للأسف، في بلدي فقط، حين تتفوق وتحصل على منحة دراسية فلست بالضرورة محظوظاً، فقد يكون هذا بداية حظك العاثر! في السنوات الأربع الأخيرة، تم ابتعاث مئات الطلاب من أوائل محافظات اليمن الى ماليزيا تحت مسمى (منح التبادل الثقافي) والتي يُفترض بها أن تكون مقاعد مجانية في جامعات حكومية، ولكن تفاجأوا حين وصولهم الى بلد الدراسة أنه ليس هناك غير الفوضى، فلا تبادل ثقافي ولا مقاعد مجانية، بل المطلوب هو رسوم دراسية سنوية عن كل طالب. مع هذا، ما أكثر الحلول الترقيعية، فمذكرة ضمانة من الملحقية الثقافية بدفع هذه الرسوم كفيلة بحل المشكلة. وهكذا، ولأعوام متتالية، تم ابتعاث طلاب جدد عشوائياً بهذه الطريقة وإرسالهم للجامعات الماليزية بدون إبرام أي اتفاق أو وجود أي مقاعد مجانية لدى هذه الجامعات. وحين تراكمت الديون، عرفت الجامعات مشكلة هؤلاء الطلاب واضطرت الى منعهم من التسجيل وحرمانهم من دخول الاختبارات النهائية لحين سداد رسوم السنوات المتعاقبة كاملة. الأمر الذي اضطر طلاب التبادل الثقافي الى تنظيم اعتصام نهاية العام 2012م وأثمر الاعتصام باستجابة وزارتي التعليم العالي والمالية باعتماد رسوم دراسية سنوية للطلاب (3000 دولار لكل طالب)، أسوةً بالآلاف من الطلاب المبتعثين تحت مسمى (تمويل حكومي) الى ماليزيا. ولكن، هل انتهت مشكلة جميع الطلاب؟ للأسف لا، فهناك طلاب لديهم (نصف) مقعد مجاني لم يشملهم هذا القرار.
إحدى الجامعات الحكومية (الجامعة التكنولوجية الماليزية) قامت، و ليتها لم تفعل، بتقديم 16 مقعد دراسي مجاني للملحقية الثقافية، والتي بدورها قدمتها لبعض طلاب التبادل الثقافي، وهذا المقعد يغطي نفقات التعليم فقط (Tuition Fees) والذي يكلف 5000 رينجت ماليزي سنوياً (تقريبا 1600 دولار)، في حين تكفلت الملحقية وباتفاقية رسمية مع الجامعة بدفع كافة النفقات الاخرى. ما يعني أن رسوم الخدمات والتأمين الصحي وغيرها لم يتم احتسابها ضمن المقعد المجاني والتزمت الملحقية الثقافية بدفعها. وبالتالي، فما يستلمه طالب التبادل الثقافي هو فقط نصف ما يستلمه طالب التمويل الحكومي تقريباً. وبتراكم هذا الفارق سنوياً، وصل الان (بعد حوالي اربع سنوات) الى (18,000 رينجت ماليزي، أي ما يعادل 6000 دولار لكل طالب)، الأمر الذي اضطر الجامعة الى منع الطلاب من التسجيل لهذا الفصل (الذي يعتبر الأخير للكثير منهم) لحين دفع الديون المتراكمة، مع العلم أن التسجيل لهذا الفصل سينتهي يوم 20 سبتمبر 2013م.
كم هو محزن أن نكافأ افضل طلابنا بإدخالهم في دوامة المشاكل منذ أن بدأوا الدراسة في الجامعة، وكم هو مخزي أن نرد الجميل للجامعة بنكران شديد وعرقلة تحويل مستحقات الجامعة الاخرى. أكاد أجزم أن هذه ستكون أول وآخر مرة تقدم الجامعة مقاعد مجانية للملحقية الثقافية في ماليزيا. وقد أذهب الى أبعد من ذلك، حيث أخشى ألاّ يتم، مستقبلاً، قبول ضمانة الملحقية الثقافية للمبتعثين الراغبين بالدراسة في الجامعة لأنها وفي مواقف كثيرة لم تستطع الإيفاء بالتزاماتها تجاه الجامعة. وهذا، إن حصل، سيحرم طلاب المنح الدراسية عموماً من الدراسة فيها.
حالياً، ورغم بُعد الجامعة عن العاصمة (300 كيلو متر جنوب العاصمة كوالالمبور)، تكبد طلاب التبادل الثقافي مشقة السفر وخسارة الاقامة والسكن لإيصال مشكلتهم الى الملحقية والسفارة وللمطالبة بسرعة معالجة وضعهم بمساواتهم بآلاف الطلاب المبتعثين الى ماليزيا واعتماد رسوم سنوية لهم (1500 دولار سنوية حسب مطالبة الجامعة) . فهم، وبشهادة الجميع، من اكثر الطلاب تفوقاً وتميزاً وحرمانهم من التسجيل لهذا الفصل سيعرضهم لمشاكل لا حصر لها ستؤثر بشكل مباشر على أدائهم العلمي، فعلى سبيل المثال لن يتمكنوا جميعاً من تجديد الاقامات (الفيزا) لهذا العام، وإن حُرموا من التسجيل لهذا الفصل، فسيضطرون إلى أن يتأخروا عاماً كاملاً لتسجيل المواد التي لن تتاح لهم الفصل القادم، والكثير من المشاكل. نناشد الجميع الوقوف مع هؤلاء الطلاب المتفوقين، ونناشد وزيري التعليم العالي والمالية بسرعة تحويل الرسوم المطلوبة منهم أسوةً بزملائهم (طلاب التبادل الثقافي في بقية الجامعات) وكذا جميع طلاب التمويل الحكومي في ماليزيا.