القرار الذي اتخذته مصر يوم الأحد باغلاق مكاتب الجزيرة يظهر الدور البارز الذي لعبته القناة في تغطية الانتفاضات الشعبية التي لم يسبق لها مثيل ضد الحكام العرب. وكثيرا ما ضايقت مصر القناة التلفزيونية الفضائية التي تتخذ من قطر مقرا لها منذ أن بدأت البث عام 1996 لتطلق ثورة في الاعلام العربي في وجه الاعلام الخاضع لسيطرة الدولة لكن مصر لم تحاول قط من قبل إغلاق عمليات القناة بشكل كامل.
وكان للقناة دور بارز في تغطية الانتفاضة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في وقت سابق من هذا الشهر رغم أنها كانت محظورة بالفعل في تونس.
ولإحساسها بأن النموذج التونسي سيطلق حركات تقلده في أماكن أخرى لعبت القناة دورا في التعبئة في مصر أدت الى احتجاجات هائلة في الاسبوع الماضي تطالب بالاطاحة بالرئيس حسني مبارك.
وقال شادي حميد من معهد بروكينجز بالدوحة "رأت الجزيرة خطورة الوضع (في تونس ومصر)... ورأوا أنها ستكون كبيرة قبل أن يرى الآخرون ذلك ورأت أن هذه (الاحتجاجات) ستكون واحدة من اللحظات التاريخية في التاريخ العربي."
وكثيرا ما أغلقت الحكومات العربية مكاتب القناة التي ساعدت في وضع دولة قطر الخليجية الصغيرة على الخريطة وعززت مكانتها كزعيمة للدبلوماسية الاقليمية.
وتوظف قطر كدولة تملك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز موارد هائلة لدعم القناة التي أذاعت هذا الشهر مجموعة من الوثائق المُسربة تكشف تنازلات محرجة قدمتها السلطة الفلسطينية لاسرائيل في محادثات السلام.
وقالت برقية دبلوماسية أمريكية مُسربة نشرها موقع ويكيليكس في ديسمبر كانون الاول ان دبلوماسيين أمريكيين يرون أن الجزيرة هي "أداة للمساومة" تستخدمها قطر في سياستها الخارجية.
وقال عماد جاد من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان محاولة اسكات قناة الجزيرة هي المحاولة الأخيرة لنظام استبدادي يحتضر للسيطرة على الأحداث بطريقة غليظة تقليدية.
وأشار الى تحرك الحكومة لتعطيل الانترنت وشبكات المحمول يوم الجمعة في محاولة لمنع الناس من التجمع.
وتساءل جاد هل قطع الانترنت وشبكات المحمول في عام 2011 هو الحل؟. ومضى يقول انه سلوك دولة دكتاتورية تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وذكرت تقارير أن وسائل الاعلام الاجتماعية وتكنولوجيا الهواتف المحمولة لعبت دورا في تعبئة الشارع في الشهر الماضي والتي مست اليمن والاردن أيضا.
وبعد أن تجاهل التلفزيون المصري الاحتجاجات لخمسة أيام يركز الان على الفوضى التي اندلعت بعد انسحاب قوات الامن من الشوارع يوم الجمعة بدلا من أن يركز على الاحتجاجات.
وحاول التلفزيون المصري يوم الاحد تحديث نفسه كي يتماشى مع القناة القطرية التي أرست اتجاها بأن قال ان عددا قليلا من المحتجين كان في وسط القاهرة.
ولكن الجزيرة استمرت في بث صور حية للحشود في ميدان التحرير باستخدام كاميرا ثابتة في الميدان. وللجزيرة أيضا قناة مباشرة حاولت مصر منعها من البث عن طريق نايل سات الاسبوع الماضي.
وقال أحمد ضياء الدين محافظ المنيا انه كان لا بد على مصر ان تتخذ خطوات ضد هذه القناة قبل ذلك لانها أكثر تدميرا على البلاد من اسرائيل وطالب بمحاكمة مراسلي الجزيرة باعتبارهم خونة.
وقال صلاح عيسى رئيس تحرير صحيفة القاهرة الاسبوعية ان الاسلاميين الذين قالوا كثيرا انهم يسيطرون على سياسة الجزيرة التحريرية يحركهم الثأر من مبارك.
وقال ان مديري القناة يعتقدون أنهم يصنعون ثورة أولا في تونس والان في مصر.
وقناة العربية المملوكة للسعوديين أكثر محافظة في تغطيتها للانتفاضات العربية وهي أقل حركة في تغطيتها للاحتجاجات في مرحلتها الاولى وأسرع في الترويج للعودة الى الاستقرار بمجرد تقديم تنازلات.
وكتب أسعد أبو خليل استاذ العلوم السياسية في الولاياتالمتحدة على موقعه الالكتروني الذي يتمتع بشعبية ان الاعلام المصري والاعلام السعودي يحاولان تشويه الحركة الاحتجاجية.
وأضاف "جهاز الدعاية التابع لال سعود يعمل أكثر من طاقته. انهم يبذلون حقا قصارى جهدهم لتشويه الاحتجاجات في مصر." وساق تأكيدا لكلامه عنوانا رئيسيا لصحيفة الشرق الاوسط السعودية يقول "مصر تنكل بنفسها."