من حق الشعوب الإسلامية، الشعور بروعة العيد، والإبتهاج بفرحته، وتبادل تهانيه. لكن هذا الحق، في ظل معانات بعض شعوبها، قد يبدو دليلاً على وجود نوع من الإلغاء الوجداني لمشاعر من يقوم بذلك، بسبب قدرته على تجاهل أوجاع حادة، في أعضاء الجسد الإسلامي (سوريا، اليمن، العراق، فلسطين، مصر، ليبيا، غيرها) وعليه فلن يكون بمقدور بقية الجسد الذي لم يمسه الضر، الشعور بتلك البهجة التي هي حقٌ من حقوقه، وديناً عليه أن يمارسه. يتضح شيء من قسوة هذا الضُر، إذا حاولنا الإقتراب بأفكارنا، من معاناة تلك الشعوب -بدون الخوض في جدلية من(المخطئ، والمصيب) ولا تصنيف(نظام، وثوار)- لأن ما أريده، هو الحديث عن معانات الناس كبشر، آباء وأمهات القتلى، نسائهم، أطفالهم، ذويهم، من أي جهة، ومن أي صنف، لعل أهم المعاناة التي حرمت تلك الأسر من ابتسامة العيد، تتمثل في الآتي: مجموعة: فقدت عائلها، أو عزيزاً عليها . آخرون: من يعولهم أو العزيز عليهم، عالقاً بين الحياة والموت، أو يعاني عجزاً من نوع ما. آخرون: غاب عنهم العائل أو العزيز(سجن، إخفاء قسري، الهروب من ملاحقة غير قانونية، أو في جبهات القتال، وعودة جثته هي الغالب). آخرون: غاب عنهم رغيف الخبز، وستر الحال، لتعطل العائل عن العمل. آخرون: رحلت عنهم الرفاهية، وغدت ذكرى، لأنهم فقدوا كل مقوماتها. آخرون: وجدوا أنفسهم في العراء، ليس لهم أدنى مقومات العيش. وتتجلى أقسى هذه المعاناة، حين تجتمع كلها في أسرة واحدة، بتفاصيل يعجز العقل عن تخيلها. لعل أحسن الأسر حالاً، هي تلك التي لازالت تقاتل بشراسة، وتواجه بعنف، ليس على جبهات القتال، بل في مواجهة مع مآسي الأزمات المعيشية المختلفة، التي يصير العيش في غيابها في هذا العصر مُستحيلاً. في ظل وضع كهذا، وبدون الوقوف إلى جوار هذه الأسر، تبدو مطالبتتها بتناسي هذه المعاناة، أمراً صعب المنال، وستبدو رسم ابتسامة العيد على صفحات وجوهها المفجوعة، مجرد خربشات، وسيكون هذا الحال مُخالفة للفطرة، وظلماً بحق مشاعرهم وإنسانيتهم. لذلك فأقل واجبٌ على من لم يمسه الضر، هو الوقوف إلى جوار المكلوم، بما يساعده على التعايش مع معاناته، لعله يشعر بشيء من فرح هذه المناسبة. كلمة لابد منها. لن أخوض جدلاً، مع الذين يُعيدون سبب ما يجري في الشعوب المكلومة، إلى أنها بطرت معيشتها، لأني سأكون عاجزاً عن إقناع هذه النوعية من الناس، لأنهم يتميزون بذاكرةٍ قليلة المساحة، بطيئة العمل، صعبة التذكر، لذلك فهم لا يفكرون سوى بحاضرهم، ينسون الماضي، ويعجزون عن تخيل المستقبل. هذه النوعية يدرك طريقة تفكيرها النظم الاستبدادية، بل هي نتيجة لطريقة حكمهم، هذه الفئة يُحبها أولائك الحكام، لأنهم يحكمونها بطريقة الخيارات (سيئ، أو أسوأ) لإداركهم أنها عاجزة عن الخروج من دائرة خياراتهم السيئة. هذه الفئة عاجزة عن المطالبة بخيار(الأحسن) الذي هو في الأساس حقٌ من حقوق الشعوب، وواجبٌ من واجبات الحاكم على الشعب، لكنه حقٌ له ثمن، وثمنه لا يؤجل، وتلك الفئة تتهرب من دفع الثمن، معتقدةً بأن قبولها خيارات الحاكم، لا كلفة عليه، دون أن تدرك أنها تدفعه مرتين، مرة من كرامتها، ومرة من معيشتها . [email protected]