يلتحف السواد بل ويغطي كثراً من الذين باعوا أوطانهم بثمن بخس وانحازوا للمال والغدر. هذا السواد يستوطن الذين يرون أن أوطانهم حقائبهم وحقائبهم أوطانهم، هم أولئك الذين يرتبكون حين تتعرى المواقف وتفصح الوقائع عن تخوين وخيانات وعمل مبطن لتفتيت المجتمعات والأوطان. مثل هذه القائمة نحتاجها ولو في شكل متدرج، فثمة من جند نفسه لمحاربة أهله وإزعاج محيطه والتزام الحياد في قضايا لا تقبل الحياد، وثمة من خطط لأن يكون وطنه مزرعة للفتن ومنطلقاً للثورات وساحة للتوتر. القائمة السوداء يجب أن تحتوي على من اعتدنا على طعنه وتأليبه المستمر وكراهيته الصريحة ومحاولاته المستميتة للإضرار بما تيسر من العقول وتسميم الأفكار وتفخيخ الجمل، ومثل هؤلاء هم على قمة السواد بالنسبة لكل عاقل، إنما ينقص أن نسميهم بأسمائهم الحقيقية اللصيقة بالسواد. أما العدد المثير للاهتمام والملاحقة والمتطلب للجهد والتثبت فهو لأصحاب الأسماء الوهمية والمستعارة، أولئك الذين نذروا حساباتهم للإساءة للوطن ورموزه والتسلل من بين الملفات والأزمات والحوادث للتأجيج والوشاية والغدر. المراجعة الحية لجملة من المواقف التي تصحب الأزمات وتتعلق - بالوطن ولا غيره - مراجعة ضرورية ولازمة وإن كان هناك من سيسحب مفردة القائمة السوداء ويغني بها على ليلاه وهمومه الضيقة الأفق، على رغم أن هذه القائمة تأتي كمبادرة لافتة أوجبتها الأزمة القطرية حين ظهر طابور من النفوس الضعيفة ومتلوني الولاءات المتعددي الأوطان، وحين انكشفت عناصر وكيانات تتناول الإرهاب بالدعم والتأييد وتقرأه من الزوايا التي تريحها وتزيد حساباتها البنكية اطمئناناً وأحزابها رضاً وقناعة. لعبة الشر القطرية قدمت للساحة وميادين التواصل وساحات النقاش والجدل أسماء صريحة وأخرى مستعارة توسع لمفاهيم التخاذل والتحريض وتروج لنظريات مشبوهة وتخريبية متعمدة، هذه الأسماء جديرة بأن تكون وسط قائمة سوداء يعرفها الجميع ونعرف من خلالها وعبرها من يذهب معها لخيارات المنافحة وتبني مخططات تحويل البلدان الى ممرات للفكر الإرهابي تارة، وتارة أخرى ملاذاً وغطاء ومأوى لهذا الفكر. في الأزمات، يظهر من التلوث الفكري ما يكفي لأن نشير لأفراد أو أحزاب بأصابع الاتهام الجريئة والشجاعة والقول إنهم يعبثون كثيراً بالأنقياء ويحاولون جرهم لمستنقعات ليسوا أهلاً لها ولا متطلعين للصراع حولها، وفي الأزمات أيضاً يظهر المتآمرون الذين كانوا يعيشون في هدوء لممارسة التآمر الخفي وارتداء الأقنعة المزيفة، مبتلون وبصراحة شديدة بمدعي حب الوطن في الرخاء لكنهم متخاذلون ومتنازلون عن هذا الحب بحياد مخجل في أوقات الشدة. هذه القائمة السوداء ليست مساحة لتصفية الحسابات أو لمن يُختلف أو نختلف معهم في الرأي المتسع للجميع، القائمة لمن ينسى وطنه دائماً، ويسعى لأن يؤجَل استقراره واطمئنانه على حساب عواطفه وولاءاته المستترة، القائمة بالضبط لمن روج بلا رقيب للكراهية والتطرف والطائفية والارتزاق والتخوين والتخريب، ومن تعرض للأمن وناصر الإرهاب وخان وطنه. هؤلاء وأمثالهم مستحقون للفرز الرسمي والاجتماعي أولاً ومن ثم التربع في القائمة السوداء المخجلة والمنتظرة.