أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" – مقرها فرنسا - أنها ستحتفل يوم الجمعة القادم الموافق:12 آذار/مارس 2010، وعلى مستوى العالم، باليوم العالمي لمكافحة الرقابة الإلكترونية. في خطوة ترمي من خلالها إلى الدفاع عن حرية المواقع الألكترونية، وتدفق المعلومات بسلاسة عبرها، بعيداً عن فرض أي رقابة عليها. وأكدت المنظمة العالمية - في بلاغ صحفي صدر بهذا الخصوص أمس الأربعاء (10 مارس) - أن الإحتفال بهذا اليوم، يأتي تحت هدف عنوانه "التوعية إزاء ضرورة دعم شبكة إنترنت واحدة حرة ومتاحة للجميع". وقالت أنها تسعى من خلال ذلك إلى"التذكير بأن هذه الشبكة تبقى محرّكاً للحريات بفضل إنشاء مساحات جديدة لتبادل الأفكار والمعلومات، إلا أن عدة حكومات قد أدركت أهميتها، فإذا بها تتخذ التدابير المناسبة لها بسعيها إلى السيطرة على هذه الشبكة بأي ثمن". وبهذه المناسبة، تنشر مراسلون بلا حدود لائحة جديدة لأعداء الإنترنت ضمن تقرير قالت أنه "يسلّط الضوء على أبرز البلدان التي تحد من نفاذ مواطنيها إلى شبكة الإنترنت وتضيّق الخناق على المواطنين الإلكترونيين، من إيران إلى الصين مروراً بالمملكة العربية السعودية وفيتنام وتونس". كما وتنشر أيضاً "لائحة بدول قيد المراقبة وهي دول يثير موقفها حيال الشبكة بعض القلق". وعشية هذا اليوم العالمي لمكافحة الرقابة الإلكترونية، ستقدّم مراسلون بلا حدود في تمام الساعة السابعة من مساء 11 آذار/مارس 2010 للمرة الأولى "جائزة المواطن الإلكتروني" بدعم من شركة غوغل. وأعتبرت في بلاغها "إن هذه الجائزة تكافئ متصفح إنترنت أو مدوّن أو مخالف إلكتروني تميّز بنشاطاته في مجال الدفاع عن حرية التعبير على الإنترنت". وسيقام الحفل في مقر غوغل فرنسا في باريس. وبالمناسبة أيضاً، أعدّت مراسلون بلا حدود رسماً يرمز إلى الدفاع عن حرية التعبير على الإنترنت. يظهر هذا الرسم فأرة كمبيوتر تتحرر من قيودها. ودعت الراغبين في التعبير عن دعمهم لليوم العالمي لمكافحة الرقابة الإلكترونية أو الدفاع عن شبكة إنترنت حرة ومتاحة للجميع، ألا يتردوا عن تحميل الرسم – المتوفر مجاناً على موقع المنظمة - لعرضه على الموقع الإلكتروني أو المدونة أو "لدى توقيع رسائلكم الإلكترونية". يذكر أن اليمن تندرج ضمن الدول التي تقع تحت الرقابة، والتي تثير مواقفها حيال الشبكة بعض القلق. وفي آخر تقرير سنوي للعام2010 لمراسلون بلا حدود، وضعت اليمن في المرتبة رقم 167 من بين 175 دولة ضمن التصنيف العالمي. وفيما يتعلق بالأنترنت، حجبت السلطات اليمنية العديد من المواقع الألكترونية، على مدى الأعوام الماضية. ومؤخراً قامت شركة "يمن نت" التابعة لوزارة الإتصالات اليمنية، والمشغلة الوحيدة للشبكة الألكترونية في البلاد، بحجب موقع "المصدر أون لاين" عن المتصفحين من داخل البلاد، لمرتين متتاليتين خلال شهري فبراير ومارس الماضيين. كانت الأولى في 10 فبراير، وتلتها الثانية في أول مارس بعد 24 ساعة من تدشين إدارة الموقع لرابط جديد، عقب فشل محاولاتها المتكررة في إقناع الجهات المعنية بإعادة الرابط السابق. فيما يعتبر هذا الحجب للموقع - على متصفحية من داخل اليمن - هو الحجب الثالث، بعد أن تم حجبه لأول مرة في شهر مايو من العام 2009 (أي عقب شهر واحد من إنطلاقه في أبريل من نفس العام). وتمارس في اليمن، رقابة شديدة على حرية الرأي والتعبير، غالباً ما تكون عبر أجهزتها الأمنية والإستخباراتية وفق ما تمتلكه من صلاحيات واسعة وغير معروفة (معظمها غير قانونية). حيث تعمل تلك الأجهزة الأمنية – عبر وحدة غير معلنة، متخصصة بهذا الجانب – بالتنسيق مع الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية المعنية بالإعلام، الخاضعة لقراراتها غير القانونية - غالباً - في إغلاق الصحف وحجب المواقع الألكترونية، التي ترى أنها لا تتوافق مع رغباتها وتتجاوز ما تحدده – هي - من "خطوط حمراء" لا يعرف ماهيتها أو طبيعتها بالضبط. ووفقاً لذلك، وعلى مدى الأعوام الماضية، مارست وزارة الإعلام اليمنية، الكثير من المخالفات القانونية، عبر إغلاق الصحف، ومنعها من الطباعة، قبل إحالتها إلى المحاكمة. وفي العام الفائت 2009 أنشأت الحكومة "محكمة متخصصة بالصحافة" وأحالت إليها أكثر من 200 قضية من قضايا النشر، وذلك بعد أن قامت الوزارة – خلال العام – بحملة كبيرة لإغلاق وإيقاف مجموعة صحف مستقلة.
اليمن في تقرير المنظمة وفي ضوء تلك المخالفات، جاء تقرير "مراسلون بلا حدود" الأخير 2010 حول اليمن، ليؤكد أن المؤسسات الإعلامية في اليمن تخضع "لسيطرة حكومة قلّما هي منفتحة على الانتقاد في ظل قانون صحافة يعود إلى العام 1990." وأستدرك التقرير الدولي قائلاً "وقد قوبل مشروع التعديل المطروح على بساط النقاش منذ عدة أعوام بانتقادات المحترفين الإعلاميين بسبب طابعه القمعي الهادف إلى الحؤول دون أي تحقيق من شأنه المس ب "الأمن القومي"، و"الوحدة الوطنية"، و"العلاقات الخارجية" للدولة. حيث لاحظت المنظمة أن القانون القمعي سابق الإشارة اليه، يتضمن "عقوبات بالسجن تصل إلى ستة أعوام". وقالت ضمن تقريرها "ومع أن اللجوء التعسفي إلى هذه المفاهيم التملّصية والذاتية كفيل بأن يكممّ وسائل الإعلام اليمنية أكثر من السابق، إلا أن هذا القانون قد يسمح بانفتاح قطاع الإعلام المرئي والمسموع على القطاع الخاص معززاً المشهد الإعلامي اليمني". وأستشهدت المنظمة - في سياق تقريرها – بمجموعة من المواقف القمعية التي مارستها السلطات اليمنية خلال العام الماضي(2009)، وإعاقتها لحرية الرأي والتعبير في البلاد. ومنها على سبيل الذكر، ما لجأت اليه في هذا العام، من "تعزيز سيطرتها على وسائل الإعلام، فارضةً تعتيماً إعلامياً على العمليات العسكرية التي تدور رحاها في شمال البلاد وجنوبها". وأوردت في هذا السياق تصريحات لأمين عام نقابة الصحافيين اليمنيين مروان دماج من "أن دولة اليمن في هذا العام، تشهد أسوأ الأعوام في مجال حرية الصحافة، منذ العام 1990". وعلى سبيل المثال، ذكر التقرير أنه و"في 4 أيار/مايو 2009، قام وزير الإعلام باسم مبدأ "وحدة البلاد الوطنية" بحظر طباعة ثماني صحف مستقلة اتهمت بالانفصالية تمثلت بسبع أسبوعيات وجريدة الأيام التي كانت من أبرز ضحايا القمع الممارس ضد وسائل الإعلام" وتطرق التقرير لبعض التفاصيل بشأن صحيفة الأيام، وما تعرضت له من مصادرات لأعدادها ومنعها من التوزيع، وقصف لمقرها، وإدانة مراسلها في عدن "أنيس أحمد منصور حميدة" والحكم عليه بالسجن لمدة 14 شهراً مع النفاذ بتهمتي "النيل من الوحدة الوطنية" و"الانفصالية" على إثر محاكمة وصفها التقرير بأنها "سياسية بامتياز". كما وأستشهد التقرير بمحاكمة الصحفي عبد الكريم الخيواني بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2009، في "محكمة جنائية خاصة مكلّفة بالنظر في قضايا الإرهاب"، وإصدارها بحقه "يقضي بسجنه لمدة ستة أعوام بتهمة "التعاون مع حركة التمرّد في الشمال". وأستدرك "وفي 14 آذار/مارس 2009، استفاد رئيس تحرير جريدة الشورى السابق هذا والمعاون لعدة مؤسسات إعلامية مستقلة من عفو رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح". وتعرض التقرير بالذكر، للمحاكمة التي خضعت لها صحيفة المصدر المستقلة، في محكمة الصحافة، وقال "في 31 تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت المحكمة المتخصصة بقضايا الصحافة حكماً يقضي بسجن الصحافي العامل في الأسبوعية المستقلة المصدر منير الماوري لمدة عامين مع النفاذ على خلفية التشهير برئيس الجمهورية. وقد منع هذا الصحافي أيضاً عن مزاولة مهنته لمدى الحياة. أما رئيس تحرير الصحيفة سمير جبران فحكم عليه في القضية نفسها بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ ومنعه عن مزاولة مهنته لمدة سنة. وقد صدرت هذه الإدانة إثر نشر مقالة بعنوان "سلاح الدمار الشامل" في أيار/مايو 2009 وجهت فيها انتقادات حول إدارة الحرب ضد المتمرّدين الشيعة في شمال البلاد". حسب ما قال التقرير. وبخصوص إختطاف الصحفي محمد المقالح، أشار التقرير – الذي صدر قبل أن تعلن السلطة عن مكانه – حيث جاء فيه "ولا نزال نجهل مصير الصحافي محمد المقالح الذي اختفى في ظروف غامضة منذ 18 أيلول/سبتمبر الماضي علماً بأن عدة محترفين إعلاميين في اليمن وعدة منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان تحمّل الأجهزة الأمنية مسؤولية عملية الاختطاف هذه بالرغم من نفيها". كما وأشار إلى أن رئيس تحرير موقع المكلا برس فؤاد راشد، ومعه رئيس تحريرشبكة خليج عدن الإخبارية صلاح السقلدي، مازلا محتجزين. وأختتمت المنظمة تقريرها بالإشارة إلى بعض النتائج التي أحدثتها تلك الممارسات القمعية، وقال "وفي هذا السياق يضطر معظم الصحافيين اليمنيين المستقلين إلى اللجوء إلى الرقابة الذاتية تفادياً لتعرّضهم للملاحقة القضائية وغيرها من المشاكل مع الحكومة. أما الصحافيون الأجانب، فلا يحق لهم بالتنقّل في البلاد من دون دليل تعيّنه وزارة الإعلام. ويكون مصير كل من يخالف هذا التوجيه الطرد فيما يبقى الاحتجاز لمعاونيه".