تسع سنوات مرت على تفجير ال11 من سبتمبر 2001 لبرجي التجارة العالمي في نيويورك...تسع سنوات وتنظيم القاعدة يخوض حرباً مفتوحة على كل الجبهات, في أفغانستانوباكستان واليمن والعراق والصومال والسعودية... تسع سنوات استنزفت فيها القدرات المالية للولايات المتحدةالأمريكية وسقط خلالها آلاف من القتلى في أصقاع كبيرة من العالم... تسع سنوات ومازال تنظيم القاعدة يزبد هنا ويرعد هناك ويهدد ويقتل ويفجر ويواجه ويتحدى وكأنه قوة عالمية موازية للولايات المتحدةالأمريكية، لقد استطاع هذا التنظيم أن يجر العالم العربي والإسلامي إلى مربع المواجهة مع الغرب وتأثر الكثير من شباب المسلمين بأفكار التنظيم التي يقول عنها محمد بن المختار الشنقيطي: بأنها أفكار شرعية, تستخدم وسائل غير شرعية في وجود قادة شعوب متخاذلين لا يحملون هماً سوى إشباع غرائز التحكم والبقاء.. الحروب الصليبية لقد مرت التسع السنوات بالنسبة لقادة تنظيم القاعدة بسلام،وعجزت أجهزة المخابرات العالمية عن إلقاء القبض على القادة الفعليين للتنظيم, وأصبح أكثر السياح الأجانب اشد خوفاً من أعضاء التنظيم المطاردين في الكهوف والجبال والصحاري المفتوحة, والمحاربين بالطائرات الأمريكية بدون طيار, ولم تفلح أمريكا في إقناع الشعوب المسلمة بمدى خطورة تنظيم القاعدة, بقدر ما استطاعت القاعدة أن تقنع العامة بأنها تخوض حرباً ضد أمريكا التي تتزعم الحروب الصليبية في العالمين العربي والإسلامي, المشاهد هنا أن أمريكا وحلفائها يخوضان حرباً مع أناس يعتبرون أنفسهم شهداء يمشون على الأرض, يحمل كل منهم حزاماً ناسفاً فوق ظهره يفجر نفسه في اقرب لحظة يرى انه فيها مستهدف من قبل الأعداء, وفشلت أمريكا في إلقاء القبض على ابرز القادة الفعليين في بعض الدول التي يتواجد فيها عناصر ذلك التنظيم, كما هو الحال مع أبو علي الحارثي الذي قتل بطائرة دون طيار في اليمن, أو كما هو الحال مع أبو مصطفى الزرقاوي في العراق, ومثليهما الحال مع بعض قادة التنظيم في باكستان, المهم هنا أن التنظيم يبدوا لكبار الكتاب والمحلليين عصياً على الهزيمة, أو الاختفاء, وسيظل شبح رعب يجلب للأمة الإسلامية الكثير من المصائب والمشاكل. محطات الصراع اليمن واحدة من دول العالم التي ابتليت بهذا التنظيم, ولا تزال تخوض معه حرباً تصل حتى الآن إلى زهاء تسع سنوات, منذ الوهلة الأولى التي قتل فيها أبو علي الحارثي, وخسر الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة جراء الهجمات الانتحارية لأفراد التنظيم على السياح الأجانب, وهو ما جعل قطاع السياحة يشهد تراجعاً ملحوظاً في أعداد الزائرين إلى اليمن, والآن وبعد تسع سنوات من عمر هذا الشبح المرعب, نتوقف قليلاً عند آخر محطات الصراع بين الحكومة اليمنية وتنظيم القاعدة. في الثامن من الشهر الحالي تبنى تنظيم القاعدة سلسلة من الهجمات التي استهدفت القوى الأمنية في جنوب وشرق اليمن بينها هجوم على مركز عسكري في جعار أسفر عن مقتل 12 شخصا بينهم 11 جنديا، وذلك في ثلاث بيانات منفصلة نشرتها مواقع إسلامية. وأكد تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" في بياناته الثلاثة وبينها بيان تبنى فيه اغتيال نائب مدير البحث في محافظة مأرب محمد فارع، أن أياً من عناصره لم يقتل في الاشتباكات التي استمرت عدة أيام مع الجيش في مدينة لودر نهاية الشهر الماضي. هرطقات كلامية وذكر التنظيم في بياناته التي حملت عنوان "نفي الخبث" إن "المجاهدين قاموا بسلسلة عمليات خلال الفترة الماضية على جنود الردة في ولاية أبين منها خمس عمليات في منطقة لودر وعملية في منطقة جعار والتي راح ضحيتها 12 جندي بينهم موظف حكومي". وبحسب القاعدة فان المواجهات التي دارت بين قوات الأمن والتنظيم في منطقة لودر أواخر أغسطس أسفرت عن مقتل حوالي خمسين جنديا ولم تسفر عن سقوط أي قتيل في صفوف التنظيم, بينما الحصيلة الرسمية تشير إلى مقتل 11 جنديا و19 عنصرا من القاعدة إضافة إلى ثلاثة مدنيين. ومن جهته سخر مصدر امني مسئول من الادعاءات التي وصفها بالزائفة للعناصر الإرهابية فيما يسمى بتنظيم القاعدة , وقال المصدر في تصريح صحفي إن ما ورد في البيان المنسوب إلى تلك العناصر مجرد هرطقات كلامية فارغة وادعاءات ببطولة مزعومة لا وجود لها على الواقع وهي محاولة بائسة للتغطية على الهزائم القاسية التي لحقت بهذه العناصر الإرهابية الضالة خاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهت لها على يد أبطال قواتنا الأمنية والعسكرية في أكثر من مكان وآخرها ما جرى في مديرية لودر بمحافظة أبين، حيث تلقت تلك العناصر ضربات قوية بعد أن تم محاصرتها وملاحقتها في جحورها ولقي العديد منها مصرعه أثناء المواجهات معها كما تم استسلام وإلقاء القبض على العديد منهم ويجري التحقيق معهم حاليا , وأضاف "أما من تمكن من تلك العناصر من الفرار كالجرذان الخائفة يجري ملاحقتهم حاليا من قبل الأجهزة الأمنية التي لن يهدأ لها بال حتى تلقي القبض على العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم الرادع". نجاحات ملموسة وأكد المصدر بأن الأجهزة الأمنية تخوض حربا مفتوحة لاهوادة فيها ضد هذه العناصر الإرهابية الإجرامية المنحرفة التي أساءت للدين الحنيف وشوهت صورة الإسلام والمسلمين وأضرت بمصالح الوطن والمواطنين.. مشدداً أن الأجهزة الأمنية ستعمل وبكل الوسائل على استئصال شأفة الإرهاب وتجفيف منابعه وتفكيك شبكاته وهي تواصل مهامها في هذا المجال وتحرز فيه النجاحات الملموسة. وأشاد المصدر بتعاون المواطنين في محافظة أبين وفي عموم الوطن مع الأجهزة الأمنية في الاضطلاع بمهامها في الحفاظ على الأمن والسكينة العامة ومصالح المواطنين . الجدير بالذكر أن المعلومات الأولية بخصوص اختطاف نائب مدير الأمن السياسي تشير إلى عناصر القاعدة.
استبعاد القضاء على التنظيم من جهته أستبعد القيادي في تنظيم القاعدة بمحافظة مأرب (خالد الزايدي) والذي تنصل عن اتفاق ابرمه مع رئيس الجمهورية بخصوص تراجعه عن الانخراط في التنظيم, استبعد تمكن الدولة من القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن بسبب أنها أصبحت أكثر قوة من الناحية التنظيمية وتكتيكها الحربي بمقابل الوضع السيئ الذي تعاني منه اليمن في الجانب الأمني ومشاكلها مع عناصر التمرد في صعده والحراك في الجنوب. يأتي كلام الزايدي هذا في الوقت الذي قالت فيه بعض المصادر الصحفية أن هناك وجود أمريكي لتدريب القوات اليمنية على مكافحة الإرهاب, وانه زار اليمن خلال السنة الماضية عدداً من المدربين الأميركيين من قوات النخبة يتراوح عددهم بين"25-50" حالياً. ويتوقف ارتفاع عددهم وانخفاضه على جدول التدريب، لكن القوات الأميركية تقدم الآن مستوى أكثر تعقيداً يجمع بين التكتيكات الأرضية والعمليات الجوية. التدخل العسكري الامريكي ويقول الخبير في مكافحة الإرهاب من «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» ريك نيلسون أن «اليمن هو النموذج لما سيكون عليه نشاط مكافحة الإرهاب في المستقبل. ويوضح منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية دانيال بنجامين أن الولاياتالمتحدة تولي الوضع في اليمن أهمية غير مسبوقة، مشيراً إلى البرنامج الثنائي الهدف المتمثل في اجتثاث الارهابيين وإزالة أسباب التطرف أي الفقر والفساد وسوء الإدارة. وفي كلمة أمام «المعهد الأميركي للسلام» قال بنجامين أن أميركا تنوي هذه السنة تقديم مبلغ 300 مليون دولار إلى اليمن، نصفه للجيش والنصف الآخر مساعدات إنسانية وتنموية. وأشار إلى أن الرئيس اوباما يستبعد حتى الآن أي تدخل عسكري أميركي في اليمن ويريد في المقابل التركيز على بناء قدرات الحكومة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية والأمنية. وفي رأي مسئول دفاعي كبير فإن التدريب العسكري الأميركي في اليمن يهدف إلى معالجة أوجه النقص في سلاح الجو اليمني وفي التقصي والعمليات التكتيكية، كما أن هناك تدريباً على صيانة الطائرات والأنظمة الأخرى. نبأ وجود مثل هكذا قوات تدريب نفاه وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي واعتبر القربي هذه الأنباء "تسريبات إعلامية غير دقيقة" ولدواع انتخابية في الولاياتالمتحدة الأميركية، وقال في تصريح صحفي "ننفي مجددا كل الأنباء التي تحدثت عن تدخل قوات دولية في اليمن لمكافحة الإرهاب". وأضاف "إن أمن اليمن هو مسؤولية أجهزته الوطنية بالدرجة الأولى، والحكومة ترحب بأي دعم دولي في إطار التدريب والدعم اللوجستي والفني وتزويد الجيش والأمن بالأسلحة ووسائل النقل اللازمة للتصدي للعناصر الإرهابية". هل القاعدة صنيعة أمريكية؟ الرئيس علي عبد الله صالح قال في لقاء مع العلماء على مأدبة إفطار أقامها في القصر الرئاسي أن أمريكا هي من جندت وربت الإرهابيين في فترة الثمانيات من القرن الماضي لمواجهة ما وصف حينها بالمد الشيوعي، منددا بالهجمات "الإرهابية" لتنظيم القاعدة التي طالت عددا من المحافظات. وقال صالح "هم يتحدثون "القاعدة" عن الأجانب بينما هم تربوا على يد الأجانب، ويعرفون أين تربوا وتعلموا الإرهاب.. في أفغانستان عندما جندوا من قبل من يقولون عليهم الأجانب أو الولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه الخصوص، لمواجهة ومقارعة المد الشيوعي في ذلك الوقت". وأضاف مخاطبا والآن "القاعدة.. يقلقون السكينة العامة، ويقتلون النفس المحرمة ويخيفون السبيل، في حين كانوا تحركوا في مواكب إلى أفغانستان، لمقارعة المد الشيوعي". وأكد عن عناصر الجهاد التي حاربت في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي "الآن ارتدوا وعادوا ليقتلوا إخوانهم وأبناءهم وآباءهم المسلمين في باكستان واليمن والسعودية ومصر والأردن والجزائر وفي كثير من البلدان الإسلامية". الخطبة هي الخطبة واتهم صالح تنظيم القاعدة بأنه وراء عدم استتباب الأمن والقلاقل في محافظات أبينومأرب وشبوة ولحج. وقال " أخرجناهم من السجون عدة مرات بموجب ضمانات وتوعية من رجال الدين،وبعد أن قالوا أن هؤلاء أصبحوا صالحين، لكنهم عادوا مرة أخرى لإقلاق السكينة العامة، ولكننا سنتصدى لهم بكل قوة، ومعنا كل أبناء الوطن الشرفاء في كل مكان لمواجهة الإرهاب . يبقى السؤال الأهم بعد سبع سنوات هل سيتخذ النظام اليمني وسيلة أخرى يحارب بها القاعدة, ويتقي بها شرها النازل, أم أن الخطبة هي الخطبة والعيد هو العيد؟؟