التوهان والضياع وغياب البوصلة، إذ كيف تفرق الجماهير بين ما هو حق وما هو باطل والناطق بالأمرين شيخ معمم؟ مما يجعل أغلب الناس ينفضون أيديهم من أي أمل في هذا المصدر، وذلك وضع خطير يصب بالدرجة الأولى في خدمة أعداء الأمة، ويؤخر كل دعوة للنهوض، ويحول الجماهير على المدى البعيد إلى قطيع من الهمج، أو إن شئت قل: من الغنم لا يربطهم رابط ولا يخضعون لتوجيه، وأخطر ما تصاب به أمة أن تعيش بلا رأس ولا رمز ولا مرجعية.
- بلا رأس يفكر ويقود وفق خطة وبرنامج عمل محدد ومرسوم.
- وبلا رمز يكون قدوة ونموذجا تلتقى عنده وعليه إرادة الأمة فتقتدي به وتمشي خلفه وتترسم على الدرب خطاه.
- وبلا مرجعية تصحح المسار وتوجه الركب، وتكشف مواضع الزلل والخطر وتزيل اللبس وترفع الخلاف عند الخصومة والتنازع.
- مصيبة الأمة تكون بلا حدود حين يستخدم الدين بواسطة علمائه مطية لسلطان جائر.
- الدين جاء في الأصل ليحرر العباد، فإذا برجاله وعلمائه يحولونه إلى سند شرعي للظلم، وظهير ديني للظالم ضد المقهورين، وتأتى كلماتهم البائسة من فوق المنابر خنجرا في خاصرة وقلوب المظلوم، ولتشكل خيبة أمل لكل المقهورين حيث ينتظرون من هذه الجهة عدلا وإنصافا، فإذا بها تسوغ للظالم والدكتاتور ما يفعله، وتصبغ فعله المشين بالمشروعية، وتضفى عليه حب أهل الأرض والسموات كما صور خطيبهم.
- العبث هنا ليس بعقول الناس فقط، وإنما هو بالقيم العليا التي يحملها الإسلام كرسالة ربانية المصدر، وإنسانية الغاية والهدف، ومن ثم يكون قول الخطيب امتهانا لما يجب أن يصان، وصرفا للناس عن طرق الهداية، وصدّا عن سواء السبيل.
- كلمة العالم حين ينطقها هنا -وعلى المنبر بالذات- ليست صوتا وحروفا تخرج من فمه وانتهى الأمر، إنما هي إما أن تكون مضادا حيويا يقتل في عقول الناس وقلوبهم وأخلاقهم كل جراثيم الوضاعة والمعصية وفقدان المناعة، ويسمو بهم روحا وخلقا وإرادة وهمة ومهمة، وإما أن تكون هي ذاتها جرثومة للاستبداد والطغيان والقهر، تمهد ظهور الشعوب للانحناء وقبول المذلة والخنوع المهين، وتسلب من البشر أغلى وأعلى ما يمتلكونه في دنياهم، وهو الحرية والعزة والكرامة الإنسانية التي خلقهم الله مزودين بها، فإذا بهذا الشيخ يسرقها منهم وينتهك فطرتهم وسيادتهم بكلماته ليحولهم في نهاية الأمر إلى أسرى وموال لا يملكون من أمر أنفسهم شيئا.
- وأراد صاحبنا أن يخفف من وقع الكلمات علينا، فقال: أعرف أن الأمر ليس جديدا، وأن التاريخ فيه كثير من الصفحات السوداء احتوت مثل هذا الفعل الفاضح في عصور الانحطاط المختلفة.
- وأعرف أن أحدهم قال مثل هذا وزاد عليه: أن الأخبار تواترت بالتأييد للحاكم وانقلابه. وأن أحد المنتسبين للأزهر في (زمن الرمادة السياسية والعلمية) تجاوز كل الحدود في أم الدنيا -وخرج على إجماع الأولين والآخرين، القدامى منهم والمحدثين- وفتح من جديد باب الاصطفاء للنبوة والرسالة، وقال إن الله بعث لمصر رسولين هما "عبد الفتاح السيسي ومحمد إبراهيم" كما بعث موسى وهارون.
- التشبيه لا يعكس فقط قدرة عقل صاحبه في النفاق المفضوح واختلاق الأكاذيب، وإنما يعكس جرأة صاحبه في الفرية على الله، وجسارته في إعلان ذلك على ملأ من البشر، وأمام عدسات النقل المباشر، وتلك كارثة اجتماعية تتجاوز كل الخطوط الحمراء، وتسبب للمجتمع على المدى القريب والبعيد خسارة فادحة، حيث تتحول المرجعيات الدينية في نظر الناس إلى مجموعة من مرتزقة الفكر والثقافة، الذين يأكلون على كل مائدة، وينوحون في كل مأتم، ويرقصون في كل فرح.
- وشيوع هذا النموذج وانتشاره يهدم في عمق المتلقي قيمة عالم الدين، ويحوله إلى مجرد سمسار أو تاجر بالقطعة يقوم بتوصيل المطلوب على عنوان الزبون صاحب السلطة مهما كان بعيدا حتى ولو كان في سواء الجحيم.
- واستطرد صاحبنا المستفز قائلا: في زمن الرمادة تسقط رؤوس ورموز كثيرة، وتفتضح عقول ونفوس أكثر، ومع كل سقوط تتهاوى شخصيات كان البعض ينظر إليهم على أنهم قامة وقيمة وقوّامون يهدون بالحق وبه يعدلون.
- غير أن الثورة كانت فاضحة، وكشفت كل هؤلاء لأمر يعلمه الله وحده دون سواه.
- العبث الثقافي والديني المشار إليه سلفا كان كله رخيصا ومستقبحا، لكنه كان بعيدا عن المنبر، وفي أماكن ومناسبات تعود الصغار من خدام السلطة وعشاق الظهور أن يكيلوا فيها مدحا فارغا لسيدهم، ومن ثم فما قيل قد كان انتهاكا للحق والحقيقة في حفل تخريج أو حفل تهريج.
- بينما الجديد في كارثة خطبة الأضحى أنها لم تكن انتهاكا للحق والحقيقة فقط، وإنما أضافت إليها انتهاكا لرمزية المكان وقدسية الزمان أيضا.
- انتهاك رمزية المكان يتمثل في "القول الفضيحة" من فوق منبر مسجد يعرف الخطيب نفسه أنه لا يجوز أن يقال فوقه إلا ما يرضى ربنا، وألا يعظم فيه إلا صاحبه "قال الله تعالى" {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدا} (الجن 18).
- أما انتهاك قدسية الزمان فالمناسبة "عيد الأضحى" وهو عيد أقبل فيه نبي كريم على ذبح ولده امتثالا وطاعة لأمر ربه، وكاد يفعل لولا تدخل القدر بشهادة الله للوالد والولد بأنهما أسلما.
- شهادة الحق للوالد بأنه أسلم ولده لله، وللولد بالطاعة والامتثال وإسلام النفس لله أيضا، ومن ثم فالسياق هنا يمثل أعلى مقامات الصدق في الاستسلام لله، وأعلى تجليات التضحية والفداء في سبيله سبحانه، فهل هذه مناسبة يصح فيها أن نهبط بالناس من هذا السمو وأن نخرج عن هذا السياق العظيم لنروج إشاعات مكذوبة ونشهد شهادة زور وبهتان ومن فوق منبر؟
- لم ينس ذلك الشخص الذى جاء يجرحني أن يعرج أيضا على ما يقال في مصر حول الأضحية، وكابوس الرجل الصالح في رأي فاطمة ناعوت، وأن يذكرنا بالشاب العلماني حامد عبد الصمد الغيور جدا على أصنام الجاهلية، والغاضب جدا من تحطيمها في فتح مكة، وأنه من شدة غضبه على أصنامه التي تحطمت قديما سيؤرخ للفاشية الإسلامية بفتح مكة.
وعرج صاحبنا المستفز أيضا على أقصر وأسرع حجة في تاريخ البشرية، وهي حجة الوزير ورئيسه محلب، وانتفاضة الأزهر ومجمع البحوث ودار الإفتاء وسباق البيانات لحسم الجدل الذى دار حول صحة تلك الحجة أو بطلانها، وكأنها حجة الوداع التي يتم بها كمال الدين الجديد، ويكتمل بها صحيح الإسلام المعاصر، وتأخذ عنها الدنيا كلها كيفية أداء المناسك بسرعة البرق لتوافق مقتضيات الحداثة الدينية في القرن الواحد والعشرين!
- وعن حديث وزير للثقافة "المثقف جدا" حول الفروق الجوهرية والفلسفة الإشراقية والإسقاطية بين الرقص الشرقي ورقص الباليه، وكيف يحقق الأخير ارتفاعا عن الأرض وسموا في الروح وصعودا إلى أعلى رغم عري الراقصة!! وحديثه أيضا عن مظاهر التخلف المتمثل في حجاب المرأة المسلمة، وأنه يفخر أن زوجته المصونة ليست محجبة، وكذلك المرحومة ابنته لم تكن أيضا من هؤلاء المتخلفات!
- أصر الشيطان المستفز أن يسرد أخبارا غير سارة عن أم الدنيا، وأنها تعيش في عام الرمادة. وأحسست بالضيق والضجر من حديث صاحبنا، ثم قلت له: نحن في أيام عيد ولدينا هنا ما يكفينا من الهموم، من فضلك كف عن هذا اللغو والبؤس، فأنا أحبها وأحبه، فقال متسائلا: من هي؟ ومن هو؟
- قلت: تربت يداك.. هي مصر.. وهو الأزهر الشريف يا هذا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.