في موقفه الأخير المتعلق بالمغتربين اليمنيين، تجاوز حزب الإصلاح البرغماتية المحضة، وحسابات الذات الخاصة بجسد الحزب، وانسلخ من التفكير بأهمية الحرص على الاستحواذ بالعلاقات الإقليمية وما ينتج عنها من مساعدة على الإستحواذ بأكبر قدر ممكن من مؤسسات الدولة، وفضل الانتقال إلى التفكير بأهمية الاستحواذ على الجماهير أنفسهم مالكي السلطة الحقيقيين في حال تم إنجاز التحول الديمقراطي، وذلك من خلال تبني قضاياهم والدفاع عنها، كمطالبته اليوم بحل عاجل لمشاكل المغتربين اليمنيين في السعودية، وهنا يفضل الإصلاح أيضاً الانتماء للعمق المجتمعي والشعبي، ليس بتبني قضاياهم عبر الأساليب العاطفية الزائفة، وإنما باتخاذ مواقف حقيقية معلنة. مثل هذه الإجراءات والمواقف تعطي انطباعا مهما لصالح مسار الدولة والإصلاح ذاته، وتشير إلى تقدم في السير نحو الانتقال إلى حزب سياسي حقيقي يرى بأن تحديد مهامه وأهدافه وبرامجه وأولوياته يجب أن تكون قرارات تتعلق بإنجاز بناء دولة القانون، التي ستكفل مكافحة الفقر والبطالة والتخلف الاقتصادي والاستبداد والتفرد بالسلطة والثروة.
بمواقف كهذه يظهر الاصلاح كما لو أنه يريد إرسال عدة رسائل لجهات مختلفة، أبرزها للجارة السعودية التي تعلب دوراً محورياً في عملية الانتقال السياسي في البلاد، بأنه ومهما كانت حسابات السياسة والمصالح، إلا أن الإنسان اليمني هو المنطلق.