قال رجل دنماركي يدعى مورتن ستورم، يبلغ من العمر (36) عاماً إنه هو من قاد وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA إلى أنور العولقي أحد قيادة القاعدة الذي قتل في غارة أمريكية في اليمن السنة الماضية، حيث قال إنه فعل ذلك عن طريق استخدام جهاز تتبع سري لبصمة إبهام العولقي في جهاز كمبيوتر. ومن بين الأدلة التي قدمها: تسجيل لمحادثة هاتفية وتأشيرات جواز سفر تظهر رحلات متعددة إلى اليمن ومراسلات مع العولقي بالإضافة إلى محادثة هاتفية أو محادثة مسجلة مع أمريكي مجهول وهو الذي اعترف بدوره في ملاحقة أو متابعة العولقي. وكانت صحيفة جيلاندز بوست الدنماركية قد نشرت تفاصيل القصة قبل الأيام القليلة الماضية بعد مراجعة الوثائق والأشرطة المسجلة التي قدمها ستورم. ولم تنفِ أو تؤكد وكالات الاستخبارات الدنماركية مسؤولية ستورم عن العملية، كذلك لم يتسنى بعد ل سي.إن.إن. ,الوصول إلى المسؤولين الأمريكيين للتعليق على الموضوع. وقد ظهر ستورم بعدة ادوار في الحياة كشخص جهادي ملتزم, ورب أسرة وكذلك مشجع رياضي في الهواء الطلق. في الحقيقة لقد ساعد في إدارة مؤسسة بريطانية تدعى (ستورم آوت دوورز) حيث يتحدث فيها المشرف على ملفه «أنه كان يعيش مع البدو في صحراء شمال اليمن». وهناك دليل مؤكد على أن ستورم, عضو سابق في التنظيم وبالإضافة إلى كونه مجرم حيث تنقل بين دوائر الجهاديين بعد أن أعتنق الإسلام في أواخر التسعينيات حيث أصبح يعرف بعد ذلك ب(مراد ستورم). وتظهره أحد أشرطة الفيديو بشكل واضح وهو يشارك في مظاهرة مع الجهاديين الإسلاميين في لندن في العام (2005) حيث كان يستمع إلى كلمة للداعية المتطرف عمر بكري محمد، وطبقاً لصحيفة جيلاندز بوست فإن ستورم أصبح بعد ذلك تحت مراقبة الاستخبارات الدنماركية نظراً لارتباطه بالمقاتلين الإسلاميين. في السنة التالية، قال إنه غير اتجاهاته ليصبح بعد ذلك عميل مزدوج لدى وكالة الاستخبارات الدنماركية.
لقاء العولقي طبقاً ل«ستورم»، فقد التقى بالعولقي للمرة الأولى في منزل والده في العام 2006م عندما كان يدرس في العاصمة اليمنية صنعاء حيث كان ستورم يحضر إلى جامعة الإيمان التي كانت مشهورة بتدريب المقاتلين وهي الجامعة التي كان فيها يدرّس. حيث صرح ستورم لصحيفة جلاندز بوست قائلاً «لقد تحدثنا إلى بعضنا بحرية» حيث كان ذلك قبل اعتقال العولقي وسجنه (17) شهراً في أحد السجون اليمنية بتهمة ارتباطه بالقاعدة. كان ذلك عندما كان العولقي في السجن يقول ستورم أنه قام بعملية الانتقال. وفي وقتٍ ما في الصيف من العام 2006م اقترب ستورم من وكالة الاستخبارات الدنماركية وعرض عليهم الخدمة حيث قال إنه تم تقديمه إلى الاستخبارات البريطانية ووكالة الاستخبارات الأمريكية من قبل الاستخبارات الدنماركية حيث تم تعيين مشرف خاص له. وتقول الصحيفة أنها أكدت هوية ذلك المشرف. ويقول ستورم ان وكالات الاستخبارات الامريكية والدنماركية «عرفت ان انور العولقي يعتبره صديقه وشخص موثوق لديه, كما عرفوا انه بإمكاني الوصول إليه ومعرفة أين يقيم». عندما تم إطلاق سراح أنور العولقي من السجن تمكن ستورم من «إحضار مواد وجهاز إلكتروني لأنور» مستخدماً لذلك المال الذي تزوده به الاستخبارات الدنماركية.
قائمة تسوق القاعدة يقول ستورم إن وكالة الاستخبارات الأمريكية أرادت زرع جهاز تتبع في الجهاز الذي أخذه إلى اليمن لكن عملية الالتقاء بالعولقي كانت قد أصبحت أكثر صعوبة حيث اختفى في 2009 في محافظة شبوة النائية. هذا وقد قال ستورم لصحيفة جلاندز بوست أن آخر لقاء جمعه مع القيادي في التنظيم - والذي كان يعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في التنظيم – كان في سبتمبر 2009م حيث أقام ستورم في منزل أحد المتعاطفين مع القاعدة. وفي الملجئ في الصحراء حيث يختفي أنور العولقي فقد طلب العولقي من ستورم أن يحضر له ألواح شمسية أو ثلاجة متنقلة لاستخدامها في تبريد المواد المتفجرة. «ناقشنا بعض الهجمات الإرهابية وكان لديه بعض الخطط لمهاجمة مراكز تسوق في الغرب وأماكن أخرى استهداف الناس بالسموم» طبقاً لما أورده ستورم. يحتوي جواز سفر ستورم على تأشيرة خروج من اليمن بتاريخ 19 سبتمبر 2009م. وبعد أسابيع قليلة من عودته إلى كوبنهاجن، يقول استورم أنه التقى ضباط من وكالة الاستخبارات الأمريكية وجهاز الاستخبارات الدنماركية حيث تم إطلاعه على صور للأقمار الاصطناعية تظهر المنطقة التي التقى فيها بالعولقي حيث قام ستورم بتحديد المنزل الذي أقام فيه. وفي وقت لاحق، شنت القوات اليمنية هجوماً على المنزل وقتلت صاحب المنزل إلا أن أنور العولقي كان قد غادر هذا المنزل. وقالت صحيفة جيلاندز بوست إنها حصلت على رسالة بريد الإلكتروني مزعومة أنها من العولقي إلى ستورم بتاريخ 17 يونيو 2010م، كتب فيها أنور العولقي «هل تتذكر الرجل الذي عشت معه، لقد تأكد الآن أنه قتل». وتقول الصحيفة إنها سجلت مكالمة هاتفية تمت بين ستورم وعملاء من وكالات الاستخبارات الدنماركية.
تبادل ذاكرة الكمبيوتر (USB) وطبقاً لستورم، فقد مضى أكثر من عام على محاولة التقاط أو تتبع للعولقي، ويسرد ستورم اجتماعاً عقده لمدة يومين في أبريل 2011م مع عملاء وكالات الاستخبارات الدنماركية في فندق هيلزنجر المطلة على بحر البلطيق. حيث تقرر أن عودة ستورم ومحاولة الالتقاء بالعولقي ستكون في غاية الخطورة, لكنه سيسافر إلى العاصمة اليمنية ومن ثم سيرسل ذاكرة الكمبيوتر (USB) إلى العولقي عن طريق شخص (رسول). وقبل المغادرة أرسل رسالة إلى هيئة تحرير موقع مجلة (إلهام) التي ينشرها تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب مستخدماً الشفرة التي أعطاه إياها العولقي وهي (الدب القطبي). في يونيو 2011 قام بزيارة إلى العاصمة صنعاء استغرقت خمسة أيام تلاها بزيارة أطول في يوليو. يقول ستورم إنه تم إعطاءه ثلاثة لقاءات في أيام متفرقة أحدها كان في مطعم كنتاكي بصنعاء. كان احترازا نموذجيا من جانب القاعدة والعولقي. في المكان الثالث مرر إليه الرسول رسالة خطية من العولقي تحمل «ما كان يحتاج إليه». أصبحت ذاكرة الكمبيوتر والرسائل الخطية هي وسائل التواصل بينهم. وفي أحد الأوقات سأل العولقي عما يدور في الغرب عن الخطط المزعومة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية لاستخدام سم الريسين، وفي الوقت ذاته ذكرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أن «ضباط أمريكيين من مكافحة الإرهاب لديهم قلق مزايد من أن أخطر ذراع للقاعدة يحاول إنتاج سم الريسين المميت وتعبئته حول متفجرات صغيرة لاستخدامه في هجمات ضد الولاياتالمتحدة». هذا وتضمنت أحد الرسائل المطبوعة من أنور العولقي طلباً شخصياً، وهو ما يوضح العلاقة الوثيقة التي تشكلت بينهم، «زوجتي تحتاج بعض الأشياء من صنعاء فهل ممكن أن تحضرها لها زوجتك؟» سأل العولقي. يقول ستورم أنه تم استدعائه إلى أوربا في أغسطس 2011م حيث التقى مع عملاء من وكالات الاستخبارات الأمريكية ومسئولين في وكالة الاستخبارات الدنماركية في ملجا بأسبانيا. ويقول استورم إن الأمريكي أخبره أنه هناك مكافأة مالية كبيرة إذا تم قتل العولقي، وفي سبتمبر 2011 يقول ستورم إنه تلقى رسالة من أحد الوسطاء –وهو الشخص الذي قام بأخذ الذاكرة إلى اليمن مرة أخرى. يقول ستورم متحدثاً إلى الصحيفة: «سمعت في وقت لاحق أن الرسول كان قد عاد إلى مراكز التسوق حاملاً معه ذاكرة الكمبيوتر حيث تم تهريبه داخل سيارة تويوتا لاند كروزر». وبعد ثلاثة أسابيع لاحقة قتل أنور العولقي. ويؤكد مسؤولون أمريكيون أن عملية استخباراتية منفصلة هي ما قادهم إلى مكان العولقي وهو الأمر الذي يكذبه ستورم.
الخلاف مع الأمريكيين ويقول ستورم للصحيفة: «أنا على اقتناع تام أن وكالة الاستخبارات الأمريكية اعتقلت الرسول... لكن من الواضح أن الأمريكيين لن يعترفوا أنه كان عميل مع وكالة الاستخبارات الدنماركية وأن دولة صغيرة كالدينمارك هي من قادت لتحديد مكان العولقي». وطبقاً للصحيفة فإن اجتماعاً قد عقد في فندق مارينليت في هيلزنجور بعد أسبوع من مقتل العولقي في محاولة لتهدئة ستورم. وقالت الصحيفة إنها تحتفظ بتسجيل صوتي استغرق تسع دقائق لاجتماع عقده ستورم عبر هاتفه المحمول حيث سمع متحدثاً إلى رجل يتحدث باللهجة الأمريكية مستخدماً اسم ميتشال وهو الذي اعترف بعمل ستورم لصالح وكالات الاستخبارات الأمريكية والدنماركية. يقول ستورم متحدثاً إلى الرجل: «كان مرشدي وشيخي ومعلمي وصديقي ولكن بسبب الشر الذي يحمله استخذت هذه الخطوة». يقول ميتشال ردا على إحدى النقاط: «أريد أن أفهم – هذا فريق، كان كل ذلك مجهود جماعي، فريق من منظمتي، مني الذي أنا معاكم هنا – إنها من Jed (أحد أسماء الأمريكية التي كانت على اتصال سابق مع استورم)». وأضاف أن مشاركة ستورم كانت معروفة لدى كبار المسؤولين الأمريكيين مضيفاً «أنا أتحدث عن الرئيس الأمريكي، إنه يعرفك، إنه يعرفك، لذلك فالناس المهمين يعرفون مشاركتك، ونحن ممتنين لك». لكن ميتشال أكد في المكالمة الهاتفية أنها كانت عملية جماعية هي من قادت إلى مكان العولقي. وليس هناك وسيلة لتأكيد هوية ميتشال فيما إذا كان ضابط أمريكي، لكن في تسجيل لمكالمة هاتفية لاحقة من (أوجست) أحد عملاء وكالات الاستخبارات الدنماركية بشفرة اسمية (أولد) قال إنه «يتفهم إحباط ستورم وسوف يحاول ان يخرج له مكافأة مالية». وفي تصريح أدلى به جاكوب سكارف– رئيس المخابرات الدنماركية– يوم السبت لصحيفة جيلاندز بوست قال: «من أجل عمل استخبارات الدنماركية فلا نستطيع ولن نؤكد علناً فيما إذا كان أفراد بعينهم قد تم استخدامهم كمصادر». بالنسبة لستورم فهو يمتلك صفحة على الفيس بوك حيث تشير إلى أنه يعيش في مدينة جنوب شرق إنجلاند. ومن ضمن الرسائل الموجودة على الحساب في الأيام القليلة الماضية فإن هناك وصلة تفاعلية (لينك) لأغنية فلم جاميس بوند الجديد ومع تعليق عليها «حس بالارتباط أو حس أو بالعلاقة». وطبقاً لبعض المشاركات في أحد منتديات الإسلاميين في الأربعة والعشرين الساعة الماضية: «أخوة مراد السابقين – في لوت– مدينة في إنجلاند حيث ظهر ذات مرة كرجل يدير أعمال – لن ينسوه». كتب أحدهم «عاش هذا الشخص الكريه في لوتون واختلط مع إخوان لسنوات قليلة وكان عميلاً دائماً». وعلق آخر قائلاً: «مراد كان دائماً سلفي سعودي.... أي شخص عرفه عن قرب يعرف أنه كان سلفياً حتى النخاع». وملاحظة تحذير من الثالث تقول: «كان بوقاً هادراً بحيث لا يوجد شخص يرغب في أن يقوم بأي شيء معه لأنه سوف يأتي بأكثر المزاعم سخفاً». ربما ميتشال وحده وبعض عملاء وكالات الاستخبارات الدنماركية يعرفون الحقيقة.
- التقرير نشره موقع سي إن إن الإنجليزي. - الترجمة خاصة بالمصدر أونلاين، ويمنع إعادة نشرها دون إذن مسبق من الموقع.