كأي ديكتاتور، كان يحب نفسه أكثر مما ينبغي، فقد قرر أن يظل رئيساً للأبد. هوغو شافيز الذي حصد شعبية هائلة من عدائه للولايات المتحدةالأمريكية، وانحيازه للفقراء، غادر الحياة بعد إصابته بالسرطان. امتلك شافيز قدرة هائلة على المواجهة وعلى السخرية أيضاً، وهذا أكسبه جماهيرية واسعة أعادته للرئاسة بعد مؤامرة لعزله عام 2002. بعد فوز أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قال شافيز: "لم نعد نشم رائحة الكبريت كما اعتدنا، لقد حلت محلها رائحة الأمل ويجب أن نستشعر هذه الرائحة الجديدة في قلوبنا". شافيز لم يجد شيئاً للاحتجاج على تصريحات تليفزيونية لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون سوى أن يغني مقطعاً غنائياً يقول: "هيلاري كلينتون لا تحبني.. وأنا أيضا لا أحبها". وكأي رئيس يسير في طريق الاستبداد، قرر أن يحتل التليفزيون، فقد كان يتحدث إلى شعبه بمعدل أربعين ساعة أسبوعياً، لم يكن يترك شيئاً سواء كان من اهتمامات الشعب الفنزويلي أو من غير اهتماماته، وكان هذا يصيب الكثيرين بالملل. لم يكن شافيز يهتم بأن تسود الديمقراطية أو الحريات، من وجهة نظره، لا يجب الاستغراق في ترف لا يحتاجه شعبه أو شعوب العالم التي تقاوم الهيمنة الأمريكية، من أجل ذلك، كان شافيز معجباً ومدافعاً عن صدام حسين، ومعمر القذافي، وبشار الأسد، ولا شك أنه شعر بوحدة قاسية بعد سقوط كثير من أصدقائه في المنطقة العربية. ما لم يفهمه شافيز أن المستبدين العرب لم يكونوا يشبهونه في استبداده، لم يقل له أحد أن من يدافع عنهم لصوص وحسب.
الآن وبعد رحيل شافيز عن الحياة، يجب القول إنه برغم احتقاره للحرية لم يكن يشبه أي رئيس عربي مستبد، فهو على الأقل لم يرهن بلاده لأي قوة خارجية، وتحدى سياسات الهيمنة الأمريكية، وبالإضافة إلى ذلك، فقد اتخذ مجموعة من السياسات والقرارات تؤكد انحيازه للفقراء.
في معرض تقييم مسيرة شافيز في الحكم، هناك الكثير الذي يقال، بالنسبة لنا نحن العرب، كان شافيز حاضراً باستمرار من خلال حفلات المديح التي تنصب له تحت دعاوى دعمه للقضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وفي هذا الإطار يتذكر الجميع بإعجاب كيف قام بطرد السفير الإسرائيلي من فنزويلا احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008. كل ذلك جميل جداً، لكن الأجمل أن ننحاز للحرية والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصائرها بعيداً عن وصاية شعارات رخيصة.