غرق وفقدان عشرات المهاجرين الأفارقة قبالة شواطئ شبوة    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    "الأونروا": الدمار الذي شهدته غزة لا يوصف وإعادة الإعمار يحتاج 20 عاما    مليشيا الحوثي تسطو على منزل مواطن وتطرد النساء والأطفال وتنهب محتوياته    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    الارياني يحيي الصحفيين اليمنيين الذي يعملون بجهد وشجاعة لإداء رسالتهم المهنية    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    رونالدو يحتكر الأرقام القياسية في اليورو    إعلان رسمي من سلطنة عمان بشأن اليمن    سينر يرتقي لصدارة التصنيف العالمي.. وديوكوفيتش يتراجع    ألكاراز يحتفل بلقب رولان جاروس بطريقة مثيرة    عقب الانهيار الجنوني.. أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية تتوقف عند هذا الحد    لأول مرة منذ 2015.. طيران اليمنية يعلن استئناف رحلاته لوجهة جديدة اعتبارا من هذا الموعد    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    دعوة لمقاطعة مبخوت بن ماضي    تفاصيل قضية "الزويكي" الذي حكم عليه الحوثيين بلإعدام لدفاعة عن شرفه بعد اغتصاب شقيقته    محلل سياسي: صراخ الرزامي ومرافقيه باسم عبدالملك الحوثي وسط الحرم المكي سيكون ثمنه الكفن لكل قيادات الجماعة وخاتم سليماني يشهد    الرئيس الزبيدي لم يخاف الرصاص فأنى يهاب النقد؟    همسة في أذن من يطالبون بفتح طريق عقبة ثره    خبير سعودي: أحمد علي عبدالله صالح مطلب شعبي لإخراج صنعاء من حكم المليشيات الحوثية    حملة تقودها وسائل إعلام الشرعية للنيل من الانتقالي ليست غريبها عليها    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    في تصعيد جديد: مليشيا الحوثي تختطف مدير موريمن بعد مداهمة منزله    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    إيران تمول والحوثي ينفذ: اختفاء 43 طفلاً من مراكز صيفية في ذمار    رجل يقتل زوجته بالرصاص ويدفنها في المطبخ.. والكشف عن دافع الجريمة    مختار علي يعزز صفوف المنتخب السعودي امام الاردن    وديًّا: فوز متواضع لإيطاليا على البوسنة    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    جرة قلم: قمة الأخلاق 18    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    فيما وزير الخارجية يهنئ نظيره البرتغالي باليوم الوطني..الخارجية تدين استمرار التصعيد العسكري الصهيوني في ارتكاب مجازر يومية في غزة    أكدوا ثبات الموقف الداعم والمساند لفلسطين.. تحذير أدوات العدو ان من التمادي في خطواتهم ضد شعبنا واقتصادنا    العاصمة صنعاء تشهد الحفل الختامي وعرضاً كشفياً لطلاب الدورات الصيفية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    الضرائب تعلن عن امتيازات ضريبية للمنسوجات المحلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، الدكتور عبدالله العلفي ل"26 سبتمبر": ترتيب الأدوار مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الزراعي يؤسس لمسار أداء تكاملي    غارات دموية تستهدف نازحين عقب يوم من مجزرة النصيرات التي أسفرت عن 998 شهيدا وجريحا    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    الرواية الحوثية بشأن حادث انهيار مبنى في جامع قبة المهدي بصنعاء و(أسماء الضحايا)    ''استوصوا بعترتي'' و استوصوا بالمعزى!!    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    منظمة الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يصنع الديكتاتور «هادي»
نشر في المصدر يوم 13 - 03 - 2012

كان الرئيس عبد ربه منصور هادي، على ما يبدو، نهب مخاوف وتوجسات قاتلة مبعثها احتمالية حصوله على نتيجة انتخابية "مخزية" غير مشرفة، من شأنها أن تضن عليه بالفخر والاعتزاز؛ وتبقيه خجلا ومفتقدا للقوة خلال العامين القادمين من فترته الرئاسية.
على العكس حصد الرجل من الأصوات فوق المتوقع. وفي أكثر من خطاب له، بعد انتخابه، بدا أنه يظهر بهالة جديدة، متشحا وشاح النصر. ولقد كان يحلو له أن يتحدث عن شرعية الشعب التي أكسبته إكسير القوة للتحكم في مستقبل البلاد.
الذين يشخصون سلوك الرئيس الجديد بإسناده إلى الماضي الذي جاء منه - كنائب سابق لرئيس شمولي ظل شطرا كبيرا من سنوات حكمة ال 34 حريصا على صناعة نفسه بقهر كل من حوله كي يبقى هو فقط الرجل الأقوى، المتسلط دون منازع، يعتقدون بإمكانية تلبس وسيطرة حالة القهر على النائب السابق، الرئيس الجديد، أمام قوة التسلط التي فرضت عليه من المتسلط؛ الحاكم القوي؛ ولي نعمته الأول، ومانحه المكانة والجاه وكل ما هو عليه، والذي لولاه ما كان له أن يكون شيئا يذكر. بل حتى أنه هو من وجه الشعب لانتخابه. كما أراد أن يوعزه هو [المتسلط السابق] من خلال خطاباته الأخيرة بهذا الخصوص.
وهنا تتجسد فكرة العلاقة بين المتسلط والإنسان المقهور. بحسب الدكتور مصطفى حجازي في كتابه "التخلف الاجتماعي – مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور". فالمقهور "..لا يجد سوى الرضوخ والتبعية، سوى الوقوع في الدونية كقدر مفروض"
"ومن هنا شيوع تصرفات التزلف والاستزلام، والمبالغة في تعظيم السيد، اتقاء لشره أو طمعا في رضاه.." يواصل المؤلف. وبعد عدة مراحل يقدمها، يوصلنا إلى مرحلة يسميها: "تماهي المقهور بقيم المتسلط وأسلوبه الحياتي" والذي يصل الأسلوب في هذه الحالة أخطر درجاته.."من خلال رغبة الإنسان المقهور في الذوبان في عالم المتسلط، بالتقرب من أسلوبه الحياتي وتبني قيمه ومثله العليا"..
يقتضي التنويه، أن المؤلف، فيما سبق، كان يتحدث عن المجموع (الشعوب المقهورة من سيدها، حاكمها المتسلط)، وهو أمر ينطبق بالضرورة على كل فرد بذاته. وتكون نسبة انطباق النظرية أكثر من غيرها في الدائرة الأكثر قربا من محيط المتسلط.
بالنسبة لهادي، فمن يعرفونه جيدا يزعمون بأن الأمر، ربما، ليس على ذلك النحو تماما. من حيث أن الرجل ظل غالبا يفضل البقاء بعيدا عن دائرة المتسلط شديدة الجاذبية. حتى مع ما يفترضه العكس بكونه كان الرجل الثاني، إلا أنه – في واقع الفعل - لم يكنه على الإطلاق. وهذا من شأنه أن جعله، ربما، أقل من غيره تزلفا وتمسحا مقارنة بالمحيط الرئاسي المخصص أكثر من أي مكان آخر لحاملي تلك الصفات القهرية. على أن هذا لا ينفي عنه – بالضرورة – كونه أحد المقهورين.
ومع ذلك، يتبادر إلى الذهن هذا التساؤل: هل كان النائب المقهور يشعر بدونيته وضعف مكانته الحقيقية مقارنة بموقعه الرسمي، ولاسيما حينما كان يحضر مجالس الرئيس السابق ويشاهد غيره من المقهورين وهم يتمسحون ويتزلفون ويبالغون في "تعظيم السيد، اتقاء لشره أو طمعا في رضاه.."؟.
الإجابة على هذا التساؤل تفضي بنا إلى الحديث عن كيفية "صناعة الديكتاتور" في مصنع يعمل به المقهورون. ومعه قد يساعدنا ذلك إلى معرفة نسبة التماهي المحتملة بقيم المتسلط وأسلوبه الحياتي. ثم ليبعث ذلك مخاوفنا أكثر، أو ليطمئننا من أننا إزاء أو لسنا إزاء "متسلط" جديد؟
إن صور الرئيس الجديد، التي فرضتها العملية الانتخابية، وغطت كافة شوارع الجمهورية والأماكن العامة، ما زال بقاؤها حتى الآن يذكرنا بنفس الطريقة والأسلوب والإخراج والبذخ الذي شكل جزءاً من حياة المتسلط السابق. ويقال إن الديكتاتور يشعر بسعادة غامرة حين ينظر إلى نفسه في كل مكان يمر به. وإن فكرة فرض مثل تلك الصور غالبا ما كانت تأتي بداية من قبل ناصحين متزلفين أو متمصلحين من إضفاء مزيد من الشعور بالسعادة لدى المتسلط.
وإن أحد مباعث التخوف، هو: أن الطاقم السابق من المقهورين المقربين، بدأ مباشرة، وبشكل سريع، وبحرفية بمهنته التزلفية مع الرئيس الجديد. ظهر ذلك على شاشات التلفزيون المتغنية به، والممجدة له، وعلى صفحات الجرائد الرسمية باستبدال الإضاءات اليومية باسمه. وكما برز ذلك باستبدال البعض اسم "الصالح" باسم "الهادي"، فقد ظهر أيضا بالتقرب والتمسح والمبالغة في التعظيم، وتكلل بتطوع البعض في إسداء النصائح الخاصة والتسابق إلى مرافقته في تحركاته ومحافله الرسمية..الخ.
وكان أحد المصادر الخاصة، في دار الرئاسة، أكد لي، باستهجان: أن ثمة من يحاول أن ينقل ويحاكي العهد السابق من خلال إحياء وتجسيد بعض المظاهر القديمة في دار الرئاسة خلال الأيام القليلة الماضية. وعلى سبيل المثال: صور الرئيس الجديد الكبيرة والباذخة نشرت على نطاق واسع لتغطي معظم الأماكن هناك. ونجل الرئيس وسكرتيره الصحفي حضرا بهدف إعادة تأهيل المسبح وحمامات السونا والبخار النوعية وباهظة الثمن..الخ. ناهيك عن ملاحظات استفزازية أخرى، منها: حضور طاقم كبير من البلاد والقبيلة معه إلى الدار، والتصرف بطريقة باعثة على التقزز..!
كل تلك الأمور، بالطبع، لا ترقى إلى درجة الخطورة المقلقة. فمن حق الرئيس الجديد، الذي أشيع ولعه بالسباحة، أن يعمل كل ذلك دون ملامة من أحد، بيد أن ما يثير حفيظة المنتقدين هو شعورهم بنسبة – ولو أنها ضئيلة جدا - من التماهي الحياتي مع عهد المتسلط السابق. مما يذكر إلى حد ما بسياسات المصنع السابق. ولعل ما يفرض حساسية أكبر ويدعو إلى تسليط الضوء عليه أكثر، كونه جاء على أنقاض رفض الشعب الثائر لمسالك ذلك العهد المشبع بالبذخ والفساد.
وبالتالي فإن أي توجه – حتى إن كان طبيعيا بريئا وغير مستفز – وفقط ان يكون مشابها، فمن شانه أن يذكر بالماضي البغيض، في الوقت الذي يثير مخاوف البعض من إمكانية السير نحو إعادة صناعة ديكتاتور جديد آخر.
إن كل ديكتاتور، متسلط، غالبا لا يبدأ بكونه كذلك. غير أن صناعته تبدأ بتلك الطريقة المشابهة: تبدأ بمظاهر بسيطة من التبجيل والتطبيل والمبالغة في التعظيم، لتضفي لاحقا شعورا بالعظمة والذكاء والقوة والتفرد، ومن ثم – غالبا – ما يقود ذلك إلى استمراء الواقع الجديد المزيف، والذي يفضي بدوره إلى سيطرة شهوة السلطة والتسلط، ومن ثم، من شأن ذلك أن يفرض عليه استملاء المتمسحين والمتزلفين وشراء الخبراء والمستشارين للتخطيط والمساعدة في الحفاظ على التسلط والقوة، ما يجعل الفساد يستشري..الخ، لينتهي الأمر بتخليق وصناعة ديكتاتور خالص لا يمنعه شيئا عن القمع والقتل والظلم..حفاظا على سلطاته.

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.