التغيير الحقيقي ليس ترفاً أو نزوة أو رغبةً في تقليد الآخرين ولكنه ضرورة تفرضه الظروف في لحظة زمنية مناسبة. ولعل الكثيرين يبدون شكوكهم وتخوفهم من أي تغيير قادم وهذا أمر طبيعي ومن الواجب على رواد التغيير العمل على إزالة تلك الشكوك والتخوفات وتطمين الآخرين بأن التغيير لم يكن ليحدث إلا من أجل مصلحتهم وفي سبيل راحتهم وسعادتهم. وهنا يجب أن نضع سؤالاً هاماً وهو ما هو لتغيير المنشود في اليمن؟ وفي الحقيقة التغيير المنشود ليس استبدال مستبد بآخر أو فاسد بأفسد أو حزب بآخر. لأن هذا تغيير في الشكل كالديكور الخارجي بينما يبقى الجوهر على حاله دون أن يصل إليه التغيير وهنا سيكون المثل اليمني حاضراً وصادقاً (ديمة وقلبنا بابها). التغيير يجب أن يبدأ بتغيير طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للأشياء ولا بد من ثورة فكرية في المفاهيم تهيئ المجتمع للتغيير وفي اليمن يجب أن تركز الثورة على محاربة ظاهرة هي سبب كل بلاوي اليمن ألا وهي الفساد. الفساد في اليمن جاء بكل المصائب تزوير الانتخابات واستخدام المال العام وشراء الذمم والتلاعب بالمناقصات والمزايدات والتحايل في تنفيذ المشاريع والتهرب من دفع الجمارك والضرائب والزكاة وانهيار التعليم وتزوير المؤهلات والتلاعب بالقضايا في المحاكم والنيابات وغيرها الكثير الكثير كانت بسبب تفشي الفساد الذي أضر باقتصاد الوطن وسمعته في الداخل والخارج. وحتى نقضي على الفساد لا بد من القضاء على المفاهيم الخاطئة التي غرست في أذهان الناس ومنها إهدار وسرقة المال العام وأصبح الجميع يقولون (من حق الدولة) طيب حق الدولة هذا هو حق لكل مواطن وضرره ينعكس على الجميع. وكأن سرقة المال العام حلال. من أين جاءت هذه الثقافة اللعينة فلا أساس لها في الشرع ولا العرف. أيضاً (حق ابن هادي) وهذه الثانية تبرير للرشوة وتحدي للشرع الكريم الذي لعن الراشي والمرتشي والرائش بينهما أي السمسار أو الوسيط. وأولى درجات محاربة الفساد هي القضاء على ثقافته اللعينة وشيطنته في الوعي المجتمعي ومن ثم الإطاحة بكل رموز الفساد واستبدالهم بكوادر وطنية نزيهة وشريفة تعطي القدوة الحسنة للجميع في النزاهة والشرف والمحافظة على المال العام والخاص. ثم يجب تصفية أجهزة محاربة الفساد من أمن ونيابات ومحاكم من الفاسدين حتى تتمكن من أداء واجبها الديني والوطني على أكمل وجه. هناك تفاؤل لدى الكثيرين ورغبة صادقة في إصلاح الأوضاع فلا بد من إحداث نقلة نوعية والتقدم نحو التغيير للأفضل ويجب قبل محاربة الفساد أن تكون رواتب الموظفين والعاملين عادلة وتوفر لهم الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية وبعدها قد أعذر من أنذر. التغيير الحقيقي يبدأ بتغيير المفاهيم ويبدأ من النفس قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.