بالرغم من تشاؤم المتشائمين، بان فوز جناح الاصلاحيين لا يعدو أن يكون تجميلا للصورة ، ولا يمسها من الداخل، فان نجاح روحاني مرشح الاصلاحيين ،ومن المرة الاولى وحصوله على اصوات حوالي "18" مليون ناخب من أصل "35" شاركوا في الانتخابات والاحتفالات التي صاحبت هذا الفوز المدوي، يؤشر أن ايران دخلت مرحلة جديدة. تشاؤم المتشائمين يعود لسببين في اعتقادنا وهما: قناعة كثيرين بأن التغييرالحقيقي لن يحدث ، لان كل شيء في ايران خاضع لارادة ومشيئة المرشد الاعلى "ولاية الفقيه".. ومن هنا .. ما كان لروحاني ان يفوز أو بالاحرى ليترشح لولا موافقة خامينئي . ثانيا: ان تجربة الاصلاحيين وبالذات الرئيسين خاتمي ورفسنجاني، وهما من رموز الاصلاح ، كما يحظى الرئيس خاتمي بمكانة محترمة في ايران والخارج، ويرقى باطروحاته الفكرية الى مرتبة المفكر، لا تجعلنا متفائلين، فلقد تمت محاصرة الرجلين، وافشال قراراتهما بواسطة القوى المحافظة التي تسيطر على مفاصل القرار في ايران وعلى المؤسسة التشريعية، ومرتبطة مباشرة بالمرشد الاعلى. الوجه الاخر للصورة يلفت الانتباه، ويؤشر الى امكانية أن يكون خامينئي وراء هذا الفوز وان كان بصورة غير مباشرة، لأنه لم يعترض على ترشيح وروحاني ، خاصة وانه ممثله في مجلس الامن القومي ، وهذا يعني ان خامينئي معني بتحسين صورة ايران في الخارج، وتخفيف الحصار عليها، من خلال قيام روحاني بفتح حوار مع الغرب وأميركا والقوى التي تدور في فلكها. ومن هنا كانت ردود الفعل الغربية والاميركية على وجه الخصوص مرحبة بهذا الفوز، معلنة استعدادها للحوار مع روحاني وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع ايران. وفي ذات السياق لا بد من الاشارة الى أن الازمة الاقتصادية التي تمر بها ايران بسبب الحصار الاقتصدي الذي فرضته اميركا وحلفاؤها عليها ، أدى الى انخفاض ملموس قي قيمة العملة الايرانية وارتفاع الاسعار بشكل كبير، دفع الشعب الايراني الى التظاهر والاحتجاج ما أسهم في هذا الفوز ، وفي فتح طريق التغيير ، اذا جاز التعبير. ومنن ناحية أخرى نعتقد أن فوز الاصلاحيين في ايران ليس ببعيد عن تأثير وتداعيات الربيع العربي التي شملت المنطقة كلها، ووصلت رياحها الى العالم أجمع. فهذه الرياح حركت المياه الراكدة في المنطقة والعالم ، ودفعت بالشعوب الى المطالبة بحقها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتداول السلطة سلميا احتكاما لصناديق الاقتراع.، وهو ما شجع الاصلاحين بالعودة الى الساحات العامة والميادين بعد نجاح الثورات العربية في مصر وتونس واليمن وليبيا، تطالب بحق الشعب الايراني في التغيير والاصلاح ، والخروج من تحت عباءة ولاية الفقيه. باختصار……فوز الاصلاحيين في ايران يشكل بداية لمرحلة جديدة، قد يترتب عليها اعادة الدفء الى علاقاتها مع الدول العربية وخاصة الخليجية، وتجميد الخلافات والتوتر مع الغرب واميركا ، بما يسمح به هامش المناورة الممنوح لروحاني، في حين لن يتغير موقف ايران المتحالف مع سوريا وحزب الله ، لان ذلك مرتبط بموقف المرشد الاعلى، والذي لن يتغير في المدى المنظور، فهو غير خاضع للمساومة والمناورة. [email protected]