لا أعتقد بأن هناك دولة تعيش على المساعدات الخارجية في العالم أجمع كما تعيش بلادنا والكثير من المراقبين يعتقدون بأن التسول أصبح مهنة وحرفة للدولة اليمنية بين دول العالم وكذا لمعظم أفراد الشعب اليمني والذي وجد العديد من أفراده في التسول مهنة سهلة مضمونة الربح ولما لا والحكومة اليمنية لا تتعب نفسها في البحث والتفكير لإيجاد مصادر إضافية لتنمية وزيادة دخلها القومي ووجدت أن استجداء الآخرين والاعتماد على المساعدات من الدول الأخرى هي وسيلة سهلة وغير مكلفة حتى ولو كانت على حساب إهدار سمعتها وكرامتها وماء وجهها أمام الأمم الأخرى, حتى أن الموازنة العامة وضعت وبصمات التسول واضحة فيها لأن الموازنة المرصودة أقل من الدخل المتوقع للدولة بحوالي تسعمائة مليار ريال والفارق سيكون بالطبع عن طريق استجداء المال من الدول الشقيقة والصديقة وليس من العيب أن تساعدنا الدول الأخرى مرة أو مرتين أو ثلاثة ولكن العيب كل العيب أن تظل هذه الدول أن تساعدنا إلى ما لا نهاية. اليمن ليست بالدولة الفقيرة فهي دولة غنية بمواردها البترولية والغازية والزراعية والسمكية والسياحية وغنية كذلك بالأيدي العاملة الرخيصة ولدي اليمن كل المقومات ليجعلها دولة تعتمد على نفسها على الأقل دون أن تمد يدها للغير الذي أصبح ينظر لنا بدونية بغيضة تدفعنا لنقول لحكامنا كفى وألف كفى لقد صنعتم من شعبكم أضحوكة أمام أشقائه من الشعوب العربية الأخرى. يجب على الدولة تحاسب كل من نهب ثروات هذا البلد وهم معروفون بالأسماء والعناوين فالدخل القومي اليمني يقدر بحوالي 12 مليار دولار سنوياً يذهب نصفه في جيوب الفاسدين والنصف الآخر يذهب إلى خزينة الدولة. فيجب على الدولة أن تحاسب الذين باعوا الغاز بأقل من خمس سعره العالمي ولا تجرؤ الحكومة على مجرد الحديث عنهم ناهيك عن محاسبتهم أو محاكمتهم. يجب على الدولة أن تحصل الضرائب من التجار بشكل صحيح وكامل بحسب القوانين المنظمة لذلك ولكن مع الأسف الشديد يتحدث الجميع حاكماً ومحكوماً بأن معظم التجار ورجال الأعمال يتهربون عن دفع ما عليهم من ضرائب مستغلين الفساد الضارب بجذوره في أعماق الدولة. ويرى العديد من المحللين الاقتصاديين بأن على الحكومة اليمنية أن تستعين بخبراء ومحصلين للضرائب من خارج اليمن وستكتشف فعلاً أنه لا يوجد تاجر ولا رجل أعمال ولا مؤسسة خاصة تقوم بتسديد ما عليها من ضرائب ومعظم هؤلاء يتهربون من دفع الضرائب الواجب عليهم دفعها لهذا الشعب المغلوب على أمره.
يقول المثل الصيني لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد ... هو مثل بسيط ليت كل يمني يستوعبه ونحن قادمون على شهر رمضان والذي هو شهر العبادة لكل شعوب العالم إلا الشعب اليمني هو شهر التسول والكل يتسول من الكل بطريقة منفرة ومزعجة لمرتادي المساجد وفي التقاطعات الرئيسة والجولات وفي الأسواق وأمام المدارس والجامعات بل وفي قاعات الدراسة وفي المستشفيات ومحطات البترول وفي كل مكان تتخيله أو لا تتخيله تجد العشرات بل المئات من المتسولين. ونحن كشعب فقير نتقبل أن يساعد بعضنا البعض إذا مر أحد منا بضائقة مالية حتى يخرج من هذه الضائقة ولكن ليس من المعقول أن يظل هذا الشخص في ضائقة مالية طوال حياته وتمر السنوات والسنوات وتجد نفس الوجوه الموجودة في الجولات أو تتردد على المساجد هي نفسها وهذا يعني أنهم لا يريدوا أن يعملوا أو يفكروا بل هؤلاء استسهلوا التسول والاستجداء وكان من الممكن أن يجمع كل واحد من هؤلاء المطلبين مبلغ محدد من المال (كضمار) ويذهب ليشتري ويبيع أي سلعة من السلع تقيه من مد يده للآخرين وكما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام اليد العليا (التي تقدم المال) خيرٌ وأحب إلى الله من اليد الدنيا (اليد المتسولة). فعلى الدولة أن تشجع المواطنين وتساعدهم على إقامة مشاريع صغيرة ومنتجة وتتوسع في ذلك بشكل كبير لأنه عامل مهم في التنمية ودولة كالصين مثلاً نمت بشكل كبير بل أصبحت الدولة الأولى في العالم اقتصاديا بفضل تشجيعها للمواطنين الصينيين على الإنتاج ولا يكاد يخلو منزل في الصين إلا وينتج سلعة ما ويسوقها.
أأمة المساجد أيضا يطلبون من المصلين أموال ليصرفوا على المساجد وكان من الواجب على الدولة أن تصرف على هذه المساجد كما هو الحال في كل دول العالم وهناك تجارب طبقت في العديد من دول العالم جعلت من المساجد مراكز إنتاجية وليست مراكز للاستجداء ونتمنى أن يستفيد منها العاملين في هذه المساجد وإليكم أمثلة: معظم مساجدنا تقع على شوارع رئيسة ويمكن عمل محلات تجارية أو مطاعم على سور هذه المساجد, ويمكن أيضاً عمل عيادات طبية بأجور رمزية والأطباء الذين يسكنون في هذه الأحياء يطلب منهم لتخصيص ساعات قليلة من أوقاتهم لمعاينة المرضى مجاناً أو بأجر بسيط يذهب لصالح المسجد وسيقبلون بذلك وأعرف العديد من المساجد في جمهورية مصر العربية يوجد بها عيادات ومختبرات وأجهزة أشعة متطورة للغاية ويمكن أيضاً فرض رسوم رمزية على طلبة حلقات القرآن المترددين على المسجد تذهب لصالح المسجد فالعديد منهم جاء من أسر ليست بالفقيرة.
الحكومة تستطيع أن تجمع كل المطلبين في الجولات وتقوم بتدريبهم على حرف يدوية وتجعل منهم فئة منتجة مفيدة لنفسها ومفيدة للمجتمع وهذا ما قامت به معظم دول العالم الثالث والثاني والأول للقضاء على ظاهرة التسول السلبية والتي تشوه صورة اليمن أمام العالم وتخلق فئة من الطبقة الطفيلية التي تعيش على تعب الآخرين وهناك مشاريع عديدة للقضاء على ظاهرة التسول موجودة لدى الجمعيات الكبرى في اليمن مثل جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية وغيرها من الجمعيات من الممكن أن تستفيد منها الحكومة للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تهدد المجتمع حيث وأن ظاهرة التسول أصبحت تدار من قبل عصابات منظمة تعمل في كل جولات العاصمة وعواصم المدن اليمنية الكبرى وبدأ العديد من مرتادي الإجرام يستغلون الضعفاء من هؤلاء المتسولين في جرائم أخلاقية أو جنائية.
نناشد القائمين على دولتنا العزيزة أن يفكروا بعقلية أكثر انفتاحاً وبعقلية إيجابية تعرف كيف تحافظ على ثروتها القومية وتنميها وتبحث عن مصادر لتنمية الدخل القومي حتى نرفع رؤوسنا عالياً بين شعوب العالم وكذلك بأن توجه هذا الشعب ليكون شعباً منتجاً كريماً أبياً لا أن يكون شعباً متسولاً.