انفجرت ضاحكة عندما جاءني ابني مروان ليطلب مني أن أمدهُ بالمال من أجل أن يُفاجئني بهدية في عيد الحب، ليُدخل بذلك السعادة على قلبي. فقلت له بهذا الشكل "لن تكون مفاجاة ولكنك أنت مفاجاتي الأجمل.. يكفي فقط بأنك فكرت في ذلك وأن نيتك إسعادي.. وقد فعلت"... "إنما الأعمال بالنيات". قال ماما "أنا أحبك وأريد أن نحتفل".
تبادر إلى ذهني الشعور الجميل الذي دفع الولد لقول ذلك.. وقلت: "لم لا نحتفل بهذا العيد ولكن بشكل مغاير عما يكرسه اسم الحب الذي رسم صورة نمطية حوله وارتدى حلة العشق فقط لا غير"...
ولا يجب ألاّ يزرونا الحب والاحتفال به إلا مرة في السنة وكأنه استمع إلى كلام فيروز فقرر ذلك..
ولعل الحب هو ذاك الاكسير الذي اختفى من حياتنا اليومية فتحولت حياتنا إلى جحيم مستعر وأصبحت أيامنا ومساءاتنا وصباحاتنا تمتلك نفس اللون الباهت المعتق بآهات الملل والضجر والقهر. وتفجرت براكين الحروب وويلات الفتن. ونخر الفساد في عظم الإنسانية وعشعشت الانانية في كل أعمالنا. فلو أنا أحببنا لاخوتنا ما أحببناهُ لأنفسنا ما استاثرنا بشيء لا نملكه لنا، ولما مددنا ايدينا لأموال الاخرين وأملاكهم. ولما وجدنا من الناس من يسرق بالمليارات ليغنى وملايين من البشر يتسولون ليسدوا رمقهم بلقمة مغموسة بالذل والهوان...
أين هو الحب في حياتنا اليوم؟!
صارت كلمة حب قرينة بقلة الحياء وعدم الأدب وقلة الوازع الديني..
لم يخجل محمد - صلى الله عليه وسلم- وهو يعترف على مسمع من أصحابه وفي بيت الله بأن أحب الناس إليه هي عائشة ومن ثم أبيها أبو بكر... أتحدى أحد منكم أن يُصرح بحبه لزوجته في هذه الأيام أو لأبيها في بيته وليس في بيت الله!!
لكانت أقل تهمة توجه إليه في يومنا هذه بأنه ليس رجلا.. ليس رجلا...
ويا خوفي أن يُجرد رجل من ذكورته في مجتمع ذكوري!!
يجب علينا أن نتقاسم كسرة الحب بيننا وأن ننشرها فيما بيننا، ونُطلق للحياة ابتسامتنا وننشرها على الجميع.. فكم من عليل تداويه ابتسامة وكم من معضلة حلها الحب!!
وها نحن اليوم في وطننا وفي العالم بشكل عام ندفع ثمن باهظاً بسبب الحب الذي وادناهُ حياً..
فبالحب نستطيع أن نصبر على ما اذيتمونا.. وبالحب نستطيع أن نغفر.. وبالحب نستطيع أن نُسامح ونتسامح.. وبالحب نستطيع تقبل الاخر كيفما كان.. وبالحب نشعر بعذابات الاخرين.. وبالحب نمد يد العون لكل المحتاجين.. وبالحب نمتنع عن أذية الاخرين وبالحب نبني أوطاننا...
ف اللهم ارزقنا قلوبا رحيمة رحومة.. محبة للناس تقرباً لك.. وارزقنا حبك يا حنان يا منان.. وحبب إلينا كل عمل يقربنا إليك...