بدأت الأمور تستقر في الضالع جنوب اليمن، حيث تتواجد منذ أيام 3 لجان عسكرية وبرلمانية ومحلية، لحلحلة مشاكل هذه المحافظة مع الأمن والجيش. وأفاد مصدر مطلع بأن اللجنتين العسكرية والمحلية توصلتا إلى قرارات مهمّة تقضي بسحب جميع المواقع العسكرية مداخل مدينة الضالع ومحيطها وعودة الجنود والمُعدات العسكرية إلى موقعها المركزي «إلى ثكناتها».
وتنتظر اللجنة العسكرية المرسلة من صنعاء لهذه المهمة رئاسة اللواء الركن سيف الضالعي قائد المنطقة المركزية وعضوية عميد ركن جهاد علي عنتر قائد اللواء 27 في صعدة، والعقيد ركن دكتور حميد العولقي، والعميد ركن مقبل مثنى الحميرة نائب دائرة الشؤون الفنية بالفرقة الأولى مدرع، من وزارة الدفاع البدء بتنفيذ هذه التوصيات تحت إشراف مباشر من قبل هذه اللجنة.
كما أن لجنة من المجلس المحلي في محافظة الضالع شُكلت برئاسة رئيس لجنة التخطيط بالمحافظة محسن محمد، لمساندة اللجنة العسكرية. وقالت مصادر ل«المصدر أونلاين» ان اللجنتين، اجتمعتا، عصر أمس، وخرجت بتقرير متضمناً توصيات مهمة، أبرزها: سحب المواقع العسكرية التي يتمركز فيها وحدات من الجيش، تابعة للواء 33 في مناطق متفرِّقة داخل وحول وفي أكثر من منطقة بمحافظة الضالع.
وأوصى تقرير اللجنتين العسكرية والمحلية بإطلاق سراح «جميع السجناء والمعتقلين على ذمة الحراك الجنوبي، وفي مقدمتهم فارس عبدالله صالح».
وفارس عبدالله صالح، الذي ينتمي إلى الضالع، مسجون في صنعاء بحكم إعدام أصدرته الجزائية المتخصصة في 11 ديسمبر 2010 بتهمة تفجير نادي الوحدة في عدن أيام خليجي 20. وهو مسجون بموجب حكم الجزائية مع 5 أشخاص محكومين ب5 سنوات سجن بينهم شقيقه رائد عبدالله صالح.
وكان الانفجار الذي استهدف نادي الوحدة في مدينة عدن راح ضحيته 4 قتلى وعشرات الجرحى، وتشكلت اللجان ال3 (العسكرية، البرلمانية، المحلية) عقب الاشتباكات التي وقعت يوم 4 ديسمبر الجاري، في منطقة «الجليلة» بمحافظة الضالع بين وحدات من الجيش ومسلحين محليين سقط بسببها قتلى وجرحى من الجانبين.
وكان النائب البارز عن إحدى دوائر محافظة الضالع الشيخ عبدالحميد حريز قد طالب عقب تلك الحادثة بسحب فوري للجيش من محافظة الضالع وإرسالها لحماية الكهرباء وإمداد النقاط العسكرية، وشكل مجلس النواب لجنة خاصة عقب تلك المداخلة القوية لحريز مر بين مهام اللجنة البرلمانية تقضي الحقائق عن حوادث «التقطع» بين محافظات: الضالع، إب، ذمار، البيضاء وريمة.
وتنتظر اللجنة العسكرية، المتواجدة حالياً في مدينة الضالع، إذناً مباشراً من وزارة الدفاع لتنفيذ التوصيات، وتوقع مصدر مقرب من اللجنة أن يتم ذلك خلال ساعات.
وأوصت اللجنة العسكرية بسحب المواقع والحواجز العسكرية من كافة المواقع والقرى والمحافظة «على أن تبقى النقاط الأمنية التابعة للأمن العام وتعزيزات الوحدات الأمنية للقيام بواجبها بوسائل ومعدات أمنية».
وأوصى التقرير بسرعة إعادة الضباط والأفراد المسرحين وأبناء محافظة الضالع إلى أعمالهم «الأمنية والعسكرية وتسوية أوضاعهم». وقال شيخ كبير في الضالع متحدثاً مساء أمس إلى «المصدر أونلاين»: «هذه الأمور تبشّر بخير، وستلقى صدًى طيباً في أوساط مواطني محافظة الضالع». متمنياً من الحكومة أن تكون صادقة في توجهاتها هذه.
وحتى ساعة متأخرة، من مساء أمس كانت اللجنة العسكرية تتدارس مع السلطة المحلية وقادة الجيش المباشرين في الضالع الطرق والوسائل والتوقيت المناسب «لسحب تلك المواقع والمعدات العسكرية إلى داخل اللواء 33، الذي يقوده العميد الركن عبدالله ضبعان»، وطبقاً لمسؤول في المجلس المحلي بالمحافظة فإن «كل ما تخشاه أثناء انسحاب الجيش من مواقعه أن يتعرّض لاعتداءات من قبل المواطنين الذين باتوا ينظرون إلى الجنود بعداء؛ بسبب الاعتداءات المتكررة وما حصل من اشتباكات طوال الفترة الماضية».
وكانت وزارة الدّفاع قد قررت إجراء تبادل بين اللواءين 35 المتواجد في تعز، واللواء 33 المتواجد في الضالع حالياً «لتخفيف الحدة الناشبة بينهما من جهة وبين المواطنين في تعز والضالع كل على حدة من جهة ثانية».
والمواقع التي أوصى التقرير بإخلائها من أفراد الجيش في الضالع هي: «شحذ، السوداء، الخزان، نشام، الحميراء، العرشي، حجر، حكولة، القشاع، الكبار». إضافة إلى ذلك سحب وحدات الجيش بالكامل من منطقة: «زُبيد وجحاف»، (استثنى التقرير منطقة «الربضي» الأمنية، التي تتواجد فيها نقطة أمنية)، إضافة إلى ما سبق من المواقع العسكرية التي أوصت اللجنة العسكرية بإخلائها تماماً من الجنود، النقاط التالية: «نقطة محطة قائد صالح، نقطة الحميراء، نقطة جحاف، نقطة الأزارق».
وكلف التقرير المحافظ والسلطة المحلية بالترتيب اللازم جنباً إلى جنب مع الجنة العسكرية، بالتواصل مع المواطنين للسماح ببناء وحدات سكنية في المواقع التي يتم إخلاؤها تأكيداً على ضمان الأمن وضمان سلامة هذه المواقع، «من أن تسقط في جماعات عنيفة»، على أن تشرع السلطة المحلية عقب الانسحاب مباشرة بالبناء.
وعلى مدى 5 أيام تمكّنت اللجنة العسكرية واللجنة المحلية من زيارة عدد من المواقع، ومن مقابلة المواطنين «بكل فئاتهم الاجتماعية والمشيخية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني، كما نظمت لقاءً جماهيريا عاما ضم أعضاء من المجالس المحلية وقيادات من الحراك الجنوبي».
وطبقاً للتقرير، فإن تلك اللقاءات «خلصت إلى تفاهمات مشتركة من شأنها أن تؤسس لعلاقات حميدة مع القوات المسلحة والأمن»، والتزم المواطنون بالتعاون التام «وعدم التصدّي أو الاعتداء على المعسكرات أو أفراد وضباط الجيش والأمن ومحاربة الإرهاب -إن وجد- في الضالع».
وكان هذا الالتزام شرط لسحب جميع المواقع العسكرية إلى مواقعها الثابتة؛ تجنباً للاحتكاك والتوتر، وهو ما انعكس فوراً على توصيات عملية، وفي تقرير اللجنة العسكرية.
ويواصل اللواء ال35 سحب معداته وأفراده من محافظة الضالع باتجاه محافظة تعز، بقيادة العميد الركن علوي الميدمة، الذي تبادل مع ضبعان قيادة اللواءين (33، 35).
التقرير ألزم المحافظ بضرورة صرف التعويضات المستحقة للمتضررين من أحداث يونيو 2010 في المحافظة، وحمل التقرير محافظ الضالع مسؤولية عدم صرف تلك التعويضات التي «طلبها ثم اعتمدت رسمياً ولم تصرف للمتضررين»، كما أقرّت اللجنة العسكرية «متابعة السلطة المحلية لإجراءات إنشاء جامعة الضالع بكل تكويناتها وإداراتها، على أن تكلف اللجنة العسكرية مع مدير الأمن بالمحافظة بمتابعة إنشاء مكتب للهجرة والجوازات في المحافظة أسوة بغيرها».
وقد رحب الشيخ عبد الحميد حريز بتوصيات اللجنة العسكرية، متمنياً أن تكون هذه التوصيات مثمرة لصالح الأمن والاستقرار والتنمية في هذه المحافظة التي تجرّعت المُعاناة والظلم بأنواعه. ووجّه الشيخ حريز نداءه إلى مواطني محافظة الضالع أن يتعاملوا «بإيجابية خالصة تجاه هذه التطورات العملية». مؤكداً لهم أن «الأمور تسير إلى خير، وأن النوايا صادقة» - كما يلمسها هو.