انتقد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر سياسة الإدارة الامريكية فيما يتعلق باستخدام هجمات الطائرات بدون طيار في حروبها الخارجية، واللجوء إلى الاغتيالات الموجهة في الخارج، والتي قال إنها تظهر بلاده كمنتهكة لحقوق الإنسان، بالطريقة التي من شأنها أن «تحرض أعدائنا وتنفر اصدقائنا». وشن كارتر هجوما لاذعا على السياسية الخارجية الأمريكية في مقالة نشرت الأحد على صحيفة النيويورك تايمز. وإذ أعتبر ان الولاياتالمتحدة، بذلك «تتخلى عن دورها كبطل لحقوق الإنسان»، دعا واشنطن إلى تغيير المسار واستعادة القيادة الأخلاقية مرة أخرى. وفي نقد قاس وجهه لإدارتي جورج دبليو بوش وبارك أوباما، أعتبر كارتر أن الكشف مؤخرا عن معلومات صادمة تفيد بأن كبار المسؤولين الامريكيين يستهدفون الناس، بما في ذلك مواطنيها، في الخارج إنما هو «مجرد دليل آخر يبعث القلق» على المدى الذي توسعت فيه مثل هذه الانتهاكات. وكانت تقارير اخبارية نسبت لمسئولين أمريكين كبار تأكيداتهم بشأن تكثيف الولاياتالمتحدة لضرباتها الجوية الموجهة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، عبر طائرات بدون طيار، مما أثار جدلا حول قانونية مثل هذه العمليات لاسيما ما يتعلق باستهداف مواطنين أمريكيين، مرتبطين بالتنظيم الإرهابي، بدون محاكمات. وعوضا عن ذلك، فقد دار في السابق، ومازال يدور حتى اليوم، وعلى نطاق أوسع، جدل آخر ذو طبيعة ثنائية: سياسية- أخلاقية، حول جدوى تلك الضربات الجوية الموجهة، التي يقتل فيها الكثير من الأبرياء المتواجدين غالبا بالقرب من المستهدفين من تلك الضربات. ويقول كارتر في مقالته، أنه «في الوقت الذي كانت فيه الثورات الشعبية تجتاح العالم، فإن الولاياتالمتحدة كان ينبغي عليها تقوية، وليس إضعاف القواعد الأساسية للقانون ومبادئ العدالة». وتأتي انتقادات كارتر هذه، قبل أشهر قليلة فقط من آمال اوباما للعودة ثانية إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر الرئاسية. ويضيف الحائز على جائزة نوبل للسلام، بالقول ان الهجمات التي طالت حقوق الانسان بعد الأعمال الإرهابية الوحشية في 11/9 كانت قد «تصاعدت بعد أن تم المصادقة عليها من قبل السلطات التنفيذية والتشريعية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، بدون تواجه بمعارضة من عامة الشعب»، مضيفا: «وكنتيجة لذلك، فان بلادنا لم تعد قادرة بعد الآن على مواصلة الحديث باسم السلطة الأخلاقية حول هذه القضايا الحرجة». ويعتقد أنه «وعلى الرغم من أن الدولة كانت قد ارتكبت أخطاء في الماضي، إلا أن الانتهاكات الواسعة الانتشار لحقوق الإنسان على مدى العقد الماضي كانت بمثابة التحول الجذري مقارنة بالسابق». ويواصل قائلا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمد في عام 1948 من قيادة الولاياتالمتحدة، «تم الاستناد إليه من قبل نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع الدولي لتغيير واستبدال معظم دكتاتوريات العالم بالديمقراطية وتعزيز سيادة القانون في الشؤون المحلية والعالمية. وأنه لمن المزعج، بدلا من تعزيز هذه المبادئ، نجد سياسات حكومتنا لمكافحة الإرهاب تنتهك الآن وبشكل واضح ما لا يقل عن 10 من المواد ال30 للإعلان، بما في ذلك الحظر المفروض على «المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو المهينة». كما يرى كارتر أن التشريع الأمريكي الأخير قد منح الحق القانوني للرئيس لاحتجاز أي شخص لأجل غير مسمى بمجرد الاشتباه في الانتساب لمنظمات إرهابية أو «القوات المرتبطة بها»، معتبرا أن «هذا القانون يشكل انتهاكا للحق في حرية التعبير والحق في أن يعتبر المتهم بريئا حتى تثبت إدانته، والأثنان من حقوق أخرى ينص عليها الإعلان». ويقول أن ثمة «انتهاكات لم يسبق لها مثيل لحقوقنا في الخصوصية من خلال التنصت على المكالمات الهاتفية دون إذن قضائي والتدقيق الحكومي على رسائلنا الإلكترونية». وغيرها من قوانين الدولة المعلنة التي تطال حقوق الأفراد الشخصية وحريتهم في التعبد والانتماء. ويعود كارتر لينتقد سياسة بلاده فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، قائلا: «وعلى الرغم من الحكم الاعتباطي الذي بعلن أي رجل يتعرض للقتل عن طريق ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية على انه عدو إرهابي، إلا أن موت النساء والأطفال الأبرياء المتواجدين بالقرب يتم القبول به كأمر حتمي لا مفر منه»، منوها في هذا الصدد إلى أنه «وبعد أكثر من 30 غارة جوية على منازل المدنيين في أفغانستان هذا العام، طلب الرئيس الافغاني حميد كرزاي بان تتوقف مثل هذه الضربات، ومع ذلك إلا أن هذه العادة مازالت مستمرة في مناطق من باكستان والصومال واليمن التي لا تعد أي منها منطقة حرب»، وتسائل: «ونحن لا نعرف كم عدد من المئات من المدنيين الأبرياء قتلوا في هذه الهجمات، وكل شخص تمت المصادقة عليه من قبل السلطات العليا في واشنطن. وهذا لم يكن واردا في المرات السابقة». كما أنتقد الرئيس الأمريكي الأسبق، سياسة التعامل الأمريكي مع المعتقلين المحتجزين في معتقل خليج غوانتانامو في كوبا، تحت ذريعة الحفاظ على «الأمن القومي». وفي ختام مقالته في الصحيفة الأمريكية الشهيرة، حذر كارتر من أنه وبدلا من جعل العالم أكثر أمنا، فإن «الانتهاك الأمريكي لحقوق الإنسان الدولية من شأنه أن يحرض أعدائنا وينفر أصدقائنا». وخلص إلى القول: «وينبغي علينا كمواطنين معنيين، أن نقنع واشنطن على تغيير اتجاهها واستعادة القيادة الأخلاقية طبقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية التي كنا قد تبنيناها رسميا كملكية خاصة بنا وعززناها على مر السنين».