يشكل برنامج التدريب الذي توفّره قوات النخبة الأميركية لقوات الأمن اليمنية، الوسيلة الأساسية التي تعتمدها إدارة الرئيس باراك أوباما لمكافحة «الإرهاب» في تلك الدولة، وذلك في محاولة منها لمواجهة تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، من دون إثارة الحساسيات المحلية. وتأتي هذه الخطة في إطار برنامج ضخم، يشمل دولاً عديدة، ويتضمن إنفاق ملايين الدولارات على تدريب القوات المحلية. لكن اعتماد هذا البرنامج في اليمن يتخذ منحى تصاعديا بطيئا، ما يعكس رغبة وزارة الدفاع الأميركية في العمل على «محاربة الإرهاب» من دون إثارة المخاوف المحلية من أن يكون البرنامج مقدمة لتوغل أميركي واسع في البلاد، وهو أمر من شأنه أن يسهم في تصاعد ظاهرة العنف المسلح.
وخلال السنة الماضية، ارتفع عدد المدرّبين التابعين لقوات النخبة الأميركية في اليمن من 25 إلى 50 عنصراً، علماً بأنّ هذا العدد قابل للتعديل بحسب الجداول المحددة لعمليات التدريب، في وقت تعمل القوات الأميركية على تقديم إشكال مختلفة من الدعم التكتيكي للقوات اليمنية، وهي تتخذ شكل عمليات برية وجوية.
ويقول خبير شؤون مكافحة الإرهاب في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» ريك نيلسون إنّ «اليمن يشكل نموذجاً لمقاربتنا المستقبلية لعمليات مكافحة الإرهاب»، مشدداً على أنه «لن يكون هناك تدخل على نطاق واسع كما كانت الحال في عهد إدارة (الرئيس السابق جورج) بوش».
ويشير مسؤول عسكري أميركي إلى أنّ برنامج التدريب الأميركي في اليمن يستهدف معالجة الخلل في العمليات الجوية والاستخباراتية والتكتيكية للقوات اليمنية، لافتاً إلى أنه يشمل كذلك تدريب الجيش اليمني على صيانة الطائرات والمنظومات العسكرية الأخرى.
ومن النادر ان يتحدث المسؤولون الأميركيون أو اليمنيون عن برنامج التدريب هذا، بالنظر إلى طابعه الحساس، كما أن المدربين الأميركيين يفضلون عدم الظهور بشكل علني. غير أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أقرّ قبل أسابيع بوجود هؤلاء المدرّبين، عندما أكد أنّ هناك «تعاوناً أميركياً يمنياً في مجال مكافحة الإرهاب» لا سيما في ما يتعلق بتدريب القوات اليمنية، مشدداً في الوقت ذاته انه لا وجود لقوات أجنبية في البلاد، باستثناء 40 إلى 50 عنصراً.
وتشير تقارير صحافية إلى وجود عشرات المدرّبين الأميركيين والبريطانيين في اليمن، مرجحة وجود هذه العناصر في المناطق الجبلية في غرب العاصمة صنعاء.
لكن العديد من الخبراء يحذرون من أنّ المساعدات العسكرية يجب أن تقترن بتوفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة اليمنية، لا سيما من خلال اعتماد برامج للتنمية تجنب البلاد صراعات مسلحة كتلك التي اندلعت مع الحوثيين في المحافظات الشمالية، وتلك المستمرة مع الانفصاليين في المحافظات الجنوبية.
ويأتي الاهتمام الأميركي في اليمن بعد تصاعد العمليات التي يشنها تنظيم «القاعدة» في هذه الدولة، التي تواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية خانقة.
وقد تبنى التنظيم، يوم أمس، سلسلة من الهجمات التي استهدفت القوى الأمنية في جنوب وشرق اليمن، من بينها هجوم على مركز عسكري في جعار (جنوب)، أسفر عن مقتل 12 شخصا بينهم 11 جنديا، ومحاولة اغتيال مسؤول أمني في محافظة مأرب (شرق).
وذكر التنظيم في ثلاثة بيانات حملت عنوان «نفي الخبث»، ان «المجاهدين قاموا بسلسلة عمليات خلال الفترة الماضية على جنود الردة في ولاية أبين (جنوب)، من بينها خمس عمليات في منطقة لودر، وعملية في منطقة جعار».
وبحسب «القاعدة» فإن المواجهات التي دارت بين قوات الامن والتنظيم في منطقة لودر في أواخر الماضي، أسفرت عن مقتل حوالى خمسين جنديا، ولم تسفر عن سقوط أي قتيل في صفوف التنظيم، بينما الحصيلة الرسمية تشير إلى مقتل 11 جنديا و19 عنصرا من «القاعدة»، إضافة إلى ثلاثة مدنيين.