يوم الثلاثاء أطفئت الثورة الشبابية السلمية شمعتها الثالثة. لست متشائماً ولا أحب زرع اليأس في نفس أحد. المتغيرات والتطورات والأحداث على الأرض خلال ثلاث سنوات تؤكد أن لا شيء تحقق على الأرض يمكن الاعتداد به كمنجز، غادر علي عبدالله صالح القصر لكنه ما زال يتمتع بالإمكانيات والقدرات الكافية لإجهاض الثورة، في ذروة الثورة كان صالح يطلب حصانة لا غير، وبرغم نيله ما أراد إلا أنه لا يرى في الأمر طوق نجاة حلم بالحصول عليه سابقوه: بن علي ومبارك والقذافي. كانت نوايا الرجل خبيثة بنفسية مشبعة بالحقد الأسود، أظهر صالح نظرته للحصانة بالأفعال الانتقامية من الثوار والوطن، تولى التخطيط والتنفيذ والتمويل لها، متكئاً على خبرته الطويلة في إشعال الفتن وإذكاء الصراعات، تزامن ذلك مع تباطؤ وصل إلى مرحلة العجز في المضي قدماً من قبل قوى الثورة في تحقيق الأهداف التي ضحى من أجلها الشهداء.
كان العام الثالث من عمر الثورة السلمية عام الحوار، أو يفترض أن يكون كذلك، لكنه كان مع الأسف عام الاقتتال الدموي بامتياز. سالت دماء كثيرة وسقط أبرياء كثر بلا قضية تستحق التضحية. مازالت أحلام الثوار بعيدة المنال ولم يلمسوا في الواقع أي دور تحقق، فإن كان إلى الآن ما يزال هناك ثوار قيد الاعتقال فالحديث عن الدولة المدنية والمواطنة المتساوية والعيش الكريم مجرد حلم طوباوي يتطلب إذكاء الحماس والثوري والإرادة الثورية والإصرار الثوري.
سيقول المتفائلون إن الحوار أنجز وهذا مكسب، انا لا أتحدث بدافع عاطفي إنجاز الحوار نجاح للمبادرة الخليجية ولا زال حبراً على ورق، أتحدث عن التغيير الذي كان يفترض أن يتم. لا شيء على الإطلاق، ليس سوى تشبثنا بالتفاؤل بإصرار عنيد وهذا جيد. يمكن القول ودون مبالغة إنه بعد ثلاث سنوات أصبحت ثورتنا بحاجة إلى حصانة من صالح وبقايا نظامه من تجار الحروب المذهبية والطائفية من ناهبي ثورات الشعب سابقاً ولاحقاً.
لذلك يجب أن تكون الذكرى الثالثة أكبر من مجرد احتشاد جماهيري وحسب، بل تتجاوز ذلك لإيصال الرسالة الأبلغ والحقيقة الناصعة لكل من وجدوا في ضعف الدولة ضالته لاستثمار ثورة الشباب لصالح أغراضهم المريضة ومصالحهم الشخصية. نقول لهم إن ثورتنا غير قابلة للخصخصة والاستلاب، وإن تضحياتنا ليست للمساومة، وأهدافها غير قابلة للانتقاص، وأننا ما زلنا قادرين إن شاء الله على الوصول بثورتنا السلمية إلى أهدافها كاملة مهما تطلب ذلك من تضحيات.