تزايد نعوش الضحايا الجنوبيين في المظاهرات السلمية في فعاليات قوى الحراك الجنوبي في كثير من مدن ومناطق الجنوب وسط صمت رسمي وإقليمي ودولي ينذر بكارثة حرب أهلية محتملة في ربوع اليمن. هذا ما نبه إليه الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في حديث صحفي ل"الشارع". الشارع الجنوبي يصر على المقاومة السلمية عبر احتجاجات ترفع شعارات تطالب باستعادة دولة الجنوب، وعزز هذه المواقف الخطاب الأخير للبيض في 21 مايو الفائت الذي طالب بفك الارتباط بين "صنعاء وعدن". أجهزة الأمن لجأت إلى قمع التظاهرات بالرصاص الحي والقنابل الدخانية مع حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من نشطاء الحركة السياسية لفصائل الحراك، السلطة تبرر آلية القمع بأن المتظاهرين يرفعون شعارات انفصالية وينفذون فعاليات غير مرخصة، وكلما استمرت فعاليات الحراك في تصاعد نشاطها على الأرض مضت الأجهزة الأمنية في القمع يوماً بعد يوم والدماء تنزف صباح مساء من دون استشعار لا محلي ولا قومي ولا من أخوي عربي! وكأن الضحايا ليست دماً عربياً يثير الحزن في نفوس القادة العرب، والقوى الإنسانية الخيرة ورجال السلام أينما وجدوا، الكل أضحى يتفرج على الصراع اليمني اليمني الذي أخذ ينمو نحو العنف. لماذا لا ينظر إلى المشكلة بعيون عادلة؟ إن دعوة طرفي النزاع إلى الجلوس للحوار بات في غاية الأهمية، ليس من حق أي طرف أن يلغي الطرف الآخر. تمادي "النظام" في توظيف أوراق بالية ضد الحراك الجنوبي كما كورقة الإرهاب، وتسجيلات صوتية لزعيم القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي بزعم دعم الحراك الجنوبي، أو اتهامات لقوى دولية بدعم انفصال الجنوب في تصريحات "القربي" الأخيرة، لا تجدي نفعاً بل تسهم في تأزيم المشكلة، فإذا كانت قوى دولية تغذي النزعة الانفصالية في الجنوب، كيف يمكن أن يقرأ المتابع اليمني في الداخل والخارج حجم تلك المصالح التي تتحصل عليها القوى الدولية في النفط والغاز اليمني والدعم الأوروبي لليمن؟ لماذا لا يقف "النظام" على الأرض اليمنية وتقدم مشروع حل جذري وطني في شكل برنامج مصفوفة حلول لمواجهة الأزمة التي لا تريد حتى الاعتراف بها؟ لن يجدي أي تحرك إقليمي ودولي لتأييد ودعم الوحدة اليمنية بعيداً عن رفع المظالم الذي يتعرض لها أبناء الجنوب، ومن أهمها رفع المظاهر العسكرية عن الحياة المدنية وإشراك الجنوبي في السلطة الفعلية والثروة، واستعادة المؤسسات الجنوبية التي تعرض للنهب والبيع باسم الخصخصة، مع إتاحة فرص لأبناء الجنوب في العمل التجاري والسلك الدبلوماسي، وإعادة التوازن في المؤسسة العسكرية والأمنية بالمعنى الصحيح، وإزالة آثار حرب صيف 1994م، لتغدوا الوحدة هالة "حب" وليس كرهاً بالركون على المؤسسة العسكرية الحماية الوحدة التي يفترض أن تحمى بالعدل والمساواة.