أتى اليوم الثامن من شهر مايو وليته لم يأتِ فقد صدر بيان مؤتمر السياسات الثقافية الذي عقد 6 - 8 مايو في صنعاء بمجموعة توصيات حُشِرت للاستعراض ليس إلا .. ولم ترد كلمة مسرح أو سينما سوى مرة واحدة خالية من تفاصيل كما فصلت موضوعات أخرى. ووردت جمل نمطية ترد في كل بيان منها تمكين المرأة إبداعياً وثقافياً. كما طالب بتنفيذ مشروع الحملة الوطنية للتوعية بحق المؤلف والحقوق المجاورة (2013 – 2014م) بمشاركة الجهات ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني وهو قانون أقره البرلمان وبه مواد تتناقض مع ما أكد عليه البيان من «حرية الفكر والتعبير وحماية حق المؤلف» و«احترام التنوع الثقافي وحرية التعبير».
لم يتطرق البيان ل«جائزة الرئيس» التي مازالت مختطفة حتى اليوم ومعاييرها تتأرجح بين بين.. ولم يتم تغيير اسمها بما يوحي بأننا في دولة قامت فيها ثورة.
لم ينطلق البيان من حاجة المجتمع اليمني الثقافية بل من واقع مجتمعات أخرى، ما عدا الجمل الطويلة المعتادة.. «وتشجيع القراءة في المدارس، الاهتمام بأوضاع المؤلف، الاهتمام بالترجمة والحوار الثقافي».
حمَّل البيان مسؤولية تنمية الثقافة للدولة وهو خطأ استراتيجي لا يعي واقع الثقافة في العالم اليوم، وأفكاره في جزء كبير منه ليست ناضجة باعتبار أن الثقافة في الدول المتقدمة لم تعد بيد الدولة فقط عدا الدول الشمولية التي تحتكر كل ما يخص الفكرة والثقافة بيدها لتستطيع تسيير المجتمع ووأد تفكيره.
إن مشكلتنا الحقيقية هي في حاجتنا إلى تحرير الثقافة والإبداع من يد الدولة حتى لا تنتج قوانين كقانون حق المؤلف والحقوق المجاورة سيء الصيت.. وحتى لا يتعثر الإبداع.
كنت أتمنى أن يخرج مؤتمر السياسات الثقافية بكلمة واحدة تنبئ عن وعي لما يدور في العالم ثقافياً، وأن يكون هناك إشارة إلى أهمية دعم القطاع الخاص ليستثمر في الثقافة في ما يسمى اليوم الصناعات الثقافية التي أصبحت تشكل رقماً كبيراً في الدخل القومي للدول المتقدمة بمليارات تفوق مليارات التكنولوجيا والصناعات الثقيلة.
طالب مؤتمرنا بإنشاء هيئات ومؤسسات جديدة، لو نظرنا لواقع البنى التحتية للثقافة في مصر لعرفنا أن الأفكار التي وردت في البيان لم تنقل سوى من هناك رغم إثارة أسئلة كثيرة حول تلك المؤسسات ولم تأتِ لحاجة تنطلق من المجتمع ولم تتحرَ الأفضل.
إنها فعلاً كارثة ثقافية جديدة فنحن لم نؤمن حتى الآن أن الثقافة أصبحت استثماراً خاصاً يبدأ من الكتاب والمسرح والسينما والوسائط الجديدة.
يبدو المؤتمر محاولة لزيادة ميزانية وزارة الثقافة ليس إلا .. وعلى حساب الثقافة نفسها فقد جاء على لسان وزير الثقافة د.عبد الله عوبل: «ميزانية وزارة الثقافة لا تساوي ميزانية بقالة، حيث لا تتجاوز الميزانية 600 مليون ريال منها 99 في المائة رواتب، يعني أن الميزانية تساوي 300 ألف دولار أمريكي، كما أن الوزارة تعمل ب 50 في المائة من ميزانيتها منذ عام 2010م، في الوقت الذي أعيدت لكل الوزارات ال 50 في المائة من موازناتها ما عدا وزارة الثقافة».