بعد ثمان سنوات من بداية حربها على الإرهاب العالمي، مازالت أمريكا تعتبر أن تنظيم القاعدة والمجموعات المرتبطة بها مازالوا يشكلون أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي. وذلك على الرغم من تلك الجهود المبذولة لإعاقة عملياتها في أفغانستانوباكستان والعراق وشمال أفريقيا والصومال واليمن. جاء ذلك في آخر تقرير أصدرته وزار الخارجية الأمريكية حول الإرهاب للعام المنصرف (2008)، ونشرت بعض مقاطعه الخميس الماضي. ومع أن التقرير لاحظ هبوط الهجمات الإرهابية بشكل عام وخصوصاً في العراق، وأفغانستان، إلا أنه لاحظ أيضاً ارتفاعها بشكل مثير في باكستان، بينما أتهم كل من سوريا و إيران بمواصلتهما دعم الإرهاب في أماكن مختلفة في فلسطين والعراق ولبنان. وفيما أعتبر أن الهند كانت أكثر البلدان المتضررة في العالم - العام الماضي 2008 - من الهجمات الإرهابية، فقد أعرب عن قلقه من استمرار الحالة المقلقة في كل من اليمن وفنزويلا. ووضع التقرير، اليمن ضمن المناطق السوداء، التي أعطيت درجة "سيئة". ووصف استجابة الحكومة اليمنية للتهديد الإرهابي، أنه "كان متقطعاً" وأن "قابليته لمطاردة ومحاكمة المشتبه بهم بالإرهاب ظلت ضعيفة بسبب عدد من العيوب، بضمنها توقفه (أو تلكئه) عن إعداد مسودة أولية لقانون مكافحة الإرهاب". ووفقاً لذلك فقد أعتبر التقرير أن "غياب أو انعدام تشريع فعال لمكافحة الإرهاب - يجرم نشاطات أولئك المشغولين في التخطيط، والتسهيل، أو تنفيذ أعمال إرهابية في اليمن وفي الخارج – قد ساهم في استئناف اليمن كملجأ أمن وقاعدة محتملة للعمليات الهجومية للإرهابيين". وحذر التقرير من حالة الأمن في اليمن التي قال أنها واصلت تدهورها خلال العام الماضي. وأستند في ذلك على بعض المؤشرات الناتجة عن تزايد سلسلة الهجمات ضد المصالح الغربية واليمنية. وقال أن ذلك قد توج في عملية تفجير انتحارية ضد سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في صنعاء. وركز التقرير على ذلك الهجوم الذي نفذه إرهابيون على سفارة الولاياتالمتحدة في صنعاء، في 17 سبتمبر، وقتل فيه 18 شخص، بضمنهم أمريكي. وقد أستنتج التقرير – على خلفية ذلك الهجوم - أن "الاستخدام للقاعدة في اليمن، بقي قوياً، وأن استعمال عربة تحمل أدوات متفجرة مرتجلة، وصدريات الانتحار، أشارت إلى مستوى عالي من التدريب والتنسيق، وتطور بقيادة اليمن الإرهابية". و أعتبر أنه وعلى الرغم من أن تلك الغارة التي نفذت على إحدى خلايا القاعدة في اليمن في أغسطس، كشفت عن عدد كبير من الأسلحة، إلا أنه نبه أن ذلك الإجراء "عمل القليل لردع أو عرقلة خلايا أخرى". إذ استدرك: أنه وبعد شهر واحد على الأقل، كان سبعة مهاجمين يلبسون أزياء جهاز الأمن الرسمية اليمنية، وهاجموا السفارة بصدريات الإنتحار والمتفجرات" واصفاً الهجوم أنه "متطور ومنسق بشكل جيد. وتحدث التقرير أن موقف الحكومة اليمنية، كان متعاوناً في البداية، لكنه تضائل بعد ذلك، مؤكدا: "أنه وبعد الهجوم على السفارة، مكنت الحكومة، فريق التحقيق من (FBI) من الوصول الكامل للأدلة، في بداية الأمر، لكن ذلك التعاون تضائل لاحقا"ً. إلى ذلك يكشف التقرير، أن الهجمات الإرهابية في مختلف أنحاء العالم انخفضت بنسبة 18% تقريباً خلال السنة الماضية. فقد انخفضت من 14,506 هجوماً عام 2007 لتستقر عند 11,770 عام 2008. وأن عدد القتلى الناجم عنها انخفض بنسبة 30 في المئة، موضحاً أنه - و بناء على الإحصائيات التي جاءت في تقرير المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب - فإن 19 مدنيا أمريكيا قتلوا في حوادث مرتبطة بالإرهاب خلال السنة الماضية مقارنة مع 33 قتيلا خلال عام 2007. ومع تأكيده لانخفاض الهجمات على مستوى العالم، إلا أنه أكد، أن الهجمات ارتفعت في باكستان من 890 هجوما عام 2007 إلى 1839 هجوما. أي أنها ارتفعت أربع مرات منذ العام 2006. وقال "أن المقاتلون وسعوا عملياتهم وعززوا مواقعهم خلال الفترة المذكورة ولا سيما في منطقة الشمال الغربي من الحدود الباكستانية الأفغانية التي تخضع لنفوذ القبائل" ويرى التقرير أنه رغم وجود مؤشرات إيجابية، فإن ارتفاع وتيرة العنف في باكستان يعكس تزايد "التنسيق والتطور والتكرار" في تنفيذ العمليات الانتحارية والتفجيرات الأخرى على يد حركة طالبان وتنظيم القاعدة..