بدأ اليوم الأحد أعمال المؤتمر الجنوبي الأول في العاصمة المصرية القاهرة والذي يستمر حتى يوم الثلاثاء في محاولة لبلورة رؤية موحدة لمطالب أبناء جنوب اليمن لحل القضية الجنوبية. وعُقِد المؤتمر بمشاركة مئات من ممثلي التيارات الجنوبية تحت شعار «معاً من أجل تقرير المصير لشعب الجنوب»، بمشاركة من الرئيسين السابقين علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، لكن فصائل جنوبية قاطعته بدعوى أنه لا يتبنى مطلب الانفصال وإعادة الدولة الجنوبية. وألقيت في الجلسة الافتتاحية عدة كلمات من ممثلين عن شرائح جنوبية. وقال العميد صالح عبيد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن قوام المشاركين بلغ 600 عضو من مختلف المشارب السياسية والفكرية والثقافية في الجنوب. وتابع في كلمته «سنترك للتأريخ ليقول كلمته في مؤتمرنا هذا الذي لم يشاركنا فيه بعض الأخوة الذين لا يقلون عنا وطنية لظروف ومبررات ونحن نقدر قناعاتهم ورؤاهم كما هي وهذا حقهم ولا ينازعهم فيها أحد وسيبقى التأريخ هو الشاهد والحكم على صواب الطرح للجميع». وألقى الرئيس الجنوبي الأسبق (1980-1986) علي ناصر محمد كلمة تعهد فيها بعدم القبول بأي منصب سياسي قائلاً إنه «جرّب السلطة من أصغر المناصب حتى أرفعه». وأضاف ان دوره هو وزملائه «ينصب في فتح الطريق أمام جيل المستقبل الذي سيفرز نضاله الحالي قيادات شابة تقود الوطن إلى الأمام»، وتابع انه يقوم حاليا بدور وطني وصفه ب«المتواضع» لأجل انتصار الشعب الجنوبي، وهي مسئولية لا ينوي التنصل منها، وفق قوله. وقال علي ناصر إن «الجنوبيين شركاء في كافة ميادين الحرية والتغيير في اليمن وأيضا شركاء في ترتيب المرحلة الانتقالية لما بعد صالح وفي مشروع صياغة دستور الدولة الاتحادية القادمة وقانونها الانتخابي». وانتقد اعتراض بعض فصائل الحراك على المشاركة في المؤتمر قائلاً إنه كان يتمنى مشاركتهم مؤكداً إجراء اتصالات مكثفة ومستمرة معهم للمشاركة، ووعد باستمرار التواصل معم، في إشارة لتيار علي سالم البيض وعبدالرحمن الجفري، والأخيرين عقدا لقاءاً في مدينة اسطنبول التركية. وألقيت عدد من الكلمات في الجلسة بينها كلمة لعبدالحميد درويش شقيق الشهيد أحمد الدرويش باسم أسر الشهداء والمعتقلين، والناشطة في الحراك انتصار الخميس باسم المرأة، وصالح علي بلال باسم الشباب وأحمد الساحمي باسم نازحي أبين وماهر حسين آل هررة باسم المناضلين ومصطفى العيدروس رئيس المجلس الأهلي لمحافظة عدن، وعبدالمجيد وحدين رئيس المجلس الأهلي لحضرموت.
من جهته، قال الدكتور صالح محسن الحاج المتحدث باسم المؤتمر إن الجلسة الافتتاحية «شكلت نقلة نوعية في طرح القضية الجنوبية ورفع تطلعات الجنوبيين في تعزيز وحدة الصف الجنوبي لتحقيق مطلبه المشروع في تقرير مصيره وفقاً للمواثيق والأعراف الدولية». وقال حيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء الأسبق إن المؤتمر يأتي «في إطار الثورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن وأردنا أن يكون هدف المؤتمر وجود وحضور جنوبي في إطار العملية السياسية الدائرة في اليمن والتي تحتل أولوياتها إسقاط نظام على عبدالله صالح». ونقلت صحيفة اليوم السابع المصرية عن العطاس قوله «إن القضية الجنوبية هي محور وأسس هذه الأزمة وبالتالي ستكون الأولوية الثانية بعد إسقاط النظام حل القضية الجنوبية التي حركت الثورة الشبابية في الشمال». وتابع «القضية الجنوبية وجدت منذ عام 94 عندما اجتاح على صالح وقواته الجنوب وقضى على مشروع الوحدة السلمي بين الشمال والجنوب ولم يسمع كل الدعوات التي تنادى بإصلاح مسار هذه الوحدة وإزالة الحكم العسكري وسطوة على الجنوب». وأردف للصحيفة المصرية: «اشتد الحراك الجنوبي وارتفعت سقوفه في مراحل مختلفة لأن على صالح واجه الحراك السلمي والمطالب الجنوبية العادلة بالقمع العسكري، وعندما هبت نسمات الربيع العربي في تونس ومصر تحركت اليمن كلها من أجل إسقاط النظام لأن الجميع وجدوا أن على صالح الذي وعد بالوحدة يذيق أبناء الجنوب الويلات ويقضي على كل دوافع التطور والنماء». وردا عن سؤال بأن الجنوبيين تقلص دورهم في ساحات التغيير على الرغم من أنهم مشعلي فتيل الثورة اليمنية، قال العطاس «إن الجنوبيين موجودين بالساحات في الشمال والجنوب وربما تباين الأمر بعض الشيء نتيجة بعض الاختلافات بين الأطراف الجنوبية وكانت هذه النقطة هدف هذا المؤتمر لإعادة هذا الزخم الثورة مرة أخرى بالساحات وتوحيد كل الجهود للاتفاق على خارطة طريق سلمية ولهذا تقول ان إسقاط النظام هو الهدف الأول لتحقيق ذلك والهدف الثاني حل القضية الجنوبية». وعن حل القضية الجنوبية، قال العطاس «إن الحل سيكون من خلال شعب الجنوب عندما يقولون كلمتهم في تقرير مصيرهم وأرى أن إعادة صياغة الوحدة في دولة اتحادية فيدرالية ذات إقليمين (شمال، جنوب) ونعطى هذه الوحدة فترة يتم خلالها إعادة دولة الجنوب التي خربها على صالح بعد حرب 1994 وعلى الأخوة في الشمال أن يبنوا دولة مدنية وبعد القترة الانتقالية يوضع الأمر أمام الشعب وهو الذي يقرر ما يراه مناسبا في هذا الشأن». من جهة أخرى، قال العميد صالح عبيد أحمد، وزير دفاع دولة الجنوب سابقا، «في تقديري على عبدالله صالح يفكر في الخيار العسكري لحسم الثورة ويسعى جيدا لهذا الأمر لأنه مقتنع أنه مهزوم بالتأكيد، ولكن هذا الخيار سيمثل خطرا كبير على اليمن وسيؤدى الى كوارث لا يحمد عقباها».
ونقلت صحيفة اليوم السابع عن عبيد قوله إن صالح أعلن استعداده لتسليم السلطة للحرس الجمهوري يوم أمس ولكن إذا كان صالح جديا في هذا الأمر فمعنى ذلك إعلان حرب. وأوضح أن «الحراك مصمم على النضال السلمي ولكن الأمر يتوقف على موقف الطرف الآخر الذي يحاول بكل ما أوتى من قوة أن يجر الشباب إلى هذا المربع العنيف ولكنى أعتقد أن شباب الثورة سيظلون متمسكون بخيارهم السلمي إلا إذا فرضت عليهم الحرب وهنا لن يكون خيار آخر». وقال الدكتور صالح محسن أحد القيادات المشاركة في المؤتمر إن الجنوبيين هم أصحاب رؤية الوحدة لا الانفصال، وكانوا أصحاب دولة بكل مؤسساتها وفكروا في الوحدة لأنهم يريدون كياناً أكبر لليمن كلها، «ولكن النظام شن حربا على الجنوب في 1994 لأنه رفض بناء دولة موحدة».