توعد الرئيس السابق في اكثر من خطاب ومقابلة قبل ان يسلم السلطة الى خصومة السياسيين ان اليمن سوف يتحول الي صومال جديد إذا ما حاول الخصوم إسقاطه من الحكم.. قبل اربع سنوات، اي قبل تنحي الرئيس السابق، نشرت منظمة للأغذية تابعة للأمم المتحدة ان حوالي ربع الشعب اليمني يعيش تحت خط الفقر والالاف من الأطفال يعانون من سوء التغذية اي ان اكثر من ربع الشعب كان قد تصومل..
اليوم لم يكتفي خصوم هذا الوطن بتحويله الي صومال جديد بل الي جزائر التسعينات أيضا، لعنة الموت قد تطالك في اي لحظة وانت في طريقك الي عملك أو عائد الي منزلك بفعل عبوة ناسفة قد تنفجر.. في عربة تحمل رقما حكوميا او طائرة خارج الجاهزية قد تسقط من السماء..
قبل يومين ذكرت صحيفة الأهالي ان الأجهزة الامنية ألقت القبض على عصابة في صنعاء تخطف الاطفال بهدف اغتصابهم وتصوريهم لابتزاز اهاليهم!! هذه الحادثة وغيرها تعكس حالة مخيفة من الانفلات الامني والانحطاط الاخلاقي معا في مجتمع محافظ تحكمه قيم دينيه واخلاقية...
في صعدة حكاية اخري فصولها معقدة ومرعبة واحيانا مدعاة للسخرية، جماعة اختطفت جزءاً من الدولة ونصبت نفسها دولة قائمة علي فكرة خارج نطاق العقل والمنطق والجغرافيا والتاريخ، هذه الدولة تخوض حربا عقائدية شرسة لتصفية الجغرافيا التي تحكمها من اي فكر او معتقد يخالفها.
ولأن هذه الجماعة هي في الأساس قائمة علي فكرة خلق عدو لكل زمان حتي يتسنى لها حشد اكبر كمية من الأنصار، طلاب دماج هذه المرة هم العدو، لذلك تخوض الجماعة حربا ضروس منذ اشهر طويلة، وفي المقابل يخوض اعلامهم حربا اخري ضد التجمع اليمني للإصلاح كعدو حتمي وقادم من وجهة نظرهم يجب التخلص منه بعد القضاء علي سلفيي دماج في سلسلة لا تنتهي من الاحساس بالمظلومية والتربص بهم من قبل الأعداء...
قبل يومين كنت اشاهد برنامج «بوضوح» علي قناة المسيرة تحدث الاستاذ محمد عبدالملك المتوكل اهم منظر سياسي هاشمي معاصر عن مصطلح الدولة المدنية الحديثة والعادلة، وكرر مصطلح الدولة عشرات المرات ولكنه لم يعرف الدولة بوضوح وبدي متماهياً مع خطاب «السيد القائد» هكذا كان يسميه مقدم برنامج «بوضوح» لم يقل المتوكل ماذا يعني ان تكون جماعه مسلحة تمارس مهام الدولة داخل الدولة، لم يشر الي ان ما تعلمه في القاهرة وامريكا عن مفهوم الدولة المدنية يتناقض مع ما يطرحه السيد القائد وان وجود مليشيا مسلحة داخل الدولة هو اغتصاب للدولة والمدنية معا، لكنه شدد علي انصار الله على الاستمرار في مسيرتهم للوصول الي الدولة المدنية العادلة التي سوف يحكمها ولي الله «السيد القائد» في المقابل يجب القول ان سلفيو دماج ليسوا حمائم سلام ففتاوي تكفير الروافض موجودة في أدبياتهم وجزء من عقيدتهم والتطلع الي عالم خالي من الروافض كما هو ديدن الحوثي اليوم الى *صعدة بدون «نواصب»* لكن المعتدي عسكريا والجلاد معروف وباعترافه هو مهما كانت اخطاء الضحية فاللوم يجب ان يوجه إلي المعتدي، وإذا سلمنا جدلا ان صعدة صارت دولة حوثية غير معلنة رسميا فمن حق طلاب دماج كأقلية على الحوثي كحاكم، ان يمارسوا معتقداتهم المذهبية بحرية كما يمارس مسلمو 48 عقيدتهم في فلسطينالمحتلة، أخشي ان تكون دماج هي الشرارة التي سوف تشعل النار في كل كيلوا متر مربع علي امتداد اليمن، هناك شحن طائفي وقبلي مخيف يجري التحضير له من كل الاطراف لمواجهة قد تجر البلد الي صومال وجزائر وعراق بل الي ما هو اسوأ من ذلك.
على الحوثي الطرف الاكثر قوة عسكرياً في صعدة ان يدرك انه يخوض حربا خاسرة لن ينتصر فيها ابدا لان الفكر لا يمكن ان يقتلع بالرصاص بل سوف يقوي من قوة السلفيين ويعزز الحشود التي تحشد من كل صوب وحدب وسوف يجد نفسه محاصرا بمقاتلين عقائديين لن يرحموه أبدا.. المفزع في هذه المواجهات هو الصوت الهاشمي الوطني الخجول الذي يجب ان يعلوا في هذه اللحظات ليسجل موقفا وطنيا قد يسمع له من أنصار الحوثي ويساهم في وقف حرب قذرة.
لازلنا نراهن على العقلاء من الهاشميين ان يضعوا حدا لهذه الحرب العبثية لأنهم هم من سوف يتضرر منها أكثر من غيرهم وان يحكموا العقل والمنطق، لأن مشروع العودة الي حكم الولي أو الإمام ببساطة حلم ليس فقط خارج المنطق والعقل والتاريخ، بل هو حلم سخيف، اذ لا يمكن لأقلية ان تحكم أغلبية بحجة ان الله اختارها دون غيرها واختص بها صفات ليست عند غيرها كي تقود الأمة، لأن الله العادل في كل شيء لا يمكن أن يختص بشر بصفات دون غيرهم من البشر وبهذا يكون قد فقد اهم صفاته «العدل» وهي الصفة التي أوجد الله الناس علي أساسها في هذه الارض. الخاسر في هذه المعارك القذرة القادمة من أساطير الخرافة والكهوف هو الوطن والدولة التي تتلاشي يوما بعد يوم.