قد لا تتوفر معلومات دقيقة وفق أدوات استقصاء متّبعة، عن مستوى التأييد الشعبي والجماهيري الذي تتمتع به المقاومة الشعبية (الكيان العفوي الغير منظم الذي يناهض الانقلاب العسكري لتحالف جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح). لكن بتتبع الانطباعات العامة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتجمعات التقليدية كالمقايل والمقاهي، فإن الكثير من الناس ما زالوا ينظرون للمواجهات المسلحة (بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، ومايعرف، في إعلام جماعة الحوثي، بالجيش واللجان الشعبية، من جهة أخرى) باعتبارها حرباً أهلية، وصراعاً مسلحاً بين أطراف تسعى للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح .
6 قنوات فضائية أهلية، وقناتان رسميتان (تتبعان وزارة الإعلام في حكومة الشرعية) جميعها تبث من خارج الحدود اليمنية، بالإضافة إلى عدد محدود من المواقع الإلكترونية، تمثل الجبهة الإعلامية للمقاومة، فيما لا يوجد صحيفة ورقية واحدة، باستثناء صحيفة الأيام التي عاودت الصدور من عدن مطلع الشهر الماضي.
وفي حين تستولي جماعة الحوثي على جميع إذاعات الFM، بما فيها إذاعة تعز، فإن المقاومة لا تمتلك إذاعة واحدة، مع أن حكومة بحاح قالت أكثر من مرة أن شرعية الرئيس هادي تسيطر على 75% من الأراضي اليمنية.
يقول زميل صحفي، يعمل مذيعاً في إحدى هذه الفضائيات: "ليس لدى القناة سياسة مكتوبة تحدد مضامين الرسالة الإعلامية والأثر الذي ينبغي أن تحدثه هذه الرسالة، لدى الجمهور المتلقي في كل مرحلة من مراحل الحرب، ونكتفي بتغطية أخبار الانتصارات وتقدم المقاومة، معتمدين على ما تنشره الصحف والمواقع المحلية والخليجية، بينما يمثل الروتين الإداري وتوفير نفقات التشغيل، أولوية لدى إدارة القناة".
تتبع المجالسَ العسكرية للمقاومة، المشكلة في الأقاليم والمحافظات، مراكزُ إعلامية، يقتصر أداؤها على عدد من الوظائف التقليدية كتوفير وسائل نقل للصحفيين والمراسلين الذين يقومون بتغطية الأحداث في الجبهات، وليس لهذه المراكز، أي لوائح منظمة أو أنشطة موجهة، بينما تؤثر تجاذبات النفوذ، داخل قيادة الجيش الوطني والمقاومة، في تعيين المسؤلين عن هذه المراكز، بعيداً عن معايير الكفاءة والقدرة، فيصبح أداؤها رهن الحسابات الشخصية والطموحات الضيّقة.
مواقع التواصل الاجتماعي، طافحة بحسابات حقيقية وأخرى وهمية، تمثل كتلة كبيرة في تأييد خيار الشرعية والمقاومة، لكنها كتلة لزجة ومتخبطة، سرعان ما تنجر للمعارك الجانبية التي تحدثها مطابخ الخصم، فتفقد بوصلة التأثير. وتعود بنتائج عكسية تصنع التخذيل، وتخلق مخاوف وأوهام ربما نقلت الصراع إلى صفوف المقاومة.
وبالمجمل، فإن إعلام المقاومة إعلام تقليدي في مضامينه وتأثيره، لا يتجاوز وظيفة نقل الحدث، ويفتقر للاحتراف في صناعة الرسالة الإعلامية، والعمل وفق استراتيجيات البروبغادا، كتفكيك جبهة الخصم، وتحييد الفئة الصامتة كخصم محتمل. بينما لا يزال الكثير من جمهور هذا الإعلام، لا يمتلك الوعي الكافي عن الفرق بين طرفي الحرب. وأن أحدهما دولة والآخر انقلاب.