منذ بدايتي للعمل السياسي أصابتني خيبات أمل عديدة ومتلاحقة، فكانت البداية عند انضمامي لحزب المؤتمر الشعبي العام لتأييدي خط الوسط القريب من الجميع ومنذ تلك الخطوة بدأت الخيبات تتوالى، أولها عند رؤيتي إختيار الفاسدين في الإنتخابات البرلمانية، ثم نكث علي عبدالله صالح لعدم ترشحه للإنتخابات الرئاسية 2006م لأني أعتبرت ذلك تأسيسا للتداول السلمي للسلطة داخل المؤتمر ولليمن بهدف صناعة قيادات جديدة ليكون أول رئيس يمني وعربي يقوم بتلك الخطوة التي ستخلده في أنصع صفحاته أسوةً بالرئيس الأمريكي جورج واشنطن، وتلى ذلك الإعلان الكارثي لسلطان البركاني عن مشروع تعديل دستوري تحت مسمى (كسر العداد) والذي أصابني بخيبة أمل كبيرة وعظيمة، لتأتي ثورة التغيير كتداعي لذلك القرار (الأرعن)، وكنت حتى اللحظة الأخيرة متمسكا بالمؤتمر حتى حدثت جمعة الكرامة فقررت الإستقالة منه، لعدم إمكانية الإستمرار في تنظيم سياسي تلطخ بالدماء بغض النظر عن الطرف الذي قام بذلك العمل الشيطاني، ففي أسوأ الاحوال تظل الحكومة بيد المؤتمر وهي المسئولة عن حماية المتظاهرين وتقديم الجناة للقضاء ولم تقم بذلك حينها! ومع إنضمامي لثورة التغيير إنتقلت خيبات آمالي، فبعد يومين فقط أعلن علي محسن -مع بقية فاسدي نظام صالح- إنضمامة لها، وذلك آثار سخطي لدرجة أني فضلت عدم الرمي بكامل ثقلي فيها حتى تتضح الرؤيا مع إستمرار دعمي لها بضرورة التغيير وإسقاط النظام أحادي القطب، فمن خلال نظرتي وإيماني التي أتمسك بها حتى اللحظة فأني أرى ضرورة تغيير نظام الحكم الرئاسي والمركزي إلى نظام برلماني غير مركزي. حتى تم التوافق على هادي وباسندوة، وهما شخصان جنوبيا وسيكونان خير من يقودان اليمن الجديد نحو الدولة المدنية الحديثة التي نطمح لها، فكانت خيبات أملي تتابع، بدايةً بهادي الذي صعد ونام وترك إدارة الدولة لولده جلال وكأننا في نسخة فاشلة لأحمد علي، ثم توالى الفشل وتهديم الدولة وضرب علي محسن والإصلاح بأنصارالله وتفكيك الجيش وصمته عن القاعدة وإستهدافها للقوات المسلحة لنصل إلى ما نحن فيه، وأتت حكومة باسندوة لتضاعف خيبات الأمل من ناحية الفشل وتضاعف الفساد فيها عما كان في عهد صالح ودون رقيب أو حسيب وكله تحت غطاء الفترة الإنتقالية والمبادرة الخليجية، ولم نرى لها أي برنامج للتوافق الوطني -المسمى الذي تسمت به- بل كانت تعمق الشرخ المناطقي شيئا فشيء بالتعيينات الفاشلة من منطلق مناطقي بحت! ومنها أتت مطالب شعبية لإسقاط حكومة الفشل والفساد الوطني، ولم أرى أن تلك المطالب أتت من أنصار الله حينها لأنني رأيت وعرفت وشاهدت عن كثب فشل هادي وباسندوة وضرورة تدخل قوة لتصحح ذلك الخطأ بتغيير الحكومة بحكومة كفاءات، وإسقاط جرعة الأسعار لأن حكومة باسندوة لم تعمل مافي وسعها كي تطالب بالشعب أن يقدم مافي وسعة بالقبول برفع أسعار المشتقات النفطية ونحن في فترة إنتقالية! ومنها أيدت مطالب الحوثي حينها وهو إسقاط الحكومة والجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار لأصاب بخيبة أمل جديدة وهو إنقلابهم عن التوافق بل وعلى مخرجات الحوار وإتفاق السلم والشراكة بل ومحاولتهم لإستحواذ الدولة! فوقفت ضد ذلك لإطلاق كل من كانوا تحت الإقامة الجبرية وفي مقدمتهم خالد بحاح لأن هادي جربناه وعرفت أنه من أوصلنا إلى ما نحن فيه من خلال تسليم المعسكرات والسلاح للحوثي وبيعه للقشيبي ومباركة الحوثي عند سيطرته على عمران وذهب تحت حمايتهم لمصافحة أبوعلي الحاكم! وبعد مشاركتي ودعمي لإطلاق سراح بحاح وتحركنا في إطار المجتمع وعن طريق حزبي (العدالة والبناء) أصبت بخيبة أمل بعد ذلك عن طريق إلتحاق بحاح بالخائن هادي في عاصمة العدوان الرياض! بل وقبوله بمنصب نائب رئيس الجمهورية وذهبت مناشدتي -له عبر كتاباتي وما حاولت إيصاله- بعدم القبول أدراج الرياح. وبعد ذلك لازلت أتلقى الضربات تلو الضربات ومن تلك الضربات كانت من الحزب الذي أنتمي له، عن طريق معرفتي بمن ذهب إلى الرياض ليكسب مالا ومناصب ليخسر نفسه ووطنه، أو يلتحق بشرعية الخائن هادي! ولازلت مع قلة قليلة من قيادات الحزب الثابتة على رفض العدوان السعودي ورفض ما قام به الحوثي وصالح بعدوانهما على المحافظات الجنوبية وتعز والتمدد، وإعلانه الدستوري أحادي الجانب وترك التوافق في إعلان مجلس رئاسي ومجلس وطني وحكومة وطنية يشارك فيه الجميع ودون وصاية من أي قوى داخلية أو خارجية. وما سبق ذلك من إنقلاب عن المبادئ التي بدأناها سوية وعملية السير بعقلية تقليدية تربوا عليها لعقود -إلا من رحم-، ومحاولة الإستئثار بالمناصب والترشيحات دون أي معيار وعدم إلتزام بالنسب المعروفة والمفروضة لإشراك غيرهم من القيادات الشابة والنسوية بحسب الكفاءة، ومصارعتي لذلك مع قلة قليلة من الشباب الذي تناقص عددهم في النهاية لأكتشف في النهاية أن الجميع عادوا للعقول التقليدية ليقدموا لهم فروض الولاء والطاعة والمعلومات المغلوطة مع كيل الإتهامات ضدي ومن معي، بالرغم من تركي لمناصب تنظيمية لإتاحة الفرصة للبقية، وترشيحي لاسماء غيري منذ البداية بغرض إثبات المصداقية ولكن لا فائدة! وكل ذلك أتى لإحساسي بالمسئولية كقيادي شاب يطمح في التغيير نحو الأفضل لا أكثر وبمشاركة الجميع. كما لا يفوتني أن أذكر خيبات آمالي التي أتت من مصر وسوريا وليبيا وتونس وإنبهارنا بثورات الربيع العربي التي أكتشفت إنها ربيع عبري صهيوني لتدمير البلدان العربية، وأيضا من تركيا بعد أن كنت أرى رجب طيب أردوغان كرئيس وطني إستثنائي أقام حزب يمسى (العدالة والتنمية) فكانت مشاركتي بتأسيس حزب يمتلك نفس نظرته في البناء ونشر العدالة، وها أنا أراه الأن كرئيس صهيوني أدى دورة بإيجاد وأدعى ماليس فيه لنغتر به ليسقط القناع وظهرت حقيقته في سوريا، ولو ظل مهتما بشئون دولته والمشاركة (بالخير والإصلاح) كان خيرا له من المساهمة في تدمير بلدان عربية في الشام. ومن تلك التجارب وصلت إلى نتيجة واحدة مفادها لابد من إصلاح الأمور بنفسي فلا وجود لمهدي منتظر، ولم أعد أراهن إلا على نفسي، ولازلت مستمر في طريقي رغم التثبيط والسلبيات، وسأستمر كوني صادق مع نفسي راجيا رضى الله، وأنا على يقين بأنه سينير طريقي ويمدني بالقوة والتوفيق والسند والعزيمة، فما أريد إلا الإصلاح ما أستطعت. المصدر | الخبر