ما زال الوضع متوتراً في فرنسا، السبت 23-10-2010، غداة إقرار مجلس الشيوخ مشروع إصلاح نظام التقاعد مع تواصل إضراب المصافي وشح الوقود، وذلك رغم جهود الحكومة في تسهيل تنقل السكان لمناسبة عطلة جميع القديسين. فبعد ثلاثة أسابيع من النقاشات الحامية، صوت أعضاء مجلس الشيوخ مساء الجمعة لصالح مشروع إصلاح التقاعد الذي يثير حركة احتجاج اجتماعية عارمة وإضرابات، منذ أيلول (سبتمبر)، شكلت أكبر أزمة في ولاية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ومن المقرر أن يتم التصويت النهائي على مشروع الإصلاح الأربعاء في البرلمان (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، ويتوقع أن يجري ساركوزي بعيد ذلك تعديلاً حكومياً لتنشيط فريقه قبل 18 شهراً من الانتخابات الرئاسية.
ومن أبرز ما جاء به مشروع الإصلاح رفع السن الدنيا للتقاعد من 60 إلى 62 عاماً، والسن الدنيا للحصول على معاش كامل من 65 إلى 67 عاماً.
ونددت المعارضة الاشتراكية بلجوء الغالبية إلى "فرض" الإصلاح، ودعت النقابات إلى يومي تعبئة وطنية جديدين يومي 28 تشرين الأول (أكتوبر) و6 تشرين الثاني (نوفمبر)، للاحتجاج مجدداً. بينما تعول الحكومة على عطلة عيد جميع القديسين (توسان) لإضعاف الحركة الاحتجاجية. شح الوقود.. مجدداً وفي صباح السبت كانت المنطقة الغربية من فرنسا وخصوصاً بريتاني والمنطقة الباريسية الأشد تأثراً بشح الوقود الذي طال أكثر من ثلث محطات توزيع الوقود (بين 35 و38%)، بحسب وزارة الطاقة.
غير أن وزير الدولة الفرنسي للنقل دومينيك بوسيرو أشاد في تصريح لإذاعة "أوروبا 1" بتزويد "ممتاز" لمحطات وقود شبكة الطرقات السريعة التي عادة ما يتكثف الإقبال عليها في أول أيام العطل المدرسية والتي تحظى محطاتها بأولوية في التزويد.
من جهة أخرى، تحسن وضع النقل الحديدي، حيث تم السبت تسيير 8 من 10 قطارات فائقة السرعة (تي جي في) كما أن حركة قطارات النقل الدولي كانت عادية أو شبه عادية.
ولدى سؤاله عن وضع تزويد 12300 محطة وقود في فرنسا أقر بوسيرو بأنه "لا تزال هناك صعوبات"، مع تأكيد أن الوضع آخذ في التحسن.
وكانت الحكومة قالت الجمعة إن 20% من محطات الوقود على الأقل لا يوجد بها وقود، وإن عودة الأمور إلى الوضع الطبيعي تحتاج إلى عدة أيام.
ولتفادي حدوث شلل في العاصمة، أمرت السلطات الدرك بالتدخل لرفع الحصار عن مصفاة غران بوي أهم مصدر لتغذية منطقة باريس بالوقود، وذلك بعد صدور أمر بإلزام العاملين في المصفاة بالعمل بعد إضراب استمر عشرة أيام.
وتم تعليق الإلزام بالعمل الذي نددت به النقابات باعتباره انتهاكاً لحق الإضراب، بأمر من المحكمة الإدارية، غير أن السلطات عادت ليلاً لإصدار أمر إلزامي ثانٍ.
واعتبر رئيس الاتحاد الفرنسي لصناعيي قطاع النفط جان لوي شيلانسكي السبت أن عمليات الإلزام على العمل أمر لا مفر منه، مشيراً إلى أن فرنسا تستورد حالياً مئة ألف طن من النفط يومياً بدلاً من 20 إلى 25 ألف طن في الأوضاع العادية.
وبعد أسابيع من التعبئة الاجتماعية المدعومة بشكل واسع من الرأي العام، يبدو أن الفرنسيين أضحوا منقسمين، بحسب استطلاعات رأي نشرتها الصحف نهاية الأسبوع.
ومع أن 63% من الفرنسيين يعتبرون أن تواصل التحرك مبرر (بحسب معهد إيفوب)، فإن 56% (بحسب أوبينيون واي) يرون أن على النقابيين احترام تصويت البرلمان ووقف التحرك في حال تبنى البرلمان مشروع إصلاح التقاعد نهائياً.
وفي مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" السبت، دعا وزير العمل إريك فيرت إلى إنهاء التحرك بداية من لحظة تبني المشروع نهائياً "بحلول الأربعاء". وقال "حين يتم التصويت على القانون فإنه يجب تطبيقه".