كشف الدكتور نجيب غلاب – أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات- عن مخطط يجري الإعداد له للاستيلاء الكامل على الدولة وشرعنة أفعال الميليشيات وفرض إرادتها على الجميع، موضحاً أن المخطط تدير قيادات وأطراف فاسدة في المؤسسة العسكرية وبدعم خارجي. وقال إن الحديث عن مجلس عسكري في قاعة البرلمان مؤشراً واضحاً أن العملية السياسية وصلت إلى أفق مسدود وأنها لم تعد سوى مدخلا لفرض الهيمنة الحوثية وحمايتها لن يكون إلا بمجلس عسكري كما هو واضح من طرح سياسي مخضرم كالنائب جباري. وأضاف غلاب في حديث خاص مع «الخبر» إن «تشكيل مجلس عسكري لم يعد فكرة يتم تداولها في دوائر ضيقة بل اصبح مطلبا شعبيا ومطلبا من قبل اعضاء النخبة اليمنية بكافة أطرافها وتناقضاتها بل ان المجلس العسكري اصبح خيارا مطلوبا حتى من قبل كارهي العسكر»، معتبراً أن دعوة البرلماني جباري واضحة وتعبر عن تيار واسع في اليمن. وأوضح أن الانهيار الذي أصاب مفاصل الدولة وفقدانها لأي هيبة والإهانات المتلاحقة التي أصابتها في مذلة لم يحدث حتى لدى الدول التي غزاها عدو خارجي، مردفاً: إن «تحكم الميليشيات وغزوها المنظم للتحكم بالمجتمع و الدولة في اليمن وعنجهيتها في فتح جبهات صراع منهكة لأي امل في الخروج من المعضلات أو تنفيذ ماتم الاتفاق عليه كل ذلك يبدو لي انه فرض اجماع غير معلن بضرورة تدخل القوة القسرية لضبط هذه الميوعة السياسية التي افقدت الدستور والوثائق السياسية الموقع عليها». ووصف الدولة – في ظل كل مايحدث- بأنها جهاز بلا كرامة لا يمثل الشعب وإنما أداة بأيدي بنية عصبوية ميليشاوية مذهبية قاسية وطامحة، منوهاً بأن تلك المليشيات تحركها مصالح خارجية ايرانية وغير ايرانية وهذه القوة القسرية المنقذة ليست إلا المؤسسة الأمنية والعسكرية. وأرجع غلاب أسباب قبول الأغلبية بتشكيل مجلس عسكري إلى «التدهور المعيشي الذي يزداد يوميا والاقتصاد الهش والعزلة الخارجية التي تعيشها اليمن ناهيك عن الاحباط الشامل لدى الشباب والاضطرابات التي تهدد الحد الأدنى من السلم الاجتماعي والخوف الشعبي من الصراع الطائفي والقبلي والمناطقي الذي يبعثه الحوثي يوميا ويحاول ان يزين الدمار عبر دعايات سوداء ضد الخصوم وضد الكل باعتبارهم خونة وتابعين للأجانب والكل فاسد ما عداه». وأشار إلى أن الفساد المركب الذي تعيشه اليمن بعد سيطرت المليشيات جعل اليمن تبدو كضيعة تديرها جماعة بلا مشروع وطني وإنما مشروع مذهبي مناطقي لا علاقة له بالزيدية وإنما بالأوهام الخمينية التي استولت على عقول وقلوب فئة ضآلة مسكونة بالهموم الايدولوجية وبتحيزات فئوية تؤسس لها عقائد تتنافى مع الطموحات اليمنية بتأسيس دولة قوية حديثة. وأردف أستاذ العلوم السياسية: «من الوضح أن الطرح الذي يتحدث عن تشكيل مجلس عسكري يحظى بالقبول الشعبي والجميع ينتظر حركة منظمة تعيد ترتيب الاوضاع دون أن يحدث خلل في المسارات السياسية المتوافق عليها وهذا لن يكون الا عبر قوة صارمة وقسرية قادرة على ضبط الاضطراب الذي تعيشه البلاد وتملك الطاقة الكافية لمواجهة الانفلات الامني وهيمنة المليشيات ونشرها للفوضى في ارجاء الجغرافيا اليمنية». وأبدى الدكتور غلاب استغرابه من عدم استيعاب الخارج لأخطائه في دعم مسار سياسي ينهار يوميا ورغم إصراره على هذا المسار إلا أنه لا يتحرك لحمايته بل لخدمة الأفعال المدمرة لهذا المسار. واتهم غلاب أطرافا – لم يسمها- بمد الحركة الحوثية بالخطط لإفشال أي تحرك لإنقاذ البلاد، لافتاً إلى أن الأخطر أن الحوثيين ومعهم أطراف مدعومة من الخارج تخطط أيضا للاستيلاء الكامل على الدولة وشرعنة أفعال الميليشيات وفرض إرادتها على الجميع. وأفاد بأن ذلك المخطط ينفذ من خلال تفكيك الجيش والأمن وتصفيته، ثم التخطيط لانقلاب عسكري تديره الميليشيات والأطراف الانتهازية الفاسدة في المؤسسة الأمنية والعسكرية، مضيفاً: «وهي يوميا تنفذ عناصرها في المفاصل الأمنية والعسكرية للإعداد لانقلاب شامل على الجميع». وتابع غلاب حديثه ل «الخبر» مؤكداً على أن ذلك الأمر بحاجة إلى تشكيل مجلس عسكري متوازي مع العملية السياسية بحيث يتمكن المجلس من بناء الشرعية ودعمها والوقوف أمام المخططات الحوثية التي ترسم في طهران، مشيراً إلى أن الأوضاع وصلت إلى حد الإنهيار ولم يبق إلا السقوط، وأن أي عملية سيقوم بها الحوثيون ليست إلا الختم الذي سينهي دولة اليمن. وطالب القوى السياسية أن ترتب صفوفها استجابة للمطالب الشعبية وبما يقوي من الدولة وينهي هذا الصراع الذي يأكل الدولة بشراهة وحش متمرد فوضوي لا يمتلك غير الرغبة في الموت والصراخ في وجه الجميع.