كيف تقبل امراة ذات سيادة أن ينتقل اسم عائلتها من رجل لآخر؟ لكن المرأة الغربية في بلاد الحقوق والحريات تقبل! فبعد أن كان اسمها راشيل جوزيف لانها راشيل ابنة جوزيف تصبح فجأة راشيل جونسون لأنها تزوجت من السيد جونسون، ثم قد يطلقها جونسون وتتزوج من وليم فيصبح اسمها راشيل وليم وهكذا! يبقى إسم أخوها دانيال جوزيف منذ الولادة حتى الممات ويتغير اسم عائلتها كعقد ملكية من هذا الى ذاك، لكنها لا ترى في ذلك أي انتقاص ولم يسبق أن سمعنا أن إحداهن طلبت سن قانون يساوي بين الرجل والمرأة في هذا الحق! فلا شك أن هذا الأمر بالنسبة لهن لا يستحق الاهتمام لأنه لا يترتب عليه خسارة مادية! وعوضاً عن عدم مطالبة المرأة الغربية بالاحتفاظ باسم عائلتها مثلها مثل أخيها الرجل انفجرت في مصر قضية "لماذا لا تحمل المرأة اسم عائلة زوجها بعد الزواج" حيث أفتى الشيخ علي جمعة بجواز ذلك ولكن الفتوى أحدثت ضجة كبيرة بين المؤيدين والمعارضين، وطبعاً لا مبرر للضجة سوى السير على نهج الغرب فالمؤيد يؤيد تقليد الغرب والمعارض يعارض تقليد الغرب ولا علاقة لأحدهم بحقوق المرأة! ان كانت المرأة الغربية لم تجد خسارة مادية في انتقال اسم عائلتها من رجل لآخر فما هي الفائدة التي ستجنيها المرأة العربية من تنقل اسم عائلتها بين المُلاك؟ ان كانت المرأة الغربية لم ترَ في احتفاظ العربية باسم عائلتها مثلها مثل الرجل ما يستحق التقليد من باب المساواة بين المرأة والرجل فما الذي يغري العربية في حمل اسم عائلة الزوج أسوة بالمرأة الغربية؟ كما قد يضع بعض الرجال مسؤوليات طائلة على عاتق المرأة باسم المساواة بينها وبينه! فتجدها امرأة عاملة تقع على عاتقها مسؤولية أعمال البيت برمتها, وشراء مستلزمات المنزل ومتابعة الأولاد وتسديد فواتير الخدمات كي تثبت انها لا تقل كفاءة عن الرجل، بينما لا يجد الرجل ما يستدعي أن يقوم بخدمة نفسه بنفسه في إعداد طعامة وملبسه ليثبت أن المرأة لا تتفوق عليه في ذلك! ليس من العدالة أن أفرض على الناس احتياجاتهم ثم أزعم اني أعطيهم اياها فمنهم من توافق هواه ومنهم من يرميها وتظل حاجاته الحقيقية مغفلة، ما الذي تحتاجه المرأة ليكون لها حق تسعى لأجله وتساعدها المنظمات الحقوقية في الحصول عليه؟ تحضرني هنا حادثة وقعت في إحدى المنظمات المهتمة بتعليم الفتاة والقضاء على التسرب من المدرسة للفتيات فقامت بإرسال احد منسقيها الى قرية معينة ليحدد احتياجات القرية من مدارس ومعلمين لتخفيف مشكلة التسرب من المدرسة وعندما عاد هذا الشخص أعد لهم قائمة احتياجات تحوي توفير الغاز ومشروع مياه! تعجبت إدارة المنظمة من ذلك وردت عليه .. لكن هذا ليس اختصاصنا نحن نوفر مدارس، معلمين، مناهج اما هذا فهو اختصاص جهات اخرى فرد عليهم لا توجد مشكلة في كل هذا لكن المشكلة الحقيقة ان اهالي الفتيات يحتاجون فتياتهم لتوفير الماء والحطب من أماكن بعيدة وبالتالي لا تجد الفتاة فرصة للالتحاق بالمدرسة فالدراسة تعتبر احتياج ثانوي مقارنة بالماء والطعام! لذا على الجهات المهتمة بحقوق المرأة أن تحدد احتياجات المرأة في كل مجتمع على حدة باحترام شديد لا ان تنتقيها من فاترينا الحقوق لشعوب أخرى، يجب أن تعرف المرأة أن بامكانها انتزاع حاجتها بالعلم، فالعلم هو من يعلمها احتياجاتها التي ستحدد بناء عليها حقوقها وحدود حرياتها و قبل ان نطالب بحق المرأة في المشاركة السياسية علينا أن نعي أن المرأة هي صاحبة قرار سياسي بمجرد الحصول على بطاقة انتخابية لانها تشكل النسبة الأكبر من عدد الناخبين، لذلك فهي تختار المجلس التشريعي ورئيس الجمهورية وأعضاء المجالس المحلية. وعليه يجب التعامل مع المرأة كمركز قوة لا مركز ضعف خصوصاً بعد أن شاهدنا المشاركة القوية للمرأة في ساحات الثورة . لذا علينا أن نسألها لنعلم الى أين ستصل بنا قراراتها لا أن نتسول الحقوق باسمها. على المنظمات المهتمة بحقوق المرأة أن تسأل المرأة، وتعلم أن سكوتها ليس دائماً رضا.