قال مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، اليوم السبت، إن عمّان وافقت على دفن طارق عزيز، نائب رئيس وزراء العراق ووزير خارجيته في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، داخل الأراضي الأردنية. وفي إجابة مختصرة عن سؤال لمراسل "الأناضول"، حول موافقة الأردن على دفن عزيز بأراضيه، اكتفى المصدر الحكومي الأردني الذي طلب عدم ذكره اسمه، بالقول "نعم تمت الموافقة على دفنه في الأردن". في سياق متصل، قال السفير العراقي في عمّان جواد هادي عباس، "أبلغنا الحكومة الأردنية بموافقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على تسليم جثمان طارق عزيز لأهله في الأردن، بشرط أن لا يتم له أي مراسم تشييع أو مظاهرات أو ترديد شعارات أو هتافات من المطار إلى المقبرة المخصصة لدفنه (لم يحدد أياً منهما)" معتبرا أن موافقة رئيس وزراء بلاده على دفن عزيز في بلد آخر، "مظهرا من مظاهر الديمقراطية"، على حد تعبيره. وأعلن يحيى الناصري محافظ "ذي قار" جنوبي العراق، أمس الجمعة، عن وفاة طارق عزيز، الذي شغل منصب وزير الخارجية، ونائب رئيس مجلس الوزراء، في عهد نظام الرئيس السابق صدام حسين الذي أطاح الاحتلال الأمريكي بحكمه عام 2003. توفي طارق عزيز، نائب رئيس وزراء العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، "بعد تردي حالته الصحية" في أحد السجون العراقية، حسبما أعلنت وزارة العدل. وكان عزيز الرابط بين صدام حسين والعالم . والتقى عزيز، الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة، والمفاوض المتمرس، وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر في جنيف في التاسع من يناير/كانون الثاني 1991، قبل ستة ايام من انتهاء مهلة الأممالمتحدة للعراق للانسحاب من الكويت، التي غزاها الجيش العراقي قبل خمسة خمسة أشهر. وعلى الرغم من أن الاجتماع استمر لمدة أطول بكثير مما كان متوقعا، لم يؤد إلى حل للأزمة. وبعده قال عزيز "عندما يتعلق الأمر بالعرب، تلوحون بالعصا، وقد سئمنا سياسة المعايير المزدوجة". ورفض عزيز تسلم رسالة من الرئيس الامريكي في ذلك الوقت جورج بوش إلى صدام حسين، قائلا إن لغتها ليست لائقة للتواصل بين رئيسين. وعندما سئل عما إذا كان العراق سيهاجم اسرائيل حال وقوع حرب في الخليج، أجاب "أجل، بالتأكيد نعم". وكان طارق عزيز المسيحي الوحيد في مجلس الوزراء العراقي. وولد شمالي العراق بالقرب من الموصل. وعندما كان في العاشرة، انتقلت أسرته إلى بغداد حيث تلقى تعليمه. وعمل عزيز كمدرس للغة الإنجليزية. وانضم ايضا إلى حزب البعث وشارك في الدعاية البعثية بعد الانقلاب البعثي عام 1963 والذي دام عشرة أشهر. وعندما تولى البعث السلطة عام 1968 أصبح رئيس تحرير صحيفة الحزب ثم وزيرا للإعلام. وقبل ذلك لعب دورا كبيرا في صعود صدام حسين، وفي عام 1983 عينه صدام وزيرا للخارجية. وخلال حرب العراق مع إيران تمكن عزيز من ضمان تعاطف الغرب مع العراق. وبعد غزو الكويت في اغسطس/اب 1990، عندما كان العراق في عزلة شبه تامة، تمكن من التفاوض والتوصل إلى اتفاق مع إيران. وفي اجتماعات مع الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار ووزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، استمر في تأكيد أن الكويت جزء من العراق، وأن أي مفاوضات يجب أن تشمل القضية الفلسطينية. ودافع عزيز عن سياسة صدام حسين الخاصة بإبقاء رهائن غربيين في المنشآت الاستراتيجية. وأطلق على عزيز الوجه المتحضر للنظام البعثي غير المتحضر. وبشاربه الكثيف، كان عزيز يشبه بصورة طفيفة الممثل غروشو ماركس. وكان عزيز دمثا وله حس فكاهة، ولكنه كان كثير الجدل أثناء المفاوضات. كماكان عزيز من المطيعين لصدام، وكان يثق في آرائه. وفي 19 مارس/اذار 2003 وردت تقارير من العراق أن عزيز قتل بعد إطلاق النار عليه وهو يحاول دخول كردستان العراق. وانتهت الشائعة سريعا عندما نظم عزيز مؤتمرا صحفيا قال فيه إنه بخير. وبعد سقوط صدام، نهب منزل عزيز، كما سرقت منه كل الوثائق التي تشير إلى جرائمه. واستسلم للقوات الأمريكية في 24 إبريل/نيسان. وكان عزيز في المرتبة 43 بين 55 من القيادات العراقية المطلوبة من قبل الولاياتالمتحدة بعد سقوط بغداد عام 2003. وقبل غزو العراق، زعم عزيز إنه يفضل الموت على أن يكون اسير حرب لدى الولاياتالمتحدة. وكان عزيز متزوجا من عراقية مسيحية ولديه ثلاثة أبناء.