غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    لملس يفاجئ الجميع: الانتقالي سيعيدنا إلى أحضان صنعاء    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    غارسيا يتحدث عن مستقبله    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الحراك الجنوبي.. ضد سياسة النظام. ومع الوحدة.. ضد الانفصال
نشر في المصدر يوم 14 - 05 - 2009

إن تلك الأخطاء التي يقع فيها القادة، تتضامن مع بعضها البعض، لتجعل من الشعوب ضحيتها الرئيسية.. وحينما استمرأ الرئيس أخطاءه، كان يستغل – بفداحة – تلك الأخطاء التي وقع فيها نائبه السابق.. وبالجملة فإن ما تقوم به بعض القيادات الجنوبية اليوم، لا يعدو عن كونه تكراراً للخطأ ذاته










بمثل يوم أمس ال 4 من مايو، ولكن قبل 15 سنة بالتمام (وتحديداً في 1994) بدأت الحرب الأهلية والتي مازال التباين في تسميتها قائماً حتى اليوم، بين من يعرفها بأنها حرب تثبيت الوحدة اليمنية، وبين من يرى أنها كانت حرب انقلاب على الوحدة.
على أن الكثير يتفقون أن ما لحق تلك الحرب من نتائج، كانت سبباً رئيسياً لخلق الاضطرابات والتوترات التي تعيشها البلاد في غالبية محافظاتها الجنوبية.
فمنذ تلك الحرب وحتى اليوم، تراكمت التجاوزات التي تعرض لها أبناء المحافظات الجنوبية، الأمر الذي أدى حتماً لأن ينتفض الجنوبيون بشكل عفوي – تحت الشعور بالظلم والإقصاء - للإعلان عن رفضهم بداية لكن ذلك الرفض تطور أمام تجاهل النظام له، حتى بلغ مدى أصبح من الصعب التحكم فيه اليوم. لقد وصل الأمر لأن يزداد زخم الحراك الجنوبي، يوما إثر يوم، حتى أعلن بعض من كانوا يدينون للدولة بالولاء المطلق انضمامهم لقيادة ذلك الحراك، فيما تتردد أخبار عن تخوف من انضمام آخرين. بل أزيد من ذلك، أن أعلن بشكل واضح عن إرادة قوية للانفصال ربما يلجأ فيه إلى استخدام السلاح ضد الدولة لتحقيقه..!!
اليوم - وبعد عقد ونصف – حين بلغت تلك الاضطرابات مداها ذاك، بدت تلك التجاوزات التي تعرض لها أبناء تلك المحافظات، وكأنها وضعت أمام عدسة مكبرة ليشاهدها الجميع. أو يمكن تشبيه ذلك بكرة الثلج التي ظلت تتدحرج وتكبر – منذ ذلك الحين - حتى تعملقت، وبات من الوضوح – الآن – رؤية خطرها: تدمير كل شيء تقع عليه.
الأسبوع الماضي، فقط، أقر الرئيس بأنه قد تكون هناك تجاوزات حقيقية مست أبناء المحافظات الجنوبية. لكنه حذر بغلظة من توجيه الانتقام نحو "الوحدة". وبالنظر إلى التداعيات التي أنتجتها تلك التجاوزات، قال:" نحن نتحدث بكل وضوح وصراحة، هناك تداعيات سلبية لا أعتقد أن أحداً راض عنها من مختلف القوى السياسية. تداعيات لها أكثر من سنة أو سنتين في بعض المحافظات وفي بعض المديريات وتعيدنا إلى المربع رقم 1 ما كان قبل الوحدة وما بعد الوحدة وما حدث في 94م".

* المربع رقم 1 :
إنه المربع السيئ الذكر. والذي -باعتقاد الكثيرين- قضى على آمال الدولة اليمنية الحديثة. تلك الدولة التي حلم بها اليمنيون كثمرة من ثمار الوحدة.
إذ لم تكن تلك الحرب المدمرة قد ألحقت الضرر بالحزب الاشتراكي أو بأبناء الجنوب فحسب، بل لقد أعادت الجميع إلى المربع رقم 1 الذي عنده أحكم النظام سيطرته على كل تفاصيل الحياة السياسية، والاقتصادية. لقد ظل النظام يتذرع بتلك الحرب وخسائرها ليفرض إصلاحاته السياسية الخاصة به. بدأ بتعديل الدستور في 2004 ومدد فترة الرئاسة، ووضع له تشريعات وقوانين تتوافق ورغبته في استمرار السيطرة على الحكم ومقاليد الأمور. وفي الجانب الاقتصادي، كان يتذرع بالحرب وخسائرها ليتنصل عن مطالب الشعب في حياة كريمة.
واليوم، يبدو أن النظام بحاجة ماسة – أكثر من أي وقت مضى - لأن يعيدنا إلى ذات المربع لإنقاذ نفسه بعد أن أوصل الوطن إلى الانهيار في كل مناحي الحياة، وبات هو قاب قوسين أو أدنى من أجله المحتوم. فمن جهة أنه في 2012 ستجرى انتخابات تشريعية، وهي الانتخابات التي ربما تجرى لأول مرة على قاعدة تشريعية صحيحة إذا أوفى الحزب الحاكم بالتزامه في
واليوم، يبدو أن النظام بحاجة ماسة – أكثر من أي وقت مضى - لأن يعيدنا إلى ذات المربع لإنقاذ نفسه بعد أن أوصل الوطن إلى الانهيار في كل مناحي الحياة، وبات هو قاب قوسين أو أدنى من أجله المحتوم
إجراء إصلاحات تشريعية وقانونية حقيقية من أجل انتخابات حرة ونزيهة. ومن جهة أخرى إن الفترة الرئاسية للرئيس الحالي
ستنتهي في العام 2013 كآخر فترة يمنعه الدستور من إعادة ترشيح نفسه بعدها. ومن جهة ثالثة، يبدو أن مخطط التوريث بدأ يتداعى بحكم الأحداث والمتغيرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والواقعية التي تعيشها البلاد، لعل أهمها - في هذا الجانب - تلك الخلافات الداخلية في الأسرة الحاكمة، وتخلي أقرب المواليين للرئيس عنه، وإن لم يعلن ذلك بشكل صريح وواضح..
إن الكثير من المؤشرات تنبئ بتغيير خارطة الأحداث وجغرافية الصراع السياسي خلال المرحلة القادمة، بيد أن أي خطأ قد يتم ارتكابه من قبل أي طرف من خارج السلطة، أو بالأحرى: قد يتم الاستدراج إليه، ربما يساعد النظام في اتخاذ ذريعة لاستخدام القوة وبالتالي فرصة العودة إلى المربع رقم 1.
في الحقيقة، لقد حدث مثل ذلك في 1994، فقبله كانت الأمور تتجه نحو بناء الدولة وإن بشكل بطئ جداً. كان هناك توازن سياسي في هرم السلطة، بوجود الحزب الاشتراكي. وحتى بعد انتخابات 1993، التي أفرزت سيطرة الحزب الحاكم على الأغلبية في مجلس النواب(132)، إلا أن التوازن كان ما يزال قائماً من خلال تشكيل حكومة ائتلافية تضم الأحزاب الثلاثة :المؤتمر، الاشتراكي، الإصلاح. وقد اختير أبوبكر العطاس لإدارتها. كما كان هناك مجلس رئاسة من خمسة أعضاء: أربعة منها قسمت مناصفة بين شريكي الوحدة، والخامس للإصلاح.
صحيح أن الرئيس كان يستحوذ على كافة الصلاحيات، ويفرض سطوته على البلاد، لكن الصحيح أيضا، أن الخلافات التي نشبت حينها، كانت قد أفضت إلى ما يسمى بوثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان يوم 20 فبراير 1994. وهي الوثيقة التي وقعت عليها كافة أطراف الخلاف. وكانت بمثابة خارطة طريق لبناء الدولة اليمنية الحديثة لو أنه تم العمل بها.
لقد نشبت تلك الحرب، لتعيدنا إلى المربع رقم (1).

* خطأ الشاطر بألف :
في واقع الأمر، لقد وقعنا كما وقع إخواننا في الجنوب، ضحية أخطاء الساسة الكبار. وبالتحديد نائب الرئيس السابق: علي سالم البيض، أولاً، وتالياً الرئيس الحالي: علي عبد الله صالح.
نعم، الأخطاء التي وقع فيها البيض أولاً، كانت سبباً رئيسياً وأساسياً، ومنطلقاً للأخطاء التي وقع فيها – بعد ذلك – النظام الذي استقوى بالنصر وتفرد بالدولة، ليبدأ بعد ذلك بتنفيذ أجندته الخاصة، التي طالت الجميع، بمن فيهم على وجه التخصيص أبناء المحافظات الجنوبية، الذين باتوا يشعرون بالظلم والتهميش، والإقصاء. وذلك من خلال الكثير من الممارسات الخاطئة التي مورست ضدهم وضد مهنهم، وأعمالهم، وفي جغرافيتهم. ولعل ذلك الشعور بالإقصاء قد ترسخ أكثر في تلك المناطق، بسبب ما أقدم عليه النظام - وبطريقة خاطئة وفجة – من خلال القيام بتصفيات جماعية طالت مجموعة كبيرة من الضباط والجنود والموظفين، من وظائفهم. لقد كان النظام حينها متخوفاً –ربما – من فكرة أن يقوم أولئك بعملية إرتدادية في المستقبل على خلفية نتائج تلك الحرب. وهو عمل لا يمكن بأي حال من الأحوال إقراره، تحت أي مبرر كان، كون هؤلاء موظفون رسميون بحكم اتفاقية الوحدة. الأمر الذي أعتبر أن ما يجري، هو تنصل عن تلك الاتفاقية ومحاولة لفرض الهيمنة على المناطق الجنوبية، أو ربما – كما يعتقد البعض – الاستمرار في الحرب ومزيد من البسط على الأرض باعتبارها أرضاً مباحة للمنتصر..!
ذلك منطق وتصرف خاطئ بالفعل. ولكن دعونا نحكم عقولنا لا عواطفنا وأيديولوجياتنا، حتى ندرك السبب والمسبب، ومن ثم توجيه تعاملنا مع الواقع، بحكمة وعقل.
ذلك ما يتوجب علينا فعله الآن، بمسئولية عميقة.. من باب أن "الكاتب أمين على الذاكرة. وهي أخطر المسؤوليات على الإطلاق" بحسب الكاتبة الجزائرية أحلام مستغنمي. التي تضيف إلى ما سبق، الجزم التالي: "فعلى رواية التاريخ يقوم الصراع مع أعدائنا، وعلى روايته نؤسّس ذاكرة أجيالنا القادمة". وتقول إن "مهمّة كهذه، تحتاج إلى مسافة لوضوح الرؤية. وإلى حريّة مطلقة يخاطر الكاتب بانتزاعها في كلّ صفحة، ليس فقط من كلّ رقيب، بل من كلّ قارئ على حدة". لماذا؟ تجيب مستغنمي: " ذلك أن الحريّة عندنا قد تضيق إلى حدّ تزن فيه كلّ كلمة روح صاحبها.."

* ارتكاب الخطيئة أمر بشرى ، ولكن المثابرة عليها أمر شيطاني :
في البداية، يمكن القول إن النائب – السابق - علي سالم البيض وقع في خطأين فادحين(وهما خطأن قد تتفق حولهما آراء، وتتباين أخرى. أو قد تتفق مع أحدهما وتتقاطع في الآخر. وذلك منوط بالزاوية التي يقف عليها أحدنا للحكم).
كان الخطأ الأول، هو تسرعه في عملية التوحد الاندماجي الكلي بين الشطرين. وهذا ما أكده مجموعة من أعضاء اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي. حين قالوا إن رفيقهم [البيض] اتخذ قراره ذاك بعيداً عن إجماع اللجنة المركزية. يأتي ذلك بعد أن كانت النقاشات الأولية تدور حول وحدة "فدرالية" أولاً، في طريق الوحدة الاندماجية. بعض قيادات الحزب، يقولون أنهم كانوا يطالبون بضرورة إجراء استفتاء شعبي – لأبناء الجنوب- لحل ذلك الخلاف الداخلي في اللجنة المركزية، حول طبيعة ما يجب أن تكون عليه الوحدة، لكن "البيض" قرر ووقع دون النظر لرؤية زملائه. وفي ذلك الحين، مر الأمر بشكل سلس، ولم تظهر أية أصوات تعلن اعتراضها أو حتى تتحدث عن أي خطأ. اليوم هناك من ظهر ليقول ذلك، وحجته: الواقع الذي تعيشه البلاد، من عدم ترسخ الوحدة بعد عقدين من قيامها.
وفي الحقيقة ربما كان ذلك هو المنطق السليم. إذ كان الشطران يرزحان بواقعين مختلفين تماماً. فإن كان التشابه الوحيد بينهما أنهما يقعان تحت حكم شمولي، غير أن طبيعة هذين النظامين الشموليين كانت مختلفة تماماً. هذا أمر. وأمر آخر: تلك الطبيعة والتركيبة الاجتماعية والبنيوية لكل شطر. فالشطر الشمالي من الوطن كان مقسماً بطبيعته إلى قسمين: عليا قبلية، وسفلى مدنية إلى حد ما. أو عليا: زيدية، وسفلى ووسطى: شافعية. بينما ظل القسم القبلي الزيدي في القسم العلوي هو المسيطر الدائم على السلطة.
يأتي ذلك في حين أن الشطر الجنوبي، كان الحزب الإشتراكي فيه سعى لفرض سيطرته على كامل جغرافية الجنوب، وأخضع القبائل لنظام الدولة بحيث يعتقد أنه نجح في القضاء عليها. (هذا الأمر يخالفه البعض، لاسيما أولئك الذين يؤكدون أن صراع 1986 كان مبنياً أساساً على المناطقية والقبلية. حيث أنه وبعد مقتل علي عنتر،وعلي شايع، وصالح مصلح، الذين كانوا يتبعون الضالع، دخلت قبائل الضالع إلى عدن، للانتقام، فقتلت أنصار علي ناصر محمد الذي كان يتبع محافظة أبين، ولاحقته إلى محافظته، وطردته منها، حيث لجأ إلى الشطر الشمالي مع ما يزاهي 20 ألفاً من أنصاره).
وحتى لا ندخل في تلك المتاهات والتفاصيل، نعود لنذكر بنقطة البداية. وهي أن قرار "البيض" التسرعي بالتوقيع على الوحدة الاندماجية، اعتبر خطأ كبيراً لدى البعض، على اعتبار أن الوحدة الفيدرالية كانت هي الأنسب لوضع الشطرين.
غير أن الواقع الآن، أن الأمور سارت على ذلك النحو، حتى وصلت الأمور إلى الحرب.
وهنا ننتقل إلى الخطأ الآخر الذي وقع فيه "البيض". بعد أربع سنوات من توقيع اتفاقية الوحدة، حدثت تلك الخلافات المعروفة عقب انتخابات 1993، ليقع الرجل في خطأ آخر ربما كان هو الأفدح. ذلك حين أراد أمين عام الحزب، تصحيح خطأه السابق. فبعد أن اندلعت الحرب في 4 مايو، وشعر "البيض" بالخطر بعد أسبوع ونصف منها، اتخذ قرار الانفصال في 21 مايو 1994. وأيضاً: بدون موافقة كافة أعضاء اللجنة المركزية لحزبه. كما تؤكد بعض القيادات التي ما يزال بعضها على رأس الحزب.

* قرار الوحدة الاندماجية.. خطأ أم حل:
لقد كان البيض "عاطفياً" كما يصفه بعض أصدقائه المقربون. لكنه أيضاً كان شجاعاً. إذ كيف يجرؤ أمين عام حزب – تتقاتل قياداته على الدولة كما عرف عنه في ذلك الحين في أكثر من مرة – ليقرر قراراً مثل هذا (الوحدة الاندماجية) ويضعهم أمام الأمر الواقع..!! لعل هناك من يعتقد – وهذا رأيه – أن البيض كان ذكياً حين اتخذ ذلك القرار. فهو كان يحاول أن يحمي نفسه، وموقعه القيادي في الحزب، عبر"الوحدة"، من المجزرة القادمة التي ربما كان يتوقع حدوثها عما قريب..!!
على أن مثل هذا الرأي، يظل في طور الأمر غير المؤكد، خصوصاً وأن الطرف الآخر الذي كان بمثابة العدو(علي ناصر ورفاقه) كانت معظم قياداته وقواعده متواجدة بعيداً في الشطر الآخر من الوطن. لكنه مع ذلك رأي لا يمكن استبعاده، في ظل عدة معطيات، بعضها مستمدة من واقع الظرف الذي كان يعيشه الشطر الجنوبي حينذاك، وأخرى تاريخية مكرورة.
وأيضاً، من باب أن السياسة لا تعرف صديقاً دائماً أو عدواً دائماً. فالبيض نفسه كان قد دخل في خلاف مع عبد الفتاح إسماعيل الذي عمل على تجريده من مناصبه الحزبية والحكومية ما بين العامين 1979 - 1980 بسبب ما قيل حينها عن اختراقه اللوائح الحزبية وقانون الأحوال الشخصية الذي يمنع الجمع بين زوجتين. لكنه عاد إلى واجهة الحياة السياسية في حكومة علي ناصر محمد وتولى وزارة الحكم المحلي. ومع ذلك فقد وقف البيض في أحداث 1986 مع عبد الفتاح إسماعيل ضد علي ناصر محمد..!!)
ومن جهة أخرى، يُعتقد أيضاً، أنه لو لم يرتكب البيض خطأ الوحدة الاندماجية، لكان الجنوب قد دخل في حرب أهلية طاحنة بسبب تردي الأوضاع عقب انهيار المنظومة الاشتراكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينات. وحيث أن النظام الاشتراكي الحاكم للبلاد، حينها، كان محاطاً بأنظمة عربية معادية للفكر الاشتراكي، وتعمل على محاربته، فقد كان ذلك يعني أحد أمرين: إما ضرورة الانتقال إلى نظام آخر غير الاشتراكية ليحظى بالدعم العربي والعالمي على السواء (كان العالم يتجه نحو الرأسمالية بقوة، وتخلت أعتا الأنظمة الاشتراكية عن توجهاتها تلك واندمجت مع فكرة النظام العالمي الجديد المتمثل بالرأسمالية الليبرالية). وهو أمر كان بحاجة إلى وقت لإقناع الجماهير به. أما الأمر الآخر، فكان الأنسب. وهو اللجوء إلى الوحدة وإعلان الدخول في موجة النظام العالمي الجديد بطريقة غير مباشرة عبر اتخاذ الديمقراطية منهجاً للحكم، وهو ما حدث بالفعل.
إذن بالتمعن في هذا الخيار، قد يمكن اعتبار الأمر أنه كان حلاً، أكثر من كونه خطأ، كما قد يحلو للبعض توصيفه، اليوم وليس في حينه.

* قرار الانفصال.. ووأد الدولة الحديثة:
بيد أن ما حدث لاحقاً - من إعلان الانفصال - كان هو الخطأ الأكبر، حتى وإن اعتبر البعض اليوم أنه كان تداركاً لمعالجة خطأ التوحد الاندماجي الكلي.
ولأن كان أمر التسرع بتوقيع الاتفاقية الاندماجية مختلفاً حوله، من كونه حاجة ملحة، أم خطأ وتسرعاً، فإن ما يمكن الاتفاق عليه – وإن بنسبة كبيرة – أن الرجل لم يكن موفقاً – ذلك إن لم يكن من اللائق اعتباره أحمقاً – حين وقع في الخطأ الثاني. بل إن الأكثر خطأ، اعتبار ذلك محاولة متأخرة لتصحيح ما وقع فيه في المرة الأولى. فالبلهاء هم فقط من عليهم أن يصححوا أخطائهم بأخطاء أكثر منها فداحة. أما إن كان ذلك القرار القاتل، مبنياً على معطيات ووعود مسبقة (من أي جهة كانت) فللأمرعدة أوجه، لعل على رأسها: ضرورة تحمل النتيجة، كون الأمر هنا منوط بالفعل السياسي والمكيدة، وعلى من يخطط ويقرر أن يتحمل نتائج قراراته، وأخطائه.
لا نتحدث هنا عن حق في الدولة أو غيره، فهذا أمر قد تم حسمه مسبقاً أثناء توقيع قرار الوحدة في 22 مايو 1990، على أساس وحدة اندماجية تخضع لفترة انتقالية تنتهي عند أول انتخابات. إذ ليس من الممكن التعامل مع هذه الأمور كما يتعامل الأطفال : إن هزم أحدهم، انسحب مشترطاً العودة بإعادة اللعبة من جديد..!!
ربما شعر الرجل بفداحة خطأه، وقرر تحمل ما عليه، بانسحابه من العمل السياسي، الذي ربما يكون قد اكتشف – مؤخراً – أنه لم يكن بارعاً فيه. لكن ذلك لا يمكن أن يعفيه مما ترتبت عليه تلك الأخطاء والتي غيرت الخارطة السياسية في البلاد وقلبت موازين القوى لمصلحة النظام الحالي.

- صالح.. "إنكارك الخطيئة يعنى ارتكابها مرتين":
إن تلك الأخطاء التي وقع فيها "البيض" – وهذا ما نريد التوصل إليه – هي في الحقيقة التي قصمت ظهر الوطن، وليس فقط أبناء الجنوب وحدهم. مع حقهم في أن يشعروا أنهم كانوا في مقدمة المتضررين من تلك الحرب ونتائجها، لعدة أسباب واقعية، كنا قد أشرنا إلى بعضها.
على أننا هنا يجب أن نوضح الحقائق الأخرى حتى لا نقع في الخطأ ذاته، بالتعامل مع التاريخ وكأنه أداة نصوغها نحن كيفما ارتأينا لا كما كان عليه.
ولنبدأ من حيث يمكن القول: لولا حدوث خطأ قرار الانفصال بتلك الطريقة – مع ما يسوقه أنصاره من مبررات – لما استفرد
إن الأخطاء تجر بعضها بعضاً. والشعور بالنصر يجلب الشعور بالقوة. والحاكم الذي يشعر بالقوة - في ظل غياب الدولة الحقيقية - تجعل منه أكثر جبروتاً وطغيانا.
الرئيس علي عبد الله صالح بالوطن، وتعامل معه وكأنه ملك له..! إن الأخطاء تجر بعضها بعضاً. والشعور بالنصر يجلب الشعور بالقوة. والحاكم الذي يشعر بالقوة - في ظل غياب الدولة الحقيقية - تجعل منه أكثر جبروتاً وطغيانا.
إن من قيادات الحزب الاشتراكي، مثل غيرهم الكثير، من يؤمنون أن ما وقع فيه علي سالم البيض، من خطأ، كان سبباً رئيسياً لوأد مشروع الدولة التي كان يحلم بها الجميع في ظل تلك المكونات والقواعد التي أفضت إليها اتفاقية الوحدة. كنا فقط بحاجة إلى وقت وصبر لتثبيت أركان الدولة، وهو واجب كان يجب علينا تحمله وإن طال الوصول إليه.
ومع أن هناك تفاصيل أخرى تتحدث عن وجود نية مبيتة منذ البداية لدى الرئيس بالاستحواذ على كل شيء من خلال مؤشرات عدم الثقة التي كان يتعامل بها مع قيادات الحزب الاشتراكي أثناء فترة التقاسم، إلا أن مثل هذا الحديث يدخلنا في تفاصيل أخرى مثل القول: إن أهم أركان الدولة كانت بيد قيادات الحزب الاشتراكي، مثل: رئاسة الحكومة، رئاسة البرلمان، إلى جانب نائب الرئيس، والتساوي مع المؤتمر في عضوية مجلس الرئاسة..
وحتى لا ندخل في عمق تلك التفاصيل المختلف حولها، دعونا الآن نتحدث عن تلك الأخطاء القاتلة التي وقع فيها الرئيس علي عبد الله صالح، تحت شعوره بالنصر والقوة.
بداية شعر الرجل أنه حقق بالقوة ما لم يكن يستطيع تحقيقه قبل الوحدة. شعر أنه ثبت الوحدة بالقوة بعد محاولة التراجع عنها، عبر قرار الانفصال. عندها خالجه شعور المنتصر الذي حافظ على الوحدة بالقوة.
ومع أنه حاول في بداية الأمر أن يتحلى بشعور آخر، بتعامل المنتصر مع المهزوم عبر الإبقاء على الحزب الاشتراكي كحزب في الساحة وإصداره عفواً عاماً عن جميع المقاتلين عدى مجموعة ال 16 القيادية (أصدر عفواً عن البقية في 2003). وأيضاً محاولته الإبقاء على قيادات جنوبية في قيادة البلاد عبر تعيين نائبه ورئيس الحكومة من أبناء الجنوب. إلا أن ذلك لم يعفه من عدم الحرص على إزالة آثار تلك الحرب. وهذا أول خطأ وقع فيه. وهو الذي قاد إلى مجموعة الأخطاء اللاحقة، لتكبر كرة الثلج المتدحرجة جراء إشعار أبناء الجنوب بالهزيمة وإقصاء الكثير منهم وخصوصاً العسكريين من مناصبهم التي استحقوها بحكم اتفاقية الوحدة التي تنص على دمج الموظفين والكوادر العسكرية الجنوبية في هيكل الدولة الإداري والعسكري.
أما الخطأ الثاني، فقد جاء عبر أمرين. الأول: العمل بكل إمكانيات الدولة وأجهزتها على إضعاف الحزب الاشتراكي، وعدم إعادة ممتلكاته المنهوبة، والسعي إلى شقه، وإغراء قياداته بشتى الوسائل والطرق، للتخلي عن الحزب والانضمام للمؤتمر الشعبي العام.
وقد ترافق ذلك، مع العمل بالمثل على إزاحة شريكه في حرب تثبيت الوحدة، عبر استخدام أجهزة الدولة وإمكانياتها، حتى تم له ذلك في انتخابات 1997م.
على أن الأمر الأكثر أهمية هو: أن محاولة إضعاف الحزب الاشتراكي بعد عودته واستقوائه باللقاء المشترك، وعودة بعض قياداته من الخارج إلى قيادة الحزب، مثل الدكتور ياسين سعيد نعمان، والشعور بعودة الروح والقوة إليه – وخصوصا في المناطق الجنوبية - جعلت الرئيس ينتقل إلى مربع آخر من الصراع الخفي والحرب الباردة. وذلك من خلال دعم بعض القيادات في الاشتراكي، للوقوف ضد الحزب. بل لقد زاد الأمر عن حده حينما تم تكريس قضيتين أساسيتين لبث الخلاف والشقاق داخل الحزب، من خلال مجموعة في الحزب يقال أنها كانت مدعومة من الرئيس شخصياً. والقضيتان هما الخلاف حول: هل المطلوب هو إزالة آثار حرب 94، أم إصلاح مسار الوحدة؟ والثانية: الإيعاز أن الاشتراكيين الشماليين قد سيطروا على القيادة، من خلال المؤتمر العام الخامس للحزب. وبحسب المعلومات فقد استخدم النظام بعض شخصياته لذلك من خلال محاولة دعم بعض القيادات في الجنوب من الغاضبين، للبدء في تشكيل حزب اشتراكي تكون قياداته من أبناء الجنوب.

* واقع هش يساعدنا على التغيير الكلي:
لقد كان من الطبيعي، أن تستفحل تلك الأخطاء التي تعمد النظام السير فيها، حتى بلغت درجة يعجز فيها عن السيطرة عليها. وقد ساعد في ذلك عدة أمور، لعل أهمها: زيادة انتشار الفساد في مرافق الدولة وأجهزتها، زيادة تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، ضعف الدولة الواضح في السيطرة على الأمن، نشوب الحرب في صعدة والتي ثبت عجز الدولة وضعفها في حسمها، توزيع المواقع القيادية الأمنية العليا على العائلة والأبناء مما خلف شعوراً بالظلم والتملك والحرص على البقاء في السلطة، وضوح أهداف الرئيس الاستحواذية من خلال تعامله الرافض مع مطالب المعارضة في إحداث تعديلات تشريعيه قانونية تعمل بجد على إحداث عملية إصلاحات سياسية حقيقية...الخ.
يعتقد البعض أن تلك الاختلالات الجوهرية المتزايدة، عملت – بالإضافة إلى نهب الأراضي في الجنوب من قبل مسئولين محسوبين على الشمال– عملت على إحداث ثورة داخلية لدى أبناء الجنوب، وقياداته، وزاد من ثورتهم عاملان رئيسيان. الأول: وجود قيادات جنوبية في الخارج ما زالت تشعر بمرارة الهزيمة التي وجهها النظام لها في 94، وقد ساعدتها تلك الاختلالات الكبيرة لبعث قضيتها من تحت الرماد. والواقع أن تلك القيادات تواصلت مع بعض رفقائهم في الداخل ممن صدرت عنهم توجهات قوية للحديث عن القضية الجنوبية (بعضهم كان في كنف دعم الدولة، ممن دعموا أما لشق الحزب الاشتراكي من الداخل، أو لاغتيال قياداته في مرحلة مابعد انتخابات 93) الأمر الذي أشعل حماسة الجميع في إمكانية استغلال تلك الأخطاء التي زاد منها تعامل الدولة معهم عبر القوة. حتى أصبحت هناك دماء لشباب قتلوا برصاصات الأمن، يمكن من خلالها إلهاب مشاعر المواطنين الذين يتملكهم أساسا شعور بالظلم والفقر والفراغ، وهم يرون أمامهم ذلك التناقض من الثراء الكبير الذي يظهر فجأة على المسئولين في الدولة..!
الأمر الثاني: ثورة الإعلام التي تتحرك بسرعة الضوء لتقتحم المنازل والمكتبات والانترنت وتقدم للجميع وجبة دسمة من الوعي السياسي، حتى بات الجاهل يعرف ما أصبح عليه العالم من حولنا، وما نحن عليه اليوم..!

* كل مصيبة تصيبنى و لم تقتلني هي درس لي

لقد أصبحت كرة الثلج - التي بدأت دحرجتها ببطء بعد حرب 94 – كبيرة اليوم، وكبرت معها تلك المشاريع التي بدأت صغيرة لتعلن أن لا حل اليوم إلا بالانفصال..!!
مع أن ذلك الحل ليس هو المناسب، لكونه سيعمل على إذابة كرة الثلج، بفعل الحرارة الكبيرة الناجمة عنه..

لقد أصبحت كرة الثلج - التي بدأت دحرجتها ببطء بعد حرب 94 – كبيرة اليوم، وكبرت معها تلك المشاريع التي بدأت
صغيرة لتعلن أن لا حل اليوم إلا بالانفصال..!!
ومع أن هذا الحل ليس هو الحل العملي الأنسب الذي قد يزيد من درجة الحرارة ليعمل على إذابة كرة الثلج تدريجياً بحسب القاعدة الفيزيائية التي تؤكد أن الثلج يتحول إلى سائل عند درجة حرارة مرتفعة، إلا أن أولئك الذين ينادون به قد يستمرون فيه تحت وطأة ذات الخطأ: الشعور باقتراب النصر..!!
ومن هنا يمكن لتلك التراكمات من الوعي بضرورة التغيير، والتي ظلت تترسخ على مدى 19 عاماً، أن تذوب وتنتهي فيما لو لم تحسن تلك القيادات الجنوبية التعامل مع الأزمة.
وهم قد بدءوا بذلك الشعور الذي لابد وأن يسيطر على من يشعرون بالنصر، حينما لا يدرسون تفاصيل الواقع ويتمعنون بالإحداثيات التي يقفون عليها بالنظر إليها من كافة الزوايا. لقد بدءوا بذلك حين طغت عليهم المناطقية البغيضة ووجهوا سهامهم إلى كل من هو شمالي..!! وبدأوا بذلك حين يحاولون كسر قداسة الرمز الوطني الكبير: "الوحدة"..
إن تلك الأصوات التي ترتفع بفوضوية عارمة لمواجهة فوضوية النظام، يمكنه أن لا تجد مكاناً تستقر فيه ولتتبعثر في هذا الفضاء الفوضوي الفسيح. وستكون هذه المرة هي الثانية التي قد تقتل مشروع دولة النظام والقانون الذي يجب أن نقف جميعاً لبنائه. ولتكن البداية من جنوب اليمن الموحد.
ويجب أن يكون شعار المرحلة الآن: كل مصيبة تصيبني ولم تقتلني هي درس لي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.