غزت الصين ببضاعتها أسواق العالم، حيث لا حاجة تطلبها إلاً ووجدتها مصنوعة في الصين. كل شيء توقعته من الصين من الإبرة إلى الصاروخ.. عقلية تجارية صنعوا فوانيس رمضان مع نداء الأذان، صنعوا المسابح، صنعوا التنورات بأنواعها، صنعوا الجنابي مع مقابضها المتنوعة، وغير ذلك من الصناعات الأخرى المختلفة.. ولكن لم أتوقع أبداً أن أجد البائع "السريح" يبيع "سكر نبات" من إنتاج الصين.. فلم يترك الصينيون شيئاً إلا وصنعوه لنا حتى سكر النبات، وسرحوا في حواري وأزقة صنعاء القديمة والحديثة (باب اليمن وباب شعوب) وغير ذلك من الأماكن الأخرى، كما سرحوا أيضاً في شوارع مدينة عدن والشيخ عثمان والمكلا وتعز وفي كل المدن اليمنية.. مسحوا كل سنتيمتر على أرض اليمن ليتعرفوا على احتياجات الإنسان اليمني ويعملوا على صناعتها طبقاً لرغباته، منتهى الذكاء والفكر الصناعي المستنير، فلم يجلسوا في بيوتهم، وانتظروا أن تأتيهم المعلومات جاهزة من مكاتبهم التجارية، وإنما أرادوا أن يروا ويعرفوا - على الطبيعة - الاحتياجات وخاصة في اليمن لكثرة عدد سكانها في منطقة الجزيرة والخليج العربي؛ لأن تعدادها اقترب من 25 مليوناً، أي أكثر من بلدان الخليج العربي والسعودية، وهم محتاجون إلى ملابس وأدوات وأجهزة، ولليمنيين مطالب خاصة غير أهل الخليج وغيرهم، ومن ثم عليها توفيرها لهم، حتى يجدوها بأسعار رخيصة جداً.. منتهى الذكاء التجاري، ولو قيل لصانع يمني: ماذا صنعت لأهل بلدك؟ وماذا صنعت للناس الآخرين في الدول المجاورة (دول الخليج العربي، ودول القرن الأفريقي)؟ ينظر إليك ببلاهة، وكأنك تتكلم بالمقلوب.
الخلاصة: آخر ما قرأت من أخبار الصين أنهم عملوا على توطين أكثر من مليون صيني في أفريقيا، رغم أننا أقرب إلى أفريقيا من الصينيين، وكذلك الأخوة المصريين الذين يعتبرون في إفريقيا وأحق بها منهم، وأولادنا يموتون من الجوع ويموتون غرقاً في البحار وهم يحاولون الوصول إلى حدود بلدان الدول المجاورة، وكذا الوصول إلى شاطئ النجاة لبدء حياة جديدة، إنه الفرق بين الفكر المتقدّم والفكر العاطل..