يجزؤون اليمن في موفمبيك. يشطرون الكعكة الوطنية من غرفه؛ الخمسة نجوم. ويتقاسمون من أسرّتها المنعمة، حصص النفط. ويحصون من مسبحه الدافىء، قطرات الغاز المسال. يمثلون في موفمبيك، ويعرفون أنهم يمثلون. وتكشف مسرحيتهم حلقات الأسى والقلق في حدقات الناس العاديين. يتحاورون في قاعة الفندق الضخم، ويتحاربون في العصيمات ودماج. يتوهمون بأنهم يحيكون معاً، ثوب المستقبل اليمني، فيما هم في الأصل يجرون معهم خيوط الماضي المثقل بالهزائم والهراء والخيبات.
يثابر الحواريون على معانقة حافظة الدوام صباح كل مائة دولار تضاف لأرصدتهم، لكن حين يتنسى لهم الأمر لا يتورعون عن بث سموم اليأس والقلق للعامة من الناس. وكثير من هؤلاء المتحاورون يدرك أن مؤتمر الحوار حتى الآن، لم يحل إلا مشاكلهم الشخصية وحسب.
يتحدثون بقلق من مستقبل اليمن الذي قالوا لنا أنه مرتبط إرتباطاً وثيقاً بما يدور من نقاش في صالات "الحوار".
غير أنا نكتشف اليوم، أنهم عجزوا أو تعاجزوا بالأحرى، عن التوصل لمقترحات وحلول لكل المشاكل اليمنية رغم قرب انتهاء العمر الإفتراضي لمؤتمر الحوار، وهذا دليل كاف على أنهم قلقون فعلاً على مستقبل بلد حائر مع حيرة حوارييه.
للكبار في دهاليز موفمبيك رسالة واحدة ومكررة وهي: "إحمدوا الله على هذا المخرج.. على الأقل لم تصل ثورة اليمن إلى الوضع في سوريا أو حتى مصر.." لكن ماتزال قضايا ك"الجنوب/ الدستور/ شكل الدولة وغيرها كثير طبعاً، عالقة ليس عن الحلحلة النهائية وحسب، وإنما عالقة في حناجرنا التي كانت ممتلئة بأصوات التفاؤل والأمل بإستمرار.
للكبار في مؤتمر الحوار تفاؤل غير الذي نعيشه أحياناً، نحن البسطاء. لهم تقدير آخر لخطوات المستقبل الذي يسكن حزيناً، بال كل منا. لهم طاقة متجددة للتمثيل ولتبادل أدوار معارضة أو مؤيدة للتمديد بمقابل.
لديهم قدرة على المراوغة والشقاء والقبح. إنهم يتسابقون لصب العسل الدوعني في موائد بنعمر ومن معه من فريق يتقن اختيار ربطة العنق الضيقة والحمراء.
ويحاول أيٌ منهم التجمل لدى أي سفير مغادر ولو بقطعة آثار قديمة كي يذكره عند كائناته. أما فارليستاين الذي يدور حديث عنه أن مدته سفيراً في اليمن شارفت على الإنتهاء، فإن مكافئته شغلهم الشاغل؛ فأي هدية ثمينة يمكن أن تكون مناسبة لشيخ مشايخ سعوان. وأي هبة ستكون داعمة رئيسية لكل هذا التفاؤل القلق في موفمبيك.