العليمي يستفرد بقرارات المجلس الرئاسي متجاوزا أعضاء المجلس    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    هجوم حوثي مباغت على قوات درع الوطن وسقوط قتلى وجرحى    ثورة على الأبواب...غليان شعبي في عدن يهدد بثورة شعبية ضد الحكومة بسبب تدهور خدمة الكهرباء    اشتراكي المكلا والديس يعقد اجتماعه الدوري    حماس تعلق على إعلان مصر التدخل لدعم دعوى "الإبادة الجماعية" ضد اسرائيل    بعد تصريحات حادة.. وزير الخارجية يلتقي المبعوث الأممي في عدن ويطرح عليه بقوة شرطة الشرعية للسلام    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لو كان معه رجال!    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف فرطنا في الجمهورية؟
نشر في المصدر يوم 12 - 05 - 2011

ثار أحرار اليمن في الشمال ضد الحكم الإمامي، وثار أحرار الجنوب ضد الاستعمار. وكان سبب الثورة في الشمال والجنوب واحدا وهو رفض الاستبداد والتبعية. ولكن الثورتان دخلتا عبر الصراع على السلطة في متاهة الاستبدال الذي تم بموجبه تغيير المستبد والمتبوع بدلا من التحرر الحقيقي. فصار الرؤساء أئمة غير معممين أو ملوكا غير متوجين. وصار الاستعمار دولا صديقة أو حليفة أو شقيقة عوضا عن دولة واحدة.
وخابت آمال اليمنيين في ثورتهم. وصرخ شاعرهم الشعبي في مرحلة مبكرة من عمر الثورة "يا معشر الثوار من ذي ضيع الثورة؟!". وتداول الكثيرون ذلك السؤال الموجع واستظرفوه ولكنهم اكتفوا بمصمصة شفاههم وهز أيديهم وربما توجيه الاتهامات لهذا أو أولئك من الثوار ومضوا وكأن الأمر لا يعنيهم. وكانت تلك الصرخة صيحة في واد.
لعل ثنائية الفكرة والصنم التي اكتشفها المفكر الجزائري مالك بن نبي وهو يرصد مشكلات البلاد المستعمرة بعد الاستقلال هي أفضل ما يفسر تفريطنا في الحرية. وقد لخص بن نبي يرحمه الله الثنائية بقوله "عندما تبزغ الفكرة يسقطُ الصّنم... وعندما تموت الفكرة يبرزُ الصّنم". فحين قامت ثورة سبتمبر كان هدفها الأول "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتها وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات". ولكن الصراع على السلطة بين الجمهوريين أنفسهم من جهة والحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين من جهة أخرى جعلت ذلك الهدف وغيره من الأهداف للأسف مجرد حبر على ورق. ولاشك أنه من الجحود أن نقول بأن شيئا ما لم يتغير، ولكن ذلك التغيير تم تشويهه وإفراغه من مضمونه على مدى السنين. وقد تنبه أبو الأحرار الزبيري لذلك في مرحلة مبكرة حين انتقد قادة الثورة الذين صاروا يمارسون الاستبداد الإمامي فقال في قصيدته السينية المشهورة:
والحكم بالغصب رجعي نقاومه
حتى ولو لبس الحكام ما لبسوا
إن الحرب الأهلية التي أعقبت الثورة والتي صار اليمن أثناءها ساحة للصراع الدولي ودفع الشعب اليمني خلالها أثمانا مضاعفة مقابل خروجه إلى العصر، هذه الحرب قد انتهت بالمصالحة الوطنية ومجيء حكومة مدنية –غير عسكرية– هي حكومة القاضي الإرياني. وقد كانت تلك الحكومة من حيث طريقة تشكيلها ومنهجها تمثل قفزة حضارية للشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية. وبدا أن هناك فرصة لأن تلقى فكرة الجمهورية العلاج أو الرعاية المناسبين. ولكن الأعاصير التي كانت تهب من الخارج والصراع الداخلي أقتلعا هذه النبتة قبل أن تتمكن جذورها في الإدراك والوجدان اليمني. وبدت الظروف المحلية والإقليمية والدولية وكأنها لا تسمح إلا بطريقة في الحكم ملكية أو عسكرية.. أحلاهما مرّ!
وبعد "الثورة" التي حكم باسمها المشير السلال و"المصالحة الوطنية" التي رفع لواءها القاضي الإرياني كان لابد من "التصحيح" للعقيد إبراهيم الحمدي. وهذا لا يعني أنه لم تكن هناك حاجة حقيقية للتصحيح أو أن التصحيح لم يكن جادا تماما ولكن المقصود أنه كان الى حد كبير وسيلة للحكم وليس غاية.
ولأن الحمدي جاء من المؤسسة العسكرية وحكم باسمها واستند عليها فقد كانت هذه الخلفية مصدرا مستمرا للأخطاء سواء منه باعتباره القائد أو من أعضاء مجلس القيادة –الأخطاء تبدأ صغيرة ثم تكبر. وكما كانت الخلفية العسكرية هي مصدر العيوب في حكم الحمدي فقد كان غياب الانتماء القبلي للحمدي وحكمه هو مصدر للمزايا والإيجابيات وإن كان شقيقه عبدالله هو نقطة ضعفه.
وهذا التحليل للسلبيات والإيجابيات في حكم الحمدي لا ينفي مشروعه الوطني أو يقلل من شخصيته التي كانت تتسم بالنزاهة والكاريزما ولكن ليس ذلك وحده كافيا لتحقيق معنى الجمهورية.
وإذا كانت فترة حكم الحمدي على قصرها وذكراها الوردية في خاطر اليمنيين قد شوهتها عيوب الحكم العسكري، فإن فترة علي عبدالله صالح التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود قد زادت على عيوب الحكم العسكري عيوب الحكم القبلي مما زاد الطين بلة. . ولا يعني هذا انتقاص مكانة ودور المؤسسة العسكرية أو القبلية في مجتمعنا اليمني بقدر ما يعني أن وجودهما في رأس الحكم إضعاف للدولة وللوطن. ذلك أنهما يعتمدان على القوة والعصبية وليس على الشورى والإرادة الشعبية.
على الجانب الآخر وفي الشطر الجنوبي فإن ثورة أكتوبر لنيل الاستقلال، لم تنج هي الأخرى من الوقوع في براثن الصراع على السلطة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير شركاء الكفاح المسلح قبل الاستقلال. وبانتصار الجبهة القومية فقد استلمت السلطة بعد الاستقلال غير أن الصراع داخل الجبهة القومية نفسها أسفر عن إقصاء الرئيس قحطان الشعبي القائد المؤسس للجبهة والكفاح المسلح ضد الاستعمار وسيطرة الجناح اليساري على الجبهة والسلطة. وصارت الجبهة -الحزب- بمثابة الحاكم المطلق الذي حرم الشعب من السلطة، وصارت تمارسه باسمه! وبعد ذلك تم الإعلان عن تأسيس الحزب الاشتراكي باعتباره حزب الشعب الموحد. على أن المفارقة كانت تكمن في أن خضوع الشعب للحزب الواحد لم يمنع الصراع على السلطة داخل الحزب نفسه. وكانت هناك على الدوام نوبات صراع بين أجنحة الاعتدال والتطرف تارة وبين أجنحة قبلية وجهوية تارة أخرى. وكانت أحداث ال13 من يناير 1986م أبرز نوبات الصراع وأكثرها دموية. وانقسم الرفاق إلى طغمة منتصرة حاكمة وزمرة مهزومة متربصة.
وحين جاءت الوحدة اليمنية فقد تحققت كهدف من أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر. وبرغم ربيع الديموقراطية والتعددية الذي تحقق خلال الفترة الانتقالية وبرغم الآمال الكبيرة التي عقدها اليمنيون على الوحدة، إلا أنه وفي ظل الغياب التام لفكرة الثورة والجمهورية وفي ظل الصراع على السلطة بين شريكي الوحدة تم الإجهاز عليها في حرب 1994م وما تلتها من السنوات.
حيث صار الرئيس بشكل متزايد حاكما مطلقا وملكا غير متوج. وفي سبيل تحقيق ديمومة الكرسي تمت إدارة البلاد بالحروب الطاحنة والأزمات والإفقار. وتفاقم الأمر أكثر حين ظن الرئيس أن مسألة بقائه في السلطة مضمونة فصار يتخذ الخطوات المتلاحقة لتوريثها لنجله. والحق أن اللوم في ضياع فكرة الجمهورية وتحولها إلى صنم على حد تعبير بن نبي لا يتحمله الصنم الذي حل محل الفكرة بل أتباع الفكرة نفسها. وهم هنا كل القوى السياسية والاجتماعية التي فرطت في الفكرة ومجدت –حتى لا نقول عبدت- الصنم.
لاحقا: كيف فرطنا في الاستقلال؟

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.