أعتقد بأن المستجدات والأحداث الأخيرة في اليمن التي عصفت بنظام الرئيس علي عبدالله صالح وحملته رياحها إلى الرياض، هي فرصة تاريخية لنائب الرئيس عبدربه منصور هادي للخروج من الظل الذي وضعه فيه الرئيس صالح، فهناك تساؤلات كثيرة عن مقدرة هذا الرجل للخروج باليمن من أزمتها الخانقة. فأحزاب اللقاء المشترك وشباب التغيير في الفترة الراهنة يعولون على حكمة نائب الرئيس وعدم إصراره على التمسك بالسلطة ويعتقدون بأن توليه مهام الرئاسة في ظل غياب الرئيس سيسهل كثيرا عملية الانتقال السلمي والسلس للسلطة. بينما قيادات المؤتمر الشعبي العام وما تبقى من وزراء حكومة تصريف الأعمال يؤكدون ويراهنون على عودة الرئيس لمواصلة المماحكات السياسية والحروب العسكرية التي بدأها قبل إصابته في قصره الرئاسي. فنجل الرئيس صالح هو من يحكم القصر الرئاسي ويباشر أعماله في غياب والده ويدعمه في ذلك أخوي الرئيس علي صالح مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومحمد صالح قائد القوات الجوية و أبناء عمه طارق محمد عبدالله صالح قائد الحرس الخاص ويحيى محمد عبدالله صالح قائد والأمن المركزي ووحدات مكافحة الإرهاب ، بينما لا يفارق نائب الرئيس منزله في شارع الستين الذي تقوم على حمايته في الوقت الحالي قوات علي محسن الأحمر القائد المنشق عن ما تبقى لصالح من جيش. فلماذا لا يقوم الحرس الجمهوري بحماية عبدربه منصور نائب الرئيس والقائم بإعماله. ولماذا لا يخشى نائب الرئيس أن تحميه قوات الثورة التي تدعو بسقوط النظام بما فيه هو شخصياً؟ جميع الأطياف السياسية والقوى الأمنية والقبلية تعلم تماما أن نائب الرئيس كان في ظل عهد صالح لا يملك حق إصدار القرارات وتنفيذها وإنما كان وجوده لا يتعدى البروتوكولات الشكلية لتجميل نظام صالح. وهاهو اليوم من غير سابق إنذار يجد نفسه القائم بإعمال الرئيس في ظل غياب الرئيس ويملك الحق الدستوري لإدارة شئون البلاد بل لاتخاذ قرارات مصيرية قد تخرج اليمن من أتون الحرب الأهلية التي جرها إليه صالح. هل يمتلك نائب الرئيس الشجاعة الكافية والدعم الكافي من قبل القوى السياسية المعارضة والقبائل التي أعلنت الحرب على صالح لأحياء المبادرة الخليجية التي أدرك القاصي والداني أنها كانت المخرج الآمن وأن صح التعبير هنا أنها المخرج الوحيد الذي لا بديل عنه لما حل باليمن. فهناك ابتهاجات وفرحة عارمة في صفوف الشباب وتشاطرها في ذلك أحزاب اللقاء المشترك والقبائل التي دخلت في حرب مع النظام لتحقيق المطلب الأول والرئيسي للثورة وهو رحيل الرئيس. فهل يدرك الجميع إن هذا الرحيل قد يكون مؤقتاً أن صح ما يراهنون عليه قيادات المؤتمر الشعبي العام ؟ فهناك تحركات دولية وإقليمية من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية لتهدئة الوضع ، وهناك قبول واضح من قبل الجميع لمثل هذه التدخلات التي أسهمت فعلاً في دخول أطراف النزاع في هدنة، وتوجيهات نائب الرئيس بسرعة حل الأزمات الخانقة التي يعاني منها المواطنون بدأت تتجلى ثمارها في عودة الكهرباء للعاصمة وتواجد البنزين في بعض المحطات بعد أن أغلقت جميعها في الأسبوع الماضي . فهل هذه بداية حقيقة لانفراج الأزمة وهل تتكاتف الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لهذه المساعي ، ويثبت عبدربه منصور هادي أنه اليد الأمينة التي بحث عنها صالح ليسلمه السلطة للخروج باليمن إلى بر الأمان!