لا أدري من نصح عبدالملك الحوثي باستقدام مصطلح "الدواعش"، ليحشره في خطاباته على هذا النحو من الإفراط الفضيع. لا أدري ما إذا كان الحوثي يدرك أم لا؟.. أن المصطلح هو بالأصل؛ إختصار لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وهل ثمة مغزى إن كان يدرك، من هذا الاستقدام؟.. وهذا الاستخدام الذي مايزال بمقدور الزعيم الصغير أن يستبدله بأي مصطلح آخر ذو صبغة يمنية تتناسب مع ما يفهمه اليمنيون البسطاء وما يخافون تسميته ويرتعدون من معناه. يبدو أن كل ما في اليمن هو مستورد؛ حتى الخطابات والخطابات المضادة.
في 2011 أستورد الشبان المغدور بثورتهم، مصطلحات الربيع كما كانت الفكرة أيضا؛ ولربما كان لنشطاء وأنصار وأحزاب تلك الثورة المستوردة الفكرة، أن يضجوا بأحاديث نضالية مستنسخة الألفاظ والألوان والمعاني.
حتى أن صالح كان يفاجئنا من وقت لآخر، بخطاب انفعالي أقل ما يمكن وصفه بأنه خطاب مجنون.وكنا غالبا، نكتشف أنه مستهلك حين نتابع التفاصيل الدفاعية للقذافي أو لحسني مبارك لصد مشروع الربيع في بلديهما آنذاك. كانت الماكينة الإعلامية للثورة الشبابية وحلفائها المتربصون بها، تفرز بتعددها خطابا غبيا؛ بعضه مستورد، وآخر منتج محلي.
وكل ما نحن عليه اليوم، من هراء ثوري يبعث على التقزز، هو من نتاج ذلك الذي شرعنته بالخطأ المتعمد كائنات التغيير. لا أريد العودة لماضي بائس قادتنا أخطاؤه إلى فضاعات اليوم؛ لكن ما لا نكف عنه من الآن، هو نقد التجارب والمشاريع والمحاولات التي نظن أن من حقنا أن نقيم وطنيتها وإنسانيتها وأخلاقها السياسية طالما وهي نابعة من أوساط جيلنا الجموح ويمننا الطموح.
إن الحوثي المستلهم عنتريته من زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، ربما ينسى نفسه أحيانا، وهو يوجه خطابا ملتهبا لأنصاره المبثوثين داخل صعدة وصنعاء وخارجهما. ومن خلال مراقبتنا لبعض خطاباته التي وجدت زخما مع الجرعة وفساد حكومتها وقواها، نلحظ أن زعيم أنصار الله لا يتورع عادة، عن تقليد نصر الله بالحركة وبالحروف أيضا.
المشكلة أن خطاب عبدالملك الحوثي يأخذه أنصاره العاديين على أنه "قرآن" ويجب حفظه وترديده في كل المحافل. ويحزنني أسمع مثقفين وسياسيين محسوبين على الجماعة، يعمدون إلى تقليد خطاب سيدهم بأخطائه السياسية واللغوية والإلغائية؛ والتي تتمثل في إطلاق إسم "داعشي" على كل من ينتقد مشروعهم غير المطمن.