يبدأ في أكتوبر الحالي سفيران جديدان للولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة عملهما في صنعاء بنقاط التقاء لافتة وتوقيت لا مجال للصدفة فيه. السبت الماضي، قدم جيرالد فايرستاين أوراق اعتماده سفيراً للولايات المتحدةالأمريكية إلى نائب وزير الخارجية خلفا للسفير السابق ستيفن سيش.
كما أعلنت السفارة البريطانية بصنعاء الأسبوع الفائت تعيين جوناثان ويلكس سفيراً جديداً لبريطانيا في اليمن خلفاً لتيموتي تورلوت، وتأتي تسمية السفيرين الجديدين اللذين تجمع بينهما الخدمة في بلدان مضطربة أمنيا وارتباطهما القيادي بسياسة مكافحة الإرهاب في الوقف الذي أولت الدولتان الكبيرتان اليمن قدراً متزايداً من الاهتمام عقب صورة مخيفة له، رسمتها حوادث إرهابية نهاية 2009، واتضح أن إرهابيين في تنظيم القاعدة يتخذون من البلد الفقير ملاذا كانوا وراء تلك الحوادث.
بين عامي 2006 و2008 شغل السفير الأميركي الجديد نائبا رئيسا لمساعد المنسق لبرامج شؤون مكافحة الإرهاب وعمل قبلها مسؤولاً مختصاً في شؤون باكستان وأفغانستان وبنجلاديش.
ومنذ التحاقه بالسلك الدبلوماسي في 1975م، خدم فايرستاين في باكستان والسعودية ولبنان وتونس وعمان وإسرائيل.
أما السفير البريطاني جوناثان ويلكس فعمل نائباً لرئيس البعثة الدبلوماسية البريطانية في العراق وأفغانستان بين عامي 2002و2009، وخلال هذه الفترة تم انتدابه ليعمل محللاً في شؤون العراق ضمن فريق التقييم في مكتب مجلس الوزراء كما عمل في وحدة سياسات العراق بوزارة الخارجية والكومنولث قبل أن يلتحق بالفريق السياسي العسكري بوزارة الخارجية نائباً لرئيس مجموعة السياسة الأمنية ثم متحدثاً إقليمياً باسم الحكومة البريطانية بالعربية. خدم ويلكس أيضاً في السودان والسعودية.
وتتجلى في سيرة السفيرين الرؤية التي صارت بريطانيا وأمريكا تعتقدانها بشأن اليمن كبلد مضطرب أمنياً أو أنه على مشارف فوضى أمنية، يتطلب التعامل معه رجالاً خدموا في مناطق مضطربة بالعنف والاقتتال كأفغانستان والعراق.
ومن جهة ثانية يعكس تعيين سفيرين متخصصين في سياسات مكافحة الإرهاب الدور المستقبلي النافذ للدولتين في اليمن لمحاربة الإرهاب بما يتضمنه ذلك من إجراءات أمنية دفاعية ووقائية تستهدف المشتبهين بالانتماء لتنظيم القاعدة.
يتظافر اختيار فايرستاين وويلكس سفيرين بصنعاء مع علاقات أخرى تشي أن تغييراً ما قد استقر في أذهان الساسة الغربيين خصوصا الأمريكيين والبريطانيين حيال الطريقة المثلى للتعامل مع الوضع في اليمن وكذا في الوسائل الملائمة لحمل النظام الحاكم على الانصياع للوصفة المعول عليها لوقف المضي بالبلاد باتجاه الانهيار.
وإن كان من تغيير فهو في اتجاه مزيد من التذمر من نظام الرئيس علي عبدالله صالح وهو التذمر الذي بدأ ينعكس في الصحافة الغربية منذ ثلاثة أسابيع. وليس من الممكن أن تكون المقالات والتقارير الغاضبة على صالح في صحف غربية مرموقة من قبيل المصادفة.
صارت معظم المقالات المنشورة في صحف أميركية وبريطانية كبيرة تصور صالح على أنه دكتاتور عليه أن يرحل. وتستخدم في الحديث عنه نبرة لاذعة ومتندرة كالتي استخدمتها سابقاً مع حكام مستبدين في بلدان إفريقيا والشرق الأوسط كصدام حسين وعيدي أمين ومحمد سياد بري.
ومن الممكن أن تكون الصحافة هذه المرة هي القناة التي يريد الغرب إيصال رسالته عبرها إلى صالح بأن درجة الرضا عنه تتهاوى ما لم ينفذ ما عليه فعله.