أثارت محاولة اغتيال قاضٍ في محافظة حضرموت وضبط المتهم الرئيس في الجريمة، قبل نحو عشرة أيام، تساؤلات عديدة وشغلت الرأي العام الحضرمي مع ورود معلومات متضاربة حولها، وإمكانية أن يقود القبض على المتهم إلى فك شفرة الاغتيالات التي تحدث بين حين وآخر في حضرموت عبر مسلحين يستقلون دراجات نارية. وأصيب القاضي عدنان الحامد رئيس محكمة ثمود الابتدائية برصاص مسلح يستقل دراجة نارية مساء يوم الأربعاء قبل الماضي (12 مارس) في مدينة سيئون. وتمكن شبان كانوا في مكان الحادثة من اعتقال منفذ محاولة الاغتيال وهو رجل يدعى «فؤاد بانصيب».
وشغلت الحادثة الرأي العام في حضرموت حيث وقعت العشرات من عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة عسكريين وضباط أمن واستخبارات ومدنيين، وإمكانية أن تكون الحادثة مفتاح لكشف صاحب «السيكل الأحمر» وهو مصطلح يشير به الحضارم إلى الدراجة النارية الحمراء التي يستقلها المسلحون الذين ينفذون عمليات الاغتيال.
وقالت وزارة الداخلية في بيان إن الشرطة اعتقلت ثلاثة بينهم «بانصيب» الذي اعترف بالجريمة، مضيفة أن الشرطة ضبطت السلاح المستخدم في ارتكاب الجريمة وهو مسدس اسباني الصنع (نصف).
وأصيب القاضي عدنان الحامد برصاصة ماتزال مستقرة في صدره حتى الآن.
وروى القاضي الحامد ل«المصدر أونلاين» تفاصيل الحادثة، وقال إنه كان عائداً من محكمة القطن -التي يعمل فيها قاضياً ينظر في القضايا الجنائية والأحوال الشخصية- عند الساعة الثامنة مساء يوم الأربعاء, وكان على متن سيارته وتوقف بها أمام المنزل وضغط على «الهون» حتى يفتح أحد الأبناء باب حوش البيت ليدخل السيارة.
وأضاف عبر الهاتف انه تفاجأ برجل يتوجه إليه مصوباً مسدساً وهو ما جعله يتجه لالتقاط مسدسه الموجود في السيارة، قبل أن يُطلق المسلح النار وتدل رصاصة من الكتف، فوق موقع القلب بنحو سنتيمترين.
وأشار القاضي عدنان الحامد إلى انه في البداية لم يُحس بألم الرصاصة، وخرج من السيارة وأطلق النار صوب المُسلح الذي كان يلوذ بالفرار.
وقال الحامد إنه أمر ابنه –الذي خرج لتوه من البيت- لملاحقة المسلح، فانطلق يلاحقه، قبل أن يطلق المسلح عدة رصاصات تجاه ابنه، فيما تجمع شبان من الحي وطاردوا المسلح وتمكنوا من القبض عليه.
وأشار إلى ان رجلاً آخر كان يقف في ركن البيت، لكن لم يتم القبض عليه حينها.
وقال القاضي الحامد إن الأطباء أكدوا له أنه تجاوز مرحلة الخطر، وان الرصاصة مستقرة حالياً تحت الحجاب الحاجز بعد خروجها من الصدر، مشيراً إلى أن الطبيب أخبره انه بالإمكان إجراء عملية جراحية لإخراجها بعد شهر حتى تتكيس لأن الجسم سيرفضها.
وأشار إلى أن انحناءه لجلب مسدسه كان سبباً لتخطئ الرصاصة هدفها وتصيب موضع كتفه.
وبشأن سير التحقيقات، قال إنه طلب من أجهزة الأمن والبحث الجنائي التحقيق في الحادثة ومعرفة أسباب ودوافع ارتكاب الجريمة بشكل كامل، مضيفاً أنه طلب منهم إرسال نسخة من تلك المحاضر إلى رئيس المحكمة عند انتهاء التحقيقات بشكل كامل.
وأشار القاضي عدنان الحامد في حديثه للمصدر أونلاين إلى انه طلب من الشرطة عدم تزويده حالياً بنتائج سير التحقيقات خشية أن يقوم بعض أفراد عائلة بعمل لا يحمد عقباه بشأن أسماء متورطة في القضية.
وأكد انه ليس بينه وبين أي شخص عداوة، كما لم يتلق تهديدات في السابق.
وحول المتهم فؤاد بانصيب، قال القاضي الحامد إنه سمع من أفراد البحث الجنائي في بداية القضية ان بانصيب «رجل محترف»، وان عليه «عدة جرائم سابقة» لكنه لم يؤكد ما إذا كان متهماً بعمليات اغتيال مشابهة.
ونشرت وسائل إعلام إلكترونية معلومات نسبتها ل«مصادر أمنية» لم تسمها قالت فيها إن بانصيب متهم بارتكاب عمليات اغتيال مشابهة في حضرموت، مشيرة إلى اعتقاد بأنه «قاتل مأجور»، كما ذكرت ان بانصيب اعترف بتجنيده من قبل أشخاص لاغتيال القاضي الحامد أعطوه مبلغ 500 ألف ريال من أصل مليوني ريال.
لكن مدير أمن قطاع وادي حضرموت العميد حسين الحامد نفى ذلك في حديثه ل«المصدر أونلاين»، وقال إن ما نُشر حول القضية «عارٍ عن الصحة.. وعبارة عن كلام مجتهدين».
وأضاف ان بانصيب مسجون لدى الأجهزة الأمنية، وان القضية بيد النيابة، رافضاً الإدلاء بتصريحات حول تطورات التحقيق مع المتهم قائلاً إن ذلك قد يضر بسير التحقيق.
وفؤاد بانصيب يسكن في منطقة «الشرج» بمدينة المكلا، ويعمل في بيع وجبة «الكراش» الشعبية التي تُصنع من أحشاء السمك، ويُعرف بامتلاكه لدراجة نارية.
ويدور حديث عن نشاطه ضمن فصيل للحراك الجنوبي مطالب بانفصال جنوباليمن، لكن مدير أمن وادي حضرموت لم يؤكد تلك المعلومات.
وأورت قناة «عدن لايف» التابعة لنائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض التي تبث من بيروت خبراً يوم الثلاثاء قالت فيه إن المتهم فؤاد بانصيب «اعترف بتنفيذ عمليات اغتيال طالت كوادر عسكرية ومدنية جنوبية»، وهو ما نفاه مدير الأمن في وقت لاحق.
ووصفت القناة فؤاد بانصيب بأنه «سفاح حضرموت»، وقالت إنه نفذ عمليات اغتيال متعددة، وكان يتلقى على الواحدة منها مليونا ريال، مشيرة إلى أنه يتعاطى المُخدرات، وكان يتأرجح من آثارها حين قبض عليه الأهالي.