من اللحظات الجميلة التي استطيع عيشها ، هي تلك اللحظات الرياضية الأنيقة ، مع العشب الأخضر ، فلطالما أذود بنفسي من الهموم الحياتية المتراكمة ، إلى المربع الأخضر ، وأتسمر متلهفاً أمام الشاشة، بيد أن أمنيتي بحضور مباراة جديرة بقيمة التذكرة على الإستاد الرياضي فعلاً ، ما يزال مشروع مطروح ، قابل للتنفيذ . لا يمكنني أن أجحد حقي ، وأصفني بالمتابع الرياضي وحسب ، بل في الوقت الذي اعتني فيه ، بالجداول الرياضية والمواعيد والبطولات ، وفقاً لجدولي ، والنظر إلى ما يمكن تفويته ، وما لا يمكن .
أعتني أيضاً بما أشاهده ، وبكيفية المشاهدة ، فدائماً أقف بلا تشجيع ، لأن هدفي الرئيسي من المتابعة هو الاستمتاع بالعرض الكروي ، ولاشك بأن الجميع يعرف بأن المتعة والإثارة والتشويق ، هي من وليدات الكرة الأوروبية ، و بها تكاد تنفرد هذه القارة بامتياز ، لا أريد أن اظلم البقية ، ولكن سنتفق بأنني أتحدث بالصيغة الرياضية العامة ، والمعروفة لدى المتابعين .
ومن أهم تلك البطولات التي لا يمكنني تفويتها ، هي دوري أبطال أوروبا ، حيث يتصارع فيها أصحاب المراكز الأولى في الدوريات المحلية الأوروبية ، على اللقب الأوروبي الفذ ، فأهمية المتابعة لدي ، تنشأ من أهمية اللقب والمشاركين ، فالأندية المشاركة أتت من أفضل الدوريات على الإطلاق .
وخلال متابعتي للبطولة الحالية، وتحديداً لذهاب وإياب ، ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا 2010، بين فريقي " مانشستر يونايتد الإنجليزي ، و بايرن ميونيخ الألماني "، لاحظت بأن المحور الرئيسي في اللعبة ، كما يتحدث المعلقون الرياضيون هو الجمهور .
ففي مباراة الذهاب والتي أقيمت على ارض الألمان ، رأيت فريقاً ألمانياَ شرساً ، لا يجادل على الكرة ولا يساوم ، السرعة والبديهة ، والمهارات الفردية ، واللعب على صفارة الكرة ، لا صفارة الحكم ، وكم تألم صديقي الأفريقي ، على المستوى المنخفض الذي ظهر به مانشستر يونايتد يومها ، حيث كان يشجعه ،رغم أننا نشاهد المباراة على ارض ألمانية ! ، واستطاع " ايفيكا اوليش " في الدقيقة التسعين ، من خطف كرة لم تكن له البتة ، وأصر على أن ينهي المباراة لصالح " بايرن ميونخ " بالفوز المستحق ، بهذا الهدف الثاني الذي انهي المباراة بنتيجة 2 / 1 ، بعد عرض كروي ألماني منفرد طيلة الشوطين.
وفي مباراة الإياب ليلة البارحة وعلى أرض الإنجليز ، كان فريق مانشستر يونايتد ، يلعب بأسلوب الكبار ، منذ البداية ، لم يتجاوز عداد وقت المباراة ، على شاشة العرض السبع دقائق ، إلاّ وقد أنجز مانشستر يونايتد هدفين رائعين ، كان احدهما من أفضل أهداف المباراة ، في الدقيقة السابعة ل " لويس ناني " ، الذي أضاف بدوره ، هدفاً ثالثاً لمانشستر يونايتد في الدقيقة 41 ، وقبل انتهاء الشوط الأول قرر " ايفيكا اوليش " بتوقيعه الخاص ، ان ينهي الشوط بنتيجة 3 / 1 ، وفتح باب الأمل من جديد لعودة الفريق الألماني ، ورغم السيطرة الانجليزية المبهرة خلال الشوط الأول ، وبداية الشوط الثاني ، إلاّ أن طرد " رافاييل دا سيلفا" من الفريق الانجليزي ، في الدقيقة 50، فتح شهية الألمان للتسجيل ، لا سيما وان الفريق بحاجة الى هدف واحد فقط ، طبقاً لنتائج الذهاب ، وفعلاً استطاع " اريين روبن " في الدقيقة 74 ، بتحقيق الهدف والفوز رغم نتيجة 3 / 2 لمانشستير يونايتد .
وبذلك انتقل للنصف النهائي بايرن ميونخ ، ولم يكن الجمهور فقط هو الذي يحرك نفسيات اللاعبين ، ويوجههم تقريباً ، وصاحب الفضل الأول ، في العرض الكروي السخي ، في مباراة الذهاب والإياب ، بل أيضاً حُسمت النتيجة النهائية من خلال الأرض والجمهور ، كما هو معروف في القاعدة الرياضية بأن الهدف في ارض الخصم ، هدفين ، وعلى عدد النقاط ، وبالتالي سيطر الجمهور حتى على سير النتيجة.
الشاهد في القول ، بعد تلك الأحداث التي تابعناها بشغف ، انا وصديقي الإفريقي ،ورغم أننا نختلف ، حيث يشجع فريقه الانجليزي بصوت عالي ، وأنا أفضل أن لا أشجع كعادتي ،إلاّ أننا اتفقنا تماماً بأن الجمهور يلعب .
وبعيداً عن تلك الإحداث الرياضية، وانعكاساً على الواقع اليمني، رأيت من واجبي أن أتوجه بالكلمة للجمهور [ الشعب ] ، حيث وقد أخلصت الأقلام بالتحدث مع الحكم [ الرئيس ] ، وبوصف المدربين[ المستشارين ] ، ومع الفريقين [ الحكومة / المعارضة ]، رغم أن الكرة [ الوطن ] ومسار النتيجة حتماً بتصرف الجمهور ! فمن الواجب أن ينبه الجمهور الحكم للأخطاء إذا لم يراها، أو تعمد بتجاهلها، وقبل ذلك من المفترض ان يكون الحكم على دراية كافية ، بقانون اللعبة ، وليس هناك ثمة خطأ في المجتمع اليمني حاليا، مثل أحداث " جنوب اليمن " . من المفترض أن يقوم الجمهور بدوره ، بالتكاتف والتآزر مع إخوانهم في الطرف الآخر ، بالكلمة الشريفة ، والموقف الاجتماعي الصارم ، من خلال التوجهات الاجتماعية ، وخطباء المساجد ، والجامعات اليمنية المختلفة ، بكل طاقاتها ومواردها البشرية الفذه ، و يحدد كيفية التعامل مع غضب الجنوب ، فمن غير اللائق أن تترك الآلة العسكرية والإستخباراتية ، وحدها ، تتعامل مع أبناء الوطن في الجنوب بتلك الطريقة ، ونتجاهل لغة الحوار ، ورد المظالم ، والشراكة الحقيقية ، وإعادة التآلف على ارض الواقع ليس بالشعارات .
لابد أن يوجه الجمهور الفريقين [ الحكومة / المعارضة ] للتعامل مع هذا الملف بالذات ، بأكثر وطنية ، وبإحساس عالي جداً ، بالخطر المحدق بالوحدة اليمنية ، فالحكم [ الرئيس] لابد أن يكون منصف ، ليكون العرض الكروي ممتعاً للجمهور [ الشعب ] ، إنقاذ الوضع يحتاج إلى جمهور واعي جداً ، فالفريقين والحكم والمدربين ، سيكون لهم دور إيجابي مؤثر ، إذا كان الجمهور متابع ومهتم ، وعلى درجة عالية من الانتباه ، وكم هو تعيس أن أرى خيبة الجمهور العريض ، وهو يشاهد الكرة [ الوطن ]، تتقاذفها الأقدام بلا أهداف ولا نتيجة ، وينتظر المتعة بدون تفاعل !
بل يستطيع الجمهور أن يلعب بأكثر فاعلية ، كما من المفترض انه يستطيع في هذه الحالة بالذات ، تغيير قواعد اللعبة الأساسية متى ما أراد ، في حالة عدم الجدوى ، وغياب المتعة ، المهم أن نكون فعلاً ، أصحاب الأرض والجمهور .