اللاعب غير الحاصل على تغذية متوازنة جسمانياً نجده نحيفاً يتعرض لخلل في نموه سواء من جانب الطول أو الوزن وحتى من حيث جودة العضلات التي تكون ناقصة جراء تغذيته غير المتوازنة، لذا إذا قارنا صغار فرق أوربية بصغار فرق عربية نجد الفرق شاسعاً من حيث البنية الجسمية لأنهم يهتمون بالتغذية وأثرها في النمو داخل الفئات الصغرى. لطالما كان شهر رمضان مختلفاً من حيث التغذية بالنسبة إلى الرياضيين الذين تتطلب ممارستهم للرياضة بذل مجهود مضاعف قياساً بالآخرين، إذ عادة ما يصاحب النشاط الرياضي في شهر رمضان عدد من المتغيرات البيولوجية والغذائية نتيجة لاختلاف مواعيد مزاولة ذلك النشاط في الأوقات المعتادة.
جرت العادة هنا في اليمن أن تتوقف جميع المسابقات الرسمية وخصوصاً لعبة كرة القدم في ما عدا بعض المسابقات الودية؛ ومع ذلك يظل أمر التغذية ومفهومه ومتطلباته عند كثيرين، لا بل عند معظم الرياضيين، معقداً ولا يتم تداوله كملف حيوي ومهم بشكل سليم.
في المجمل، يتأثر الرياضي في فترة الصيام في شهر رمضان لأن أوقات التغذية تغيرت، ويتأثر بشكل كبير لعدم شرب الماء خاصة، على الرغم من أن حصص التدريب في هذا الشهر تكون خفيفة وساعاتها قليلة خصوصاً تلك التي تتم أثناء فترة الصيام وليس بالطبع تلك التي تتم ليلاً.
لكن ماذا يحدث أصلاً عندما تتم مباريات رياضية أثناء فترة الصيام؟
حسناً.. تفيد بعض التقارير الطبية أن نسبة السكريات والماء تنتقص في الجسم، ويشعر اللاعب بالارتخاء وعدم التركيز، ويؤدي الجفاف من الماء إلى تشنج على مستوى العضلات، ومردود الرياضي ينقص خاصة في العشرة الأيام الأولى لأنه لا يكون قد تكيف مع النظام الجديد، وبعدها يمكنه أن يتحمل ذلك لأنه يكون قد تعود، لكن إذا كان الرياضي يسهر ولا ينام المدة الكافية فإن المردود لن يكون طيباً.
يشكو عدد كبير من الرياضيين في بلادنا من عدم وجود اهتمام بثقافة الرياضيين المفترضة في ما يتعلق باحتياجاتهم التغذوية كرياضيين ومتطلباتها، إذ لطالما كان مثل هذا الموضوع في أدنى سلم الاهتمامات أو الأولويات سواء على مستوى وزارة الشباب والرياضة أو اللجنة الأولمبية أو حتى على مستوى الأندية والإعلام الرياضي أيضاً.
في الحياة العادية يتعوَّد الرياضي على نوع من الغذاء المشترك مع العائلة طيلة أيام الأسبوع دون أي مراقبة في ما قد يحتاجه هذا الرياضي وما لا يحتاجه. وإذا حدث وأن تغير نظامه بحيث يأخذ "سعرات حرارية" كثيرة فوق ما هو معتاد عليها ومحتاج لها ستضر به أكثر مما تنفعه وستحدث له اضطراباً في الجهاز الهضمي الذي لا يكون مستعداً لاستقبال الموجة الفائضة من "السعرات الحرارية" وسيتعرض لنوع من سوء الهضم، إسهال، خلل في النوم، وقد يشعر باضطراب يوم المباراة ونادراً ما تكون الأهداف كما رُسم لها، طبقاً لتقرير طبي قرأته أخيراً.
حسناً.. ان التغيير في نظام التغذية بالنسبة إلى الرياضيين في شهر رمضان من شأنه أن يؤدي الى تغيير في أداء الجهاز الهضمي في ما لو تمت العملية دون ضوابط تراعي متطلبات ممارسة الرياضة في هذا الشهر. اقرأوا الآن ماذا جاء في أحد التقارير الطبية التي تناقش مثل هذه المسألة:
"يؤدي النقص في إحدى الوجبات الغذائية إلى غياب الحُريرات الطاقية التي يأخذها جسم الرياضي من خلال الوجبة الغذائية، وإذا استمر الممارس في اللعب بحرق مخزونه الذي يتوزع في ثلاث مناطق هي العضلات، الكبد، وذهنيات على شكل شحم. تحرق الذهنيات المخزونة ويصبح الرياضي نحيفاً، تفرغ عضلاته وتصاب بتشنج ينتج عنه عجز عن التحريك؛ أي أن ميكانيزمات الحركة عند الرياضي تتوقف، وإذا واصل الأداء في نفس الظروف التي لا تتوفر فيها تغذية متوازنة يتعرض الرياضي لمضاعفات سلبية على القلب والكليتين والكبد وعلى الدماغ، إذ يعاني من الهذيان وفقدان الوعي في حالة عدم الاحتياط التام وهذا العوز يطال حتى الفئات الصغرى التي لا تتمتع بالتغذية المتوازنة".
تتشكل المكونات الأساسية للتغذية من السكريات، البروتينات والذهنيات، وتتوزع أهمية كل مكون حسب الطاقة التي يزود بها جسم الرياضي، السكريات وتتوزع إلى قسمين: سكريات سريعة الهضم والتي نجدها في السكر والفواكه والمشروبات، ويمنح هذا النوع من السكريات دفعة طاقية مهمة للرياضي في فترة وجيزة جداً، ولها دور في رياضات متعددة نذكر منها سباق المارثون الذي تتجاوز مدته ساعتين، وخلاله يستعين العداء بمياه ملونة محلاة أو عصير في كل خمس كيلمترات، لأن إمكانية استمراره تضعف إذا لم يتزود جسمه بالطاقة. والسكريات البطيئة الهضم هي التي نجدها في الحبوب والأرز، وتعتبر المخزون الأساسي للطاقة، الذي تركز عليه حركية اللاعب.
المكون الثاني وهو البروتينات، وينقسم إلى بروتينات نباتية توجد في الحبوب والأرز وبروتينات حيوانية تتوفر في اللحوم، الأسماك، البيض، والحليب ومشتقاته، وهي مورد أساسي بالنسبة للبنية الجسمانية، لا تلبي حاجيات الرياضي من الطاقة سوى بنسبة قليلة قد تصل إلي 15%. أما المكون الغذائي الثالث وهو الدهنيات التي تتجزأ بدورها إلى قسمين نباتية توجد في الزبدة والزيوت بكل أنواعها، وحيوانية تتمثل في اللحوم البيضاء والحمراء، البيض، الحليب ومشتقاته، مخزون الطاقة من الدهنيات قد يتحول إلى شحم إذا لم يتم حرقه من قبل الرياضي أثناء التداريب وقد يؤدي إلى عجز الجسم عن الحركة بسبب إغلاقه للأوعية الدموية• ان التغذية غير المتوازنة تظهر في الناحية البنيوية للاعب، طبقاً لدكتور مغربي يدعى الزاهي: اللاعب غير الحاصل على تغذية متوازنة جسمانياً نجده نحيفاً يتعرض لخلل في نموه سواء من جانب الطول أو الوزن وحتى من حيث جودة العضلات التي تكون ناقصة جراء تغذيته غير المتوازنة، لذا إذا قارنا صغار فرق أوربية بصغار فرق عربية نجد الفرق شاسعاً من حيث البنية الجسمية لأنهم يهتمون بالتغذية وأثرها في النمو داخل الفئات الصغرى.
تخضع التغذية عند الرياضي لمعايير أهمها مراعاة الكم والكيف، وتتم مراعاة الكم بالاعتماد على المكونات الأساسية من بروتينات، سكريات، ودهنيات، وتُضاف إليها الأملاح المعدنية والماء والفيتامينات وبعض المكونات المعدنية مثل الحديد، وكل هذه المكونات يجب توفرها في الوجبة الغذائية، يقول الدكتور المغربي الزاهي: "من حيث الكم تشغل نسبة البروتينات ما بين 35% إلى 40 % تدخل فيها اللحوم والأسماك والدجاج وتتراوح نسبة الدهنيات بين 15% وإلى 20 % لأن سعر الحريرات الذهنية يتجاوز بكثير سعر حريرات البروتينات والسكريات، وإذا أخذنا لاعب كرة القدم مثلاً فعليه أن يأكل 200 غ من اللحوم يومياً إضافة للخضراوات، الأملاح المعدنية، المشروبات، والفواكه".
قال تعالى في كتابه الكريم: }وجعلنا من الماء كل شيء حي{. والماء هو أساس الحياة وعند الرياضي له أهمية خاصة جداً، إذ طبقاً لتقارير طبية فإن الرياضي يحتاج لكمية مهمة من الماء لأنه يبذل مجهوداً كبيراً خلال الحصص التدريبية، فإذا كان الشخص العادي الذي لا يتحرك كثيراً طيلة اليوم عليه أخذ لتر ونصف من الماء، فإن جسم الرياضي يتطلب أكثر، وهو ضروري جداً حتى لا تجف الخلايا، ويتعرض الرياضي لحوادث عضلية.
ليس في صالح الرياضي تناول كل ما يوجد على مائدة الإفطار في شهر رمضان؛ دائماً يزداد اللاعبون في الوزن. لا يجب أن يجمع بين وجبتين ثقيلتين. عليه أن يأخذ ثلاث وجبات: فطور، عشاء، وسحور. ولا نخلط بين الوجبات المتعددة، يأخذ حساء، كأس حليب، تمر، ويتوقف حتى العشاء بعد ثلاث ساعات ثم السحور.
بالمناسبة ستيفي جوروستياجا أخصائي التغذية في نادي برشلونة الاسباني أكد أن اللاعب المالي سيدو كيتا والإيفواري يايا توريه والفرنسي اريك ابيدال يصومون شهر رمضان بالتوافق مع أجندة غذائية وضعها الجهاز الطبي بالفريق.
جوروستياجا أخصائي التغذية أكد أن المستوى البدني للاعبين الثلاثة لن يتأثر بالصيام طالما يلتزمون بنظام غذائي متوازن في وجبتي الإفطار والسحور؛ ومن المفترض أن يقوم ثلاثي الفريق بالإفطار في أيام المباريات التي ستشهد مجهوداً بدنياً كبيراً أو سفر لمدة طويلة وتعويضها لاحقاً.
لكن النصائح الطبية والتدريبية في هذا المجال تذهب إلى ضرورة أخذ الكميات الكافية من السكريات والبروتينات والدسم والفيتامينات B1 وC الذي يقاوم الجهد، إضافة إلى الأملاح المعدنية والماء.
ويشدد أخصائيو التغذية على أهمية أخذ جرعات كافية من التمر والتين والموز والعسل الأسود والبقول التي يتوافر فيها البوتاسيوم والكلور، إلى جانب ضرورة توفر الملح العادي في الوجبات التي يتناولها اللاعبون أثناء إفطارهم ، ووجبة السحور أيضاً.
ويشدد الأطباء على أهمية الغذاء المتوازن والذي يشتمل على 15 % بروتين، و30 % دسم، و55 % سكريات ونشويات، و1,5 لتر ماء موزع على الوجبات الثلاث (وجبة الإفطار والعشاء والسحور).
أهمية تناول السوائل تبرز خلال فترة المساء التي يقضيها الرياضي لتعويض ما فقده طوال ساعات صيامه، إذ يفضل تناول الشوربات بأنواعها، وكوباً من الشاي أو القهوة المحلاة، وذلك عند الإفطار، إضافة إلى قطعة من الخبز (ويجب مراعاة مضغه جيداً) والبسكويت أو الزبدة والعسل والفاكهة، إضافة إلى التمر كطعام أساسي عند الإفطار اقتداء بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما في ما يخص وجبة العشاء، فيجب أن تكون مشتملة على الخضراوات النية أو المطبوخة، إضافة إلى تناول اللحم والرز المسلوق دون مرقة دسمة، أو تناول الدجاج المشوي أو قطع السمك والبطاطا، إضافة إلى الأرز أو المعكرونة، علاوة على تناول الفاكهة والعصيرات بمقدار كوب أو كوبين أثناء المعسكرات لان كثرتها تتسبب في تمديد العصارات المعدية مما يؤخر الهضم.
كما يشدد أطباء التغذية على أهمية تناول الوجبة الخفيفة التي تعقب التدريبات أو المباريات والتي تشتمل على مشتقات الحليب والبسكويت والجبن والعصير، قبل تناول وجبة السحور التي يجب أن تسبق موعد الخلود للنوم ب 3 ساعات كي ينام اللاعب مرتاحاً، ومكونات السحور يجب أن تحتوي على شوربة خضار، وسمك أو دجاج، وتناول معجنات بكميات قليلة، إضافة إلى الأرز، ثم تناول فاكهة وحلويات طازجة قليلة الكريمة.
ويحذر الأطباء الرياضيين من تناول الوجبات خارج المنزل أو المعسكرات الرياضية والكروية إلا عند الحالات الطارئة، وينصحون اللاعبين بأخذ ساعات كافية من النوم إذ يحتاج اللاعب إلى 8 ساعات من النوم، وعند استيقاظه لأداء فروض الصلاة عليه أن يعود للنوم قبل مضي ساعة من قيامه لها، حتى يكون الجسم مهيأ لمواصلة نشاطه.