رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    حميد عاصم: الجولة العاشرة لمفاوضات الأسرى حققت نتائج نوعية وغير مسبوقة    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    سياسي عماني: خيبة أمل الشرعية من بيان مجلس الأمن.. بيان صحفي لا قرار ملزم ولا نصر سياسي    وزارة الخارجية ترحب بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    حوادث الطيران وضحاياها في 2025    الترب يبارك اتفاق الأسرى ويعتبره مفتاح لبقية القضايا الانسانية    بلجيكا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالعدل الدولية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة القاضي محمد عبدالله عبد المغني    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    مجلة أمريكية: اليمنيون غيروا موازين القوى الذي تهيمن عليها أمريكا وإسرائيل    أعضاء في سياسي أنصار الله: السعودية دمرت اليمن واستنزفت ميزانيتها بلا فائدة    الشرعية لمن يمثل الشعب    البشارة بولد.. لكنه ولد ميت: مجلس الامن يحبط الشرعية اليمنية    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    مجلس الأمن يجدد التزامه بوحدة اليمن ويؤكد دعمه لمجلس القيادة والحكومة    خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    انعقاد اللقاء الأسبوعي الخامس بين الحكومة والقطاع الخاص    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية تطوير البنى التحتية لمطار عدن الدولي    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    جامع الشعب.. تدشين أنشطة جمعة رجب وفعاليات الهوية الإيمانية بحضور علمائي ونخبوي واسع    فعاليات ثقافية بمديريات محافظة صنعاء احتفاءً بجمعة رجب وتأكيداً على الهوية الإيمانية    الذهب يسجل مستوى قياسيا ويقترب من حاجز 4,500 دولار للأونصة    البنك المركزي يوقف تراخيص عدد من شركات الصرافة المخالفة ويغلق مقراتها    اتلاف 20 طنا بضائع منتهية الصلاحية في البيضاء    سفراء بريطانيا فرنسا ألمانيا هولندا والاتحاد الأوروبي يؤكدون التزامهم بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    برنامج الأغذية العالمي يعلن استمرار تعليق أنشطته في مناطق سيطرة سلطات صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    نابولي بطلا للسوبر الإيطالي على حساب بولونيا    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    الصحفي والناشط الحقوقي نشوان النظاري    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزّي في وفاة الشيخ حسين جابر بن شعيلة    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    مرض الفشل الكلوي (33)    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتجاهات الحراك السلطوي الثقافي.. ماذا بعد؟
نشر في المصدر يوم 01 - 05 - 2010

لقد قلت من قبل أن السلطة أو النظام هو من يصنع الأغلبية في العالم العربي وليس العكس، وأن السلطة وهي تمتلك المال العام ومقدرات الدولة وخزائنها تستطيع أن تجيش ورائها غالبية الشعب فكرياً وسياسياً، وأنها بهذه المقدرات تستطيع أن تحدث حراكاً ثقافياً يخدم مصالحها الحزبية والسياسية والتي تهدف في كثير من الأحيان إلى ترسيخ مذهبها ونهجها وطريقتها في الحكم والإدارة، حيث تعتبر هذه السلطة أن هذا الحراك ضرورياً من أجل بقائها واستمرارها الضروري والذي يخدم مصالح البلد العليا، حيث هذا الحراك الثقافي التي تصنعه ترسخ من خلاله في الأذهان أن فكرها هو الصواب وأن حراكها هو الحراك الذي يصب في الصالح العام، وأن مذهبها هو من خيرة المذاهب وأن برنامجها السياسي هو أفضل البرامج القابلة للتحقيق، فتضل تجيش الناس تارة بمدح القائد وتارة بمدح الدولة والتي تعني القائد بالضرورة وتارة بالأناشيد التي تروق لنا والصور التي تصحبها كلوحات فنية بديعة، حيث أن الحراك الثقافي من هذا الطراز السائد في كل بلداننا العربية هو حراك ثقافي زائل بزوال المؤثر قابل للتغيير والطرق والسحب مع انتهاء الزعيم أو نظامه، وهذا باعتقادي لا يعد حراكاً ثقافياً وإن بدا بل حراكاً تعبوياً يخضع لاعتبارات أخرى كالمال والمصلحة والمنصب والقرب والبعد وإعلان الولاء.

الحراك ا لثقافي السلطوي لا يدعم سوى الأتباع ولا ينمي سوى الشجرة المائلة، ويعلن التمييز بين أبناء الشعب الواحد على أساس الثقافة والفكر والرأي، معلناً باستمرار أن الاختلاف لا يجب أن يكون بشخص الحاكم أو طريقة حكمة، نظامه أو منهجه، وإنما الاختلاف لا يكون إلا بين الإخوان والسلف حول اللحية والشارب أو الثوب والبنطال، وبين المثقفين والعلماء حول زواج الصغيرات وغيرها في عودة إلى عصور الجهل والتخلف، والاختلاف الأول يجب أن يخمد والثاني يجب أن ينمى في سياسة باعتقادي ليست مدروسة ولكنها مرغوبة.

ولأن مقدرات الدولة كثيرة ومواردها لا حدود لها فإنها لا تصنع حراكاً ثقافياً بإرادتها وإن كانت الآن تنشئ الكثير من الجمعيات والمؤسسات ابتداء مما تشرف عليه وزارة الإعلام إلى ما تنشئه وزارة الأوقاف إلى لجان المشكلة للدفاع عن الوحدة وللدفاع عن الثورة ولمكافحة ووو.. الخ، كل هذه لجان يراد منها أن تحدث حراكاً ثقافياً يسهم في تطوير هذا المجتمع وإعلاء شأنه ثقافياً وفكرياً وهي باعتقادي طالما تجنبت الكره والحقد على الآخر، وتجنبت الفتوى والعداء للآخر وتجنبت لغة الشتم والسب والتخوين فهي تعتبر حراكاً ثقافياً مطلوباً وإن بدى أنه يصب في صالح الحاكم ونظامه لكن المراحل العمرية التي يمر بها الفرد وقد ترسخت فيه هذه الثقافة أو تلك تجعله يعرف الكثير عن الثقافة المختلفة معه رغبة منه في إحداث ثورة مضادة فكرية وثقافية للمشاركة في نقاشات حادة في مقهى أو مجلس أو دار ثقافي أو تجمع، وإن كانت هذه الرغبة مطلوبة لدى كثيرين وتصب في صالح الأيدلوجي إلا أنها تضع باستمرار الأسئلة الشائكة وتحاول الإجابة عليها مما يحدث في الأصل تمرداً كبيراً لدى الشخصية على فكره الذي تربى عليه في مسجده أو مدرسته أو مقراته التابعة للحزب أو التنظيم أو المقر السياسي، هذا التمرد يعلن عن نفسه متى ما بدأ الإنسان يشعر أن ثقافته التي تربى عليها لم تعد تشبع رغباته ولا تشبع طموحاته وفكره الذي يجب أن يكون كما أنها لا تلبي طموحه الذي يرغب في الوصول إليه ولذلك تحول كثير من الاشتراكي إلى مؤتمر وتخلى عن فكر كان يعتنقه بقناعة تامة وتخلى كثير من الأعضاء عن الإصلاح مع أن هناك من يعتبر أنه الحزب الأكثر تحصين تنظيمياً، وخرج الكثير من المؤتمر رغم أنه ما زال يحكم البلد، هذا الخروج مرات ليس بدافع المصلحة رغم أن الكثيرين يسعون إلى إشباع رغباتهم عن طريق الممارسة السياسية، لكن الخروج أحياناً يكون بدافع أكبر من ذلك وهي الرغبة في التحرر من الإيديولوجي وتجاوز هذه المرحلة التعبوية من جانب واحد بدافع الفضول وبدافع الواقع الذي يفرض عليك رؤى مختلفة للتغيير.

ما يزيدنا تعجباً وتفكراً في حراك السلطة الثقافي والسياسي هو أن تخرج السلطة بالمظاهرات لتحذر من الفساد "المشتركي" والفساد "الحراكي الجنوبي والصعدوي الشمالي"، وقد خرجت وقد جيشت لها الكثير من الموظفين والطلاب في حراكاً سياسياً بامتياز يغلبه التهديد والوعيد، وتحولت السلطة إلى المعارضة والمعارضة إلى منافقين ودجالين وخارجين على القانون والثوابت، والجماهير كما يبدو أنها تشبه الرعاع بحسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في وصيته لكميل بن زياد تتحرك مع هذا ومع ذاك ومن حضر من الجماهير مع المشترك مناصراً للمشترك خرج مع النظام ليعلن تأييده له وسبه لنفسه بأنه من المنافقين والدجالين بسبب الخروج الأول، وأنا أكتب هذه السطور تذكرت المهندس فيصل بن شملان رحمه الله عندما زار إب في حملته الانتخابية وتجمع الناس لمناصرته من كل حدب وصوب مما أعجزه عن الحديث حتى ظننا وقتها أن إب كلها قد شاركت معه المهرجان وأعلنت نكرانها لرئيسها ولصاحب اللوحات التي تملأ شوارعها، وما إن حضر إليها الرئيس الصالح حتى أصيب رحمه الله بالإحباط فكثير ممن خرج ليناصره خرجوا ليناصروا الرئيس الصالح وأثبتوا الولاء وعمدوه بدمائهم فكتب للأخير النصر، مما يوحي بأن السلطة لا زالت تملك الكثير من الأوراق، ولا زالت رغم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني قادرة على إخراجهم للشوارع مع مثقفيهم مع مشائخهم مع موظفيهم مع أرقى طبقات المجتمع ثقافة وفكراً وهم يهتفون بحياة الحزب الحاكم ويلقون بالتهم على المشترك حيث أنه العائق الوحيد أمام تقدم السلطة وأمام انتصارها على الغلاء وعلى ما تبقى من متمردي صعدة وعلى ما يسمى بالحراك الجنوبي وعلى الإرهاب ، وأنه العائق الكبير أمام إصلاحات السلطة السياسية والاقتصادية، ولذلك يتجه حراك السلطة الثقافي والسياسي لمحاولة تشويه المشترك باعتباره الآن قوة لا يستهان بها في البلاد، وقوة قادرة على إخراج الناس إلى الشارع ليعبروا عن معاناتهم وآلامهم.

حراك السلطة يتجه بطريقة ساخرة وشامته مرات كتشكيل اللجان للدفاع عن الوحدة وبطريقة شبه همجية كاعتقال المتظاهرين وتهديدهم ومحاولة إثنائهم عن النضال وإلجائهم إلى طرق أخرى لا يرتضيها النظام وإن كان هو السبب الأول في ممارستها على ارض الواقع حتى يدفع الكثير بالخروج عن نطاقهم ليكون مبرراً للسلطة لزجهم في السجون.

الحراك السلطوي الثقافي باعتقادي لا يخدم المصالح العليا للبلد بل يتفنن باستمرار في تلميع الشخصيات وعرض المنجزات ومدح القيادات وإخراج الكتيبات وتشويه الآخر المختلف معه فكريا ًوسياسياً .كما أنه بكل ما يمتلك من مقدرات لم يستطع أو لا يريد أن يرقى بشخصية الأتباع إلى مستوى الفهم للممارسة السياسية بدون تجريح أو سب أو شتم أو اتهام.

إن من يمارس العمل السياسي مستخدماً هذه الأساليب أياً كان حزبه فإنه لا يعمل على ترسيخ العمل الديمقراطي بل يقود إلى العمل الانتقامي، لأنها غالباً ما تقود الكثير لاستخدام مبدأ نيوتن في الحركة "لكل فعل رد فعل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.