قال ممثل منظمة اليونيسف في اليمن إن تقف على حافة أزمة إنسانية «حادة وشديدة الوطأة» بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد. وأكد جيرت كابيلري في مؤتمر صحفي عقده اليوم الاثنين بصنعاء إن الأطفال في اليمن متضررين بدرجة رئيسية جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، لكنه أوضح بأن «وضع الأطفال قبل الأزمة لم يكن أيضاً جيداً على الإطلاق». وأضاف إن التطورات الجارية لها أثراً شديد الوطأة على السكان المدنيين لاسيما فئة الأطفال، موضحاً إن هذه التطورات تتمثل في الانهيار الاقتصادي الذي أدى إلى نقص حاد في إمدادات الوقود والمياه وارتفاع أسعار السلع الأساسية خصوصاً الغذاء والماء بصورة غير مسبوقة وهو ما خلق أثاراً مدمرة على معيشة الأسر والمواطن العادي. وقال كابيليري إن نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية مزمن، وأن 70% من هؤلاء الأطفال فقط هم من يتاح لهم الذهاب للمدارس، بينما يزداد الوضع سوءاً بالنسبة للإناث. وتحدث ممثل منظمة اليونيسيف عن الأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها الأطفال بسبب النزوح في مناطق الصراع بأبين وأرحب ومناطق أخرى. وقال إنه «وبحسب التقارير الحكومية نزح 90 ألف شخص من أبين» بسبب المعارك الجارية هناك بين قوات الجيش ومسلحين يعتقد انتمائهم للقاعدة. ولجأ هؤلاء النازحين إلى محافظتي لحجوعدن، وغالبيتهم يسكنون عند أقارب وعائلات أخرى في تلك المحافظات، بينما يعيش 18 ألف نازح في مخيمات موزعين على 57 مدرسة في مدينة عدن. واستعرض ما تقدمه منظمته من دعم لهؤلاء النازحين في مجالات عدة بينها الصحة والتغذية والمياه والتوعية بأهمية الإصحاح البيئي قائلاً إن اليونيسيف تمكنت من إجراء تلقيح سريع لكل الأطفال النازحين من أبين. وأظهر مسح نفذته منظمة اليونيسيف لقياس التغذية في أوساط نازحي محافظة أبين في كل من عدنولحج إن هناك مخاطر من ارتفاع مستويات سوء التغذية وبصورة كارثية بين الأطفال دون سن الخامسة إن لم تحصل تدخلات عاجلة. وأشارت نتائج رصد سريع للمنظمة ذاتها أن التغذية لمعظم الأسر الضعيفة في اليمن قد تأثر بفعل الأزمة الحالية. وذكر ما نسبته 43% من الأسر المشمولة في المسح الذي نفذ حديثاً بأنهم يضطرون إلى تخفيض عدد الوجبات اليومية للتأقلم مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفي نفس الوقت أفاد 50 % من المستطلعة أراءهم بأنهم يؤون إلى فراشهم وهم جائعين. كما أشار تقرير آخر صادر عن برنامج الغذاء العالمي بأن الأسر الضعيفة تلجأ إلى تعاطي القات لكبح ألم الجوع. وقالت منظمة اليونيسيف، التي تعنى بمساعدة الأطفال، في بيان صحفي تلقى المصدر أونلاين نسخة منه إن «المعلومات تشير إلى أن ثمة أمهات ومواليدهن قد قضوا نحبهم في المرافق الصحية بسبب عدم تمكن العاملين الصحيين من الوصول إلى هذه المرافق في الوقت المحدد أو مطلقاً نتيجة لعدم توفر الوقود» وكشف ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن عن مقتل 76 طفلاً بينهم 10 فتيات منذ بداية الاضطرابات في البلاد. وتشير التقارير التي تلقتها المنظمة إلى إن 18 مدرسة قد تم استخدامها كمنشآت عسكرية أو تم قصفها (16 مدرسة منها في صنعاء واثنتين في تعز) غالبيتها من قبل القوات المسلحة الحكومية والجماعات المتحالفة معها. وبالمقابل، أشاد ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن جيرت كابيليري ما أسماه «مستوى التضامن والتكافل في أوساط المجتمع اليمني بالإضافة إلى مدى المقاومة والتكيف الذي يبديه المواطن اليمني مع اشتداد تدهور الأوضاع الاقتصادية» وهو ما عدها بالإيجابيات التي تستحق الإشادة والتنويه نتيجة ندرة توافر مثل هذه الميزات في مجتمعات العالم الأخرى. لكنه عبر مخاوفه من استمرار ما أسماه «المأزق السياسي» الذي تعيشه البلاد وتأثيره بالقضاء على الجانب الإيجابي الذي يتمتع به المجتمع اليمني، قائلاً إن ذلك «سيكون له عواقب سلبية وإن الأوضاع الإنسانية السيئة ستتسع وتتضخم مما قد يؤدي إلى الانقضاض على ما تبقى من صور التضامن الإيجابية في أوساط المجتمع اليمني».