في عصر يتسم بالتكنولوجيا والثورات الصناعية تزداد الأهمية للكهرباء لا كمصدر للإضاءة، بل كرافد من روافد النهضة والتنمية والإنجاز، نتمنى أن نضيئ شمعة، لكن ذلك لا يمنعنا من أن نلعن الظلام. وإذا كان المثل السائر لا يعني بالضرورة أن ينطبق على الوضع الحالي، لكن مناسبته تتجدد بوقائع وأحداث وطبيعة الحياة وتغير ظروفها. بالمناسبة فقد شغل هذا المثل حيزا في البال، مقابل الظلام الذي تشهده أحياء وسكك وشوارع المدن والانطفاء العشوائي للتيار الكهربائي الأمر الذي يتضاءل معه التفاؤل الذي تشبّعنا به. ويستمر الظلام النووي، ودون إثارة لغضب أصحاب الأعمال التقنية والورش والمناجر، أقول لهم "ساعات الانتظار املئوها بالاستغفار" والصلاة على النبي، وخير من أن تلعنوا الظلام أشعلوا شمعة أو ماطور صيني، ولا يزيد الكبر في نفوسكم عن ساكني الأرياف الحالمين بكهربا ء بالطاقة النووية، في ظل الوضع نفسه. المنافسة قائمة بين تاجر الشمع والمواطير الصينية، بارك الله في الصين ... الحقيقة ما ينجم عن ذلك الانطفاء المتكرر والعشوائي من تلف الأجهزة الالكترونية وتعطيل غيرها عن أداء الخدمة التي صنعت من أجلها هو ما يتكبده صاحب العمل من أجور عمال وحرفيين جراء الانطفاء المفاجئ. لكنه وقت له مذاقه الخاص عند بعض العمال، فمن خلال الفراغ الحاصل يجدون المتعن في الحديث ولعب الشطرنج مثلاً، ودبلوماسية السوالف حول الرياضة في بلادنا. الملاحظ أن هناك إقبالا متزايدا على شراء المولدات الصينية وخصوصا أصحاب المحلات الصغيرة، وعلى قدر الحال، لما للمنتج من مواصفات هي محل رغبة عندنا كيمنيين أصحاب عجل وخلط والأهم تولع الكهرباء! المواطن المغلوب على أمره يجهل أسباب الانطفاء، وأي سياسة تعتمد عليها الجهات المختصة من خلال "طفي لصي". في تعز الحالمة يحلمون بوفد زائر يسعدون إلى جانبه، كما لاحظوا عند زيارة الرئيس الصالح، وإذا كان الظلام قد أرخى سدوله على المنازل، وبين أكناف الأمان والراحة، إذا لابد من فاصل طويل وبعده ستعود الإضاءة، وما في مجال إلا الرضا بالحاصل فالأماكن العامة كالشوارع والممرات هي المكان الموحش والمنظر المشؤوم، وأحد الانعكاسات التي تهدد الأمن والسلامة، فإذا كان هناك محبون للنور ومنددون بغيابه، فهناك خفافيش تترقب هذا الانطفاء كعصابات النهب والسلب والأعمال الشاذة، وما شابه ذلك. لنضيئ شموع التفاؤل في صدورنا كما اعتدنا، آملين بيوم ليس ببعيد تغيب فيه السلبيات تماما، وإن وجدت تكشف أسبابها، ويسعى الجميع- بحكم الشراكة- لدراسة الوضع.
مشكلة انطفاء الكهرباء لا يخفى شأنها حتى على من في المهجر، فقد صار الانطفاء المتكرر عذرا لعدم التواصل عبر البريد الالكتروني_ مثلاً.
هل للانطفاء مبرراته؟ وهل نستطيع فهمها؟ ولماذا لا يتم تحديد وقت مناسب للإطفاء، غير أوقات العمل، بلا تعنت أو عناد (لا ضرر ولا ضرار) .
"يستطيع الفقر أن يطوف حول بيت الرجل العامل ولا يستطيع أن يطرق بابه" مثل صيني. اتبعت الصين مثلها بأن جعلت منتجاتها في أيدي الجميع، وما من شك أنه كاد أن يقرع الباب، وحال بينه وبين ذلك المولدات الكهربائية الصينية التي غطت مساحات متعددة، جراء الانطفاء. وتمكن بعض العاملين من مواصلة عملهم لكنه في الوقت نفسه عمل صيني، والحاصل كثير فأبناء الريف لازالوا قيد الحلم بساعات إضاءة، بعد أن وصلت لهم الأعمدة الخشبية بالسلامة، وصدقوني أن الأمور لازالت بخير مادامت العيون لم ترمد، وتميز بين الضوء والظلام.