غلبت لغة التفاؤل لدى عدد من القيادات السياسية من خلال تصريحاتهم التي أدلوا بها لوسائل الإعلام عقب مشاركتهم في اقتراع اليوم لانتخاب المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي رئيساً للبلاد خلفاً لعلي عبدالله صالح. واعتبرت قيادات سياسية هذا الحدث تاريخي وبأنه يُمثل علامةً فارقةً في تاريخ وحياة اليمنيين. الرئيس المُرتقب عبدربه هادي قال عقب قيامه بالاقتراع صباح الثلاثاء بالعاصمة صنعاء إن اليوم يُمثل «منعطفا تاريخياً يعكس حكمة اليمنيين» للخروج من الأزمة التي عصفت بالبلاد طوال عامٍ كامل، ودعا لتظافر الجهود لبناء يمن المستقبل والعمل على أمنه واستقراره. وأعرب عن أمله في أن يستوعب الجميع طبيعة المرحلة الدقيقة والحساسة من عمر الوطن، لأجل اجتياز الواقع الصعب، والولوج نحو السلام والوئام والاصلاحات الشاملة.
من جانبه قال القيادي البارز في اللقاء المشترك د. ياسين سعيد نعمان أمين الحزب الاشتراكي إن اليمنيين يستطيعون القول اليوم وبكل ثقة أن ثورة فبراير 2011م، التي واصلت ما بدأه الحراك السلمي في الجنوب منذ يوليو 2007م في خطّ مُتصاعد لمواجهة سياسة الظلم والاستبداد ، واستطاعت أن تعبر باليمن إلى مرحلة جديدة في تاريخه المعاصر. وأضاف نعمان أن هذه الثورة التي كان الشباب في طليعتها قد انتزعت الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر من مُغتصبيها ، في عملية تصحيحٍ تاريخية ، وأعادتها إلى الشعب بصورةٍ تمثّلت في حجم الإقبال الجماهيري الكبير لانتخاب رئيس توافقي لليمن. ياسين في تصريحٍ لموقع اللجنة الإعلامية العليا للانتخابات الرئاسية وصف هذا اليوم بأنه «يومٌ تاريخيٌ» بكل ما للكلمة من معنى، وأن التغيير الجاري يصنعه الشعبُ بكل فئاته، تأكيداً على «شعبية الثورة» وعمق صلاتها بطموحات وآمال الشعب.
ومن جهته حثّ اللواء علي محسن صالح قائد الفرقة الأولى مدرع عقب إدلائه بصوته، كافة المواطنين على المبادرة للمشاركة في انتخابات اليوم التي وصفها ب«العرس الديمقراطي الكبير»، واصفاً الحدث بأنه حدث اليمن الجديد اليمن السعيد. وتفاءل اللواء محسن بانتخاب منصور هادي وقال: «أبشّر أبناء الشعب بمستقبل مشرق، وزاهر، تحت قيادة فخامة المشير عبد ربه منصور هادي».
وكانت الناشطة في الثورة والحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان قد سارعت منذ الصباح الباكر لتدلي بصوتها للرئيس منصور هادي في المركز الانتخابي الإضافي المُخصّص لشباب ساحة التغيير بصنعاء. توكّل وصفت هذا اليوم بالتاريخي، وأنه يُمثل يوماً فارقاً في حياتهم، وعيدٌ لكل اليمنيين الذين يُدشنون اليوم مرحلة بناء اليمن الجديد، وهنّأت نفسها وكل شباب وشابّات الساحات خصوصاً، ومعهم كل أحرار اليمن الذين خرجوا أو ساهموا أو أيّدوا ثورة التغيير السلمية. وأضافت في تصريحاتٍ صحفية أدلت بها عقب الاقتراع: «نحن اليوم نبني اليمن الجديد برئيس جديد لفترة محددة بسنتين ، سيقوم عبدربه ومعه كل اليمنيين الشرفاء والأحرار، وشركاء اليمن في الداخل والخارج بتحقيق أهداف الثورة الشعبية السلميّة». وهنّأت كرمان أبناء الشعب اليمني بهذا النصر، ودعت كل الأحرار لأن يرفعوا رؤوسهم عالياً، مؤكدةً أن اليمن بهذا اليوم تدشّن مرحلةً جديدةً، وضعت به حداً لحكمٍ ظلّ جاثماً على صدر البلاد مدة 33 سنة. وعلى أن هذا النصر الذي وصل إليه اليمنيون اليوم ليس إلا نتاج تلك التضحيات التي ضحى من أجلها شباب الثورة، وهو ليس إلا نتيجة صبرهم وصمودهم لعامٍ كامل في ميادين الساحات والفداء والتغيير. أما القيادي في اللقاء المشترك سلطان العتواني أكّد أن غالبية فئات الشعب توجّهت إلى صناديق الاقتراع لإعطاء مرشح التوافق الوطني عبد ربه منصور هادي أصواتهم ليكون رئيساً للانتقال بالبلاد مما تعيشه من ظروف سيئة. ويقول العتواني - أمين عام التنظيم الوحدوي الناصري- أن الشعب انتظر هذا اليوم طويلاً، ولا يستطيع أحدٌ أن يُخفي أحلامه التي ضحى من أجلها». الدكتور محمد صالح القباطي رئيس الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي اليمني وعضو الهيئة التنفيذية للمشترك دارت توقعاته حول المشروع الذي سيبدأ من يوم الاقتراع, وقال بأنه «مشروع أنتجته طبيعة الحدث الذي رسم بتضحياته مسارات المرحلة المقبلة». ويقول الدكتور القباطي إن الأهمية الخاصة التي يتمتع بها الرئيس عبدربه منصور هادي «لا تكمن فقط في أنه المتاح التوافقي الممكن في البعد السياسي الوطني, بل في أن هادي أول رئيس في التاريخ يتمتع بهذا القدر من التأييد الوطني والإقليمي والدولي الذي ناله سلفا». يعتقد الناس أن هادي ظل يؤدي مهمته ضمن الحلقة الأضعف في النظام السابق, وهو أمر يعدّه القباطي أحد عوامل القوة التي يتمتع بها الرجل, حيث أصبح التهميش شعوراً مشتركاً جمع هادي وقطاعات الشعب التي ستشاركه في بناء اليمن الجديد. وكون «هادي» جنوبياً, فإن هذا - بحسب رأي القباطي- سيخفف من حِدّة الوضع في الجنوب, لأن هادي يعتبر (حلّ القضية الجنوبية) أهم تحديات المرحلة القادمة.