عولنا كثيراً على (الحوار الوطني الشامل) وربما حمّلناه من المسؤولية والثقة القدر الذي يفوق معه احتمال تحقيقه!، ونسينا أو تناسينا أننا ندور داخل حلقة مفرغة واليمن (مكتوبٌ عليها أن يحيا شعبها مقتولاً) أو كالمتمسكين بالقشة التي قصمت ظهر البعير، والحلول واضحة وهي دوماً بين أيدينا، ولكثرة التعنت والتشدد يبقى الوضع على ما هو عليه، فمشاكل البلاد درسناها وحفظناها ولا نحتاج لأكثر من رجاحة العقول وتدابيرها، ولا نحتاج إلى " ستة أشهر" حتى نقرها ونقنع بعضنا البعض بضرورة تسويتها، أم ذلك هو من المتطلبات الأساسية التي تخدم المرحلة المتأزمة في بلادنا لأبعد الحدود!. إن كثرة "اللت والعجن" الطويل الأمد ربما تفقد العجين خصائصها، وتفسد طعمها الطبيعي، أو أن الإخوة المتحاورين خرجوا من دائرة الأرق والمعاناة بفضل حالة الرفاهية والأوضاع المستقرة التي ينعمون بها في "فندق موفمبيك" الأمر الذي أنساهم حرج المرحلة التي نمر بها، وألبستهم البدلات المالية المغرية ثوب الصبر والتأني، وكأنهم بعد كل هذا التداول البطيء سيخرجون لنا "بعصا موسى" السحرية لينقذوا البلاد والعباد من شر التهلكة الوشيكة. لا ننكر أننا في اليمن من أكثر الشعوب جلداً وتحملاً للشدائد، ومن أكثرها تفاؤلاً وتمسكاً بالأمل في القادم الأجد، ولكن لقد بات صبر اليمنيين نافداً وطول التفاؤل بات عصياً، فقد تسرب التشاؤم إلى نفسي المتعلقة بالتطلعات القوية فيما ستنتج عنه " جلسات الحوار" . كنتُ أطمحُ أن لا أتابع " الحدث الحواري" وتعلوا شفتي ابتسامة ساخرة لما أراه، فأنا أتوقع أن الحدث أكثر جدية من مجرد إلقاء الخطابات العصماء الاستعراضية، لقد ظلمونا بطول المدة، وأتمنى عليهم أن لا يظلمونا بإيجاد البدائل والحلول المناطة بهم، لا نريد لأجواء الحوار أن تقع في نفس البوتقة القديمة للنسخة الهزلية المتمثلة " بجلسات مجلس النواب" فبهذه الطريقة سيفقد الحوار نكهته الوطنية ويرتدي ثوب الأبعاد الحزبية التي قدم منها، أو الرؤى القبلية التي نخشاها، وبهذا الأسلوب الرتيب ستهتز الصورة وتفقد الحماس المطلوب، أتمنى فعلاً أن يكون المؤتمر على قدر المسؤولية، محققاً للفكرة النهضوية المتمثلة بآمال اليمنيين في الخروج من الواقع الراهن المتأزم إلى آفاق المستقبل المليئة بالعمل والإنجاز وتحقيق تطلعاتنا..، أم هل سيعلن الشعب في وقتٍ لا حق ومن خارج أجواء " فندق موفمبيك" استقالته عن انتمائه لما يسمى " بجلسات الحوار الوطني الشامل ؟!"