حضرموت.. قنابل ضوئية على محيط مطار سيئون واتهامات متبادلة بشأن اشتباكات الشحر وحدتها تتصاعد    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    إدانات واسعة تجاه اعتراف العدو الصهيوني بإقليم " أرض الصومال "الانفصالي.. اسرائيل تناور بالاعتراف هروباً من الحصار    هنأ الشعب بمناسبة جمعة رجب.. قائد الثورة: لابد أن نكون في حالة يقظة مستمرة وروحية جهادية عالية    هل حان الوقت لتجريم الاستعمار    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    قوات النجدة بأمانة العاصمة تستعيد 3 دراجات نارية مسروقة    وكيل وزارة الخارجية يشيد بدورالصليب الأحمر في ملف الأسرى    فلسطين الوطن البشارة    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    مطالب حضرمية لمجلس الأمن بالتحقيق في مصافي الخشعة وتمويل الإرهاب    سياسي جنوبي يثمّن شراكة التحالف مع الجنوب ويؤكد: النصر في 2015 صُنع بوضوح الموقف لا بالمساومات    اغتيال جار الله عمر.. اللحظة التي دخل فيها ملف الإرهاب في اليمن دائرة التوظيف السياسي    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    تشييع جثمان الشهيد المقدم توفيق العسيقي في التعزية    مدارس أمانة العاصمة تحتفي بعيد جمعة رجب    مركز البحر الأحمر للدراسات يصدر كتابين جديدين حول الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى اليمن والقضية الفلسطينية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    الشتاء يتحول إلى كارثة إنسانية: 20 وفاة وآلاف النازحين بالعراء في غزة    عاجل: أهم نقاط البيان.. سيئون تجدد العهد لاستعادة دولة الجنوب وتفوض الانتقالي خيارًا نهائيًا بلا تراجع أو مساومة    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    القوات المسلحة الجنوبية تضبط مصفاة غير قانونية لنهب النفط داخل مزرعة متنفذ شمالي في الخشعة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(تحقيق): التهاميون ضحايا المخلفات السامة.. "سفينة الرعب صافر"
ميناء الموت.. رحلة إلى الجحيم.. فقرٌ وسرطان..
نشر في المنتصف يوم 24 - 01 - 2013


من جرائم التطهير والإبادة (ا-2) :
أثبت أحد التقارير وجود عنصر "الزاركينيوم" الذي يوجد دائماً مع "اليورانيوم" إضافة إلى عناصر مشعة..
لايوجد قانون يمنح الحق للشركات العاملة في المجال البحري أن تبحث عن متعهدين للتخلُّص من نفاياتها.. إلاّ أن الهيئة للشئون البحرية تمنح شركات خاصة هذا الامتياز
كافة العيِّنات لمخلفات السفينة "صافر" التي تقوم اللجان بإجراء الفحوصات والتحاليل عليها تختفي وتظل طيّ الكتمان..
إلقاء مخلفات تنظيف خزانات السفينة في البحر يؤدي إلى نفوق أطنان الأسماك وهو ما يهدِّد النظام البيئي في البحر بدمار شامل
الهيئة العامة لحماية البيئة أعلنت مديرية الصليف منطقة منكوبة بيئياً..
المئات من سكان الصليف لا يستطيعون شراء الأدوية بسبب انقراض الأسماك وهو ما جعلهم في انتظار دائمٍ للموت
الحديدة - المنتصف - تحقيق: مجاهد القب
"ماذا أفعل ليس باليد حيلة".. بمرارة انطلقت تلك العبارة من فم المهندس ياسر الغبير، مدير فرع الهيئة العامة لحماية البيئة بمحافظة الحديدة.. يستطرد الغبير بعبارة أخرى أشد منها مرارة: يكفي أن أقول إن "تهامة منطقة منكوبة بيئياً"، يكفي ما قِيل لإعلان حالة استنفار شامل في دولةٍ "ما" يعنيها أمر فئة من شعبٍ تحكمه... وهو الأمر الذي لا يلقى أدنى اهتمام في حكومتنا الرشيدة التي تحوَّل أركانها إلى زبانية جحيم، بل إنهم يرقبون منتشين أجساد أبناء تهامة تتساقط صرعى خائرةً منهكةً أهلكتها السموم بعد أن نخرها الفقر... يشبه المقهورون في تهامة شركاء نظام صنعاء ب"مبعوثي جهنم" وأنهم عذاب مقيم لن تعرف تهامة مذاقاً للأمن والسلام إلا بجلاء آخر حاكمٍ باسمهم في هذه الأرض الطهور.. ولأنهم يدركون ذلك مضوا يسممون كل ما فيها، إنساناً أو أرضاً أو شجراً..
"المنتصف" تفتح هذا الباب على مصراعيه، ليعلم العالم أن في تهامة أرضٌ تموت وشعبٌ يُباد.
هي هكذا دأبها أنظمة الاحتلال في كل بقاع الدنيا، تمتص خير الأرض وتجعل من أهلها سخرةً تمتص دماءهم وتسمِّم أجسادهم وتبخل بمنح ضحاياها النعوش، نجد أنموذجاً حياً في كل بقعةٍ من تهامة التي نمضي فيها.. نبدأ رحلتنا من شمالها التي يلازمك فيها أنبوب نفطٍ قادم من الشرق، حيث حقول النفط في محافظة مأرب لينتهي بميناء صافر العائم المحاذي لساحل قرية رأس عيسى بمديرية الصليف.
ميناء الموت
"السفينة صافر".. لعنة البحر الأحمر والموت الجاثم في عَرْضِ البحر، يصفه صيادو المديرية بالوحش القاتل لكل شيء، ففي بطنه يحوي النفط ويلقي مخلفاته السامة براً وبحراً ليفنى كل شيء ليحيا مع من أتى به إلى هنا... "صافر" ميناءٌ طوله400متر وبعرض70متراً وبعمق 30 متراً ويحتوي جوفه 34خزاناً أو حاوية.. وبحسب تقرير استطاعت "المنتصف" الوصول إليه بين العتمة التي فرضتها الشركتان: "هنت" ووريثتها "صافر" الذي يشير إلى 3 ملايين برميل نفط هو المخزون التي تستطيع السفينة حفظه وتقوم شركة أمريكية تدعى(APS) بالتفتيش الدوري على نظافته وفحصه كل 5 سنوات.. وبحسب التقرير المشار إليه فإن إحدى اللجان قامت بزيارة الميناء العائم لتصل إلى حقائق غيَّبتها شركة "هنت" التي كانت تستخدم الميناء في استنزاف الذهب الأسود "النفط" عن طريقه، وكان أهم مهمةٍ للجنة المذكورة الوقوف على أسباب المشاكل البيئية والصحية للسكان، وأيضاً على مصدر النفايات والجهة التي تتحمل مسؤولية ذلك، كما كان من صميم عمل اللجنة فحص وتحديد نسبة المواد المشعة (NORM) في صخور القطاع التابع لشركة "أوكسيدنيتال" الأمريكية، ولن يتسنى ذلك كله إلا بزيارةٍ للموت الجاثم على صدر سكان المديرية...
رحلة إلى الجحيم!!
كل شيء يتم بطريقةٍ أمريكية على ظهر الميناء اللعنة، حسب مسئول طلب عدم الكشف عن اسمه وصفته.. فتجديد العمل للميناء يصدر عن شركةٍ أمريكية وطرق التفتيش تتم عبرها والعملية الأخيرة كل ما فيها قاتلٌ ولكن بشكلٍ ملفتٍ ومثير، فخزانات السفينة يتم غسلها بماء البحر بعد تنظيفها بالنفط وناتج كلا العمليتين يذهب إلى البحر ليمضى متغلغلاً بين أعماقه ومعلناً على سطحه سطوة الشركة النفطية ببقعة نفط كبيرة.!! كما تتم عملية صنفرة الخزان المراد تنظيفه بواسطة رملٍ نهري يتم استيراده من الهند ولم يتسنَ لزوار السفينة التأكد من صدق تلك المعلومة، غير أن هذه المعلومة حقيقية وسليمة وتقع ضمن إجراءات الحفاظ على السفن النفطية العائمة أو ناقلات النفط، إلا أن ذلك كان يجري قديماً وبسبب أن تراب الصنفرة القادم من أنهار الهند الذي يصبح بعد استخدامه مادةً مشعة وتزداد كلفة التخلص منه أو ما يُسمى بتدويره مع بقية المخلفات، وهو ما جعل شبيهات صافر في أفقر دولة تبتكر طرقاً أخرى أكثر أماناً وسلامة على البيئة، وتصل الكميات المستوردة من التراب النهري ذي اللون الأحمر القرمزي إلى200طن لكل عام، وهذه المعلومة موضع شكٍ كبير لدى الكثيرين في الشركة، أما المواد الصلبة من المخلفات فيتم التخلص منها بطريقة كارثية بواسطة محرقة قديمه جداً سعتها 200رطل تعمل بقوة حرارة بين 400 و800 درجة مئوية وتنبعث من تلك المحرقة الرديئة غازات تتميز بخطوط ملونة وذات تأثير على الهواء الجوي وينتشر بمساحاتٍ شاسعة.. ووفقاً لمصدر بمكتب صحة الحديدة أوضح ل"المنتصف" أن انتشار المياه البيضاء بين السكان كان السبب الرئيسي فيه هو تلوث الهواء الجوي بغازات تحوي نسباً اشعاعية.. وحذر المصدر خطورة ذلك خاصةً بعد انتشار الربو والمياه البيضاء في عدد كبير من السكان وبأعمار متدنية، حيث زادت نسبة المصابين منهم في الفئات العمرية بين الأطفال ومن لم يصلوا إلى الأربعين عاماً...
الموت بحراً!
بعد كل عملية تنظيف لأحد خزانات السفينة "صافر" يتم التخلص من نفط التنظيف وماء البحر المستخدمين بشفطهما من الخزانات إلى البحر مباشرةً، وهذه عملية إفناء وقتل مع سبق الإصرار لكل حياةٍ فيه وتدمير علني للنظام البيئي لأحشائه، يشير الأهالي أن مساحاتٍ شاسعة من بقع الزيت الفضية تنتشر على فتراتٍ يرون خلالها أطناناً من الأسماك المتعددة الأنواع الميتة تطفو على سطح البحر ومنها ما يخرج إلى الشواطئ وبكمياتٍ مثيرةٍ للخوف والشفقة في آنٍ واحد... خبيرٍ في البيئة البحرية يشرح ما يجري بقوله إن الناتج عن عمليات تنظيف السفينة الذي يتم صبها في البحر تعمل على حبس الأكسجين وتقليل نسبته في مياه البحر وهو ما يؤدي إلى موت الكائنات البحرية خنقاً ونفسه السبب الذي يجعل الأسماك تهرع إلى أعماق أقل باحثةً عن مصدر للتنفس بعد أن حاصرتها بقع النفط وتنتهي رحلة الأسماك الفارة بأن تقضي على الشواطئ وما تلبث حركة المد أن تخرجها إلى السواحل.. وقد سجلت إحصائيات الإنتاج السمكي في السواحل القريبة من الميناء العائم انخفاضاً يؤكد أن كارثةً بيئية قد حلّت بالنظام البيئي في ذلك الجزء من البحر، وهو ما كان له الأثر البالغ الخطورة على السكان، حيث يعمل أغلب السكان في مهنة الاصطياد بنسبة تفوق90%..
الموت براً...!!
لم تكن الحاجة إلى دليل يجيب عن الأسئلة التي تنطلق فور ورود رواية السفينة اللعنة "صافر" وأين تذهب بمخلفاتها، فعبر ميناء الصليف يصل لنش بحري إلى الميناء تنقل منه النفايات الخطرة عبر شاحنة نقل سعة 3أطنان وتمضي في كل رحلة نقل بكامل شحنتها إلى مقلب كبير ممتد من أسفل الطريق الإسفلتي الواصل بين المديرية والمحافظة، ويمتد هذا المقلب لمسافات تتجه غرباً منها ما تتصاعد منه ألسنة لهب متعددة الألوان أثناء تعامد الشمس عليها وتخبو بغياب الشمس نهاية كل يوم، ومنها ما يظل راكداً ما يلبث أن يقوم الأهالي بحرقها، ويمتد هذا المقلب لمسافة تتجاوز300متر.. وتخزن تلك المخلفات في أكياس بلاستيكية سمكها120ميكرون ويتجاوز وزن بعضها 50 كيلوجراماً.. غير أنه منذ أشهر قليلة مضت، لاحظ الأهالي انخفاض رحلات نقل النفايات عكس ما كان سابقاً، فاستبشروا خيراً بانقطاعها!!! إلا أنهم لاحقاً لاحظوا أن أكواماً كبيرة ظهرت في المقلب الذي تُلقى فيه وزحفت تلك المخلفات نحو الغرب، في إشارة إلى تغيير مكان إنزالها، وهو ما أكده سكان قرية رأس عيسى الذي استحدثت فيه رصيف متنقل يتم إنزال المخلفات عبره إلى شاحنات ومن ثم إلى المقلب. وفسر ذلك نفس المصدر الذي سرب المعلومات المذكورة عن الشركة بقوله إن تهالك عدد من خزانات السفينة أدى إلى ازدياد كميات النفايات، وهو ما كان سيلفت الأنظار إن تم إنزالها عبر ميناء الصليف وعليه قامت الشركة بتغيير مكان الإنزال، كما أكد بلاغٌ صادرٍ عن جمعية شباب رأس عيسى ظهور أكوام من النفايات بالقرب من قريتهم لاحظوا وجودها فجأة، وأكدت مصادر أخرى في رأس عيسى أنه تم رميها ليلاً.
قُضي الأمر!
أكد مصدر رفيع المستوى، في الهيئة العامة للشئون البحرية، أن شركة البحر الأحمر "المتعهد بنقل مخلفات سفينة صافر" لم يتم تجديد تصريح عملها لأسبابٍ رفض الكشف عنها، وهو ما يشير إلى أن الشركة كانت تقوم سابقاً بعملها بتصريحٍ من الهيئة البحرية وتمارس مهامها باستلام مخلفات السفينة الخطرة وتقوم برميها بتلك الطريقة وهو منطقياً يُعد تواطؤاً واضحاً من الهيئة العامة للشئون البحرية في أعمال مضرة بالبيئة، كما أنه نكوصٌ واضحٌ لصلب الهيئة والتي أُسست لأجل الحفاظ على كل ما يتعلق بالسلامة البحرية بحراً وما له من آثار على البيئة في البحر.. وعليه فالأخيرة تعتبر شريكةً في كافة الأضرار التي لحقت بالبيئة بسبب رمي تلك المخلفات والنفايات الخطيرة، بل إن خبراء آخرين ذهبوا إلى أبعد من ذلك واتهموا الهيئة بسوء استخدام المهام الموكلة إليها.. وهو من الجرائم الجسيمة التي يشدد القانون على كل من أساء استخدام مسئوليته أو مهام موكله له..
غير أن الأمر برمته يُعد جريمةً يعاقب عليها القانون، حيث إن الشركات أو المصانع هي من عليها تبعة تدوير مخلفاتها بما يحافظ على أمن وسلامة البيئة.. ولا وجود أصلاً في القانون لأي متعهد وذلك لسببٍ منطقي وبسيط وهو أن من يستخدم تلك المواد هو وحده من يمتلك طرق تدويرها والتخلص منها...
وكشف مصدرٌ في شركة صافر أن تكلفة نقل المخلفات من ميناء الصليف إلى المقلب حيث يتقاضى المتعهد عن النفايات "البلدية" غير الخطرة 5 آلاف لكل مترين مكعبين ويتضاعف سعر المترين من النفايات الخطرة، حيث يصل إلى 15,000ريال وتضاعفت تلك المبالغ بعد نقل مكان إنزالها...
عادوا بخفي حنين!!
ما لا يدع مجالاً للشك، أن جرائم ضد البيئة تجري في السفينة "صافر" ولها آثارٌ كارثية على البيئة سواءً أكان براً أم بحراً، وهو ما جعل الشركة تشترط على اللجنة المذكورة برنامجاً يضمن عدم كشف الانتهاكات التي تحدث على الميناء العائم، فقد هبطت بطائرة "هيلوكبتر" على ظهر السفينة بعد اشتراط شركة صافر ألا تتجاوز فترة مكوثها فيها مدة نصف ساعة ولا تزيد عن ذلك، كما لم يسمح للجنة سوى الإطلاع على خزان واحد ومن مسافة لا تسمح التأكد من صلاحيته، كما مُنعت من دخول أي من خزانات السفينة.. النصف ساعة التي اشترطتها الشركة لم تتح للجنة تقييم الوضع البيئي في السفينة ومدى صلاحيتها للعمل، وهو ما يؤكد وجود انتهاكات خطيرة ومخالفات جسيمة كانت الشركة تخشى أن تكشف عنها اللجنة التي كان منها خبيران في مجال البيئة قاما بجمع عينات من المخلفات وأنواع من التربة المتفحمة في المقلب، ولم تترك اللجنة أمر المياه دون جمع عيناتٍ منها، إلاَّ أن جمع عينات من مياه البحر في محيط السفينة ظل الأمر ضبابياً حوله، وهو ما جعل "المنتصف" تحاول البحث عن ذلك.. إلا أن المصدر أفصح عن تعذُّر ذلك لأسباب، أهمها: ارتفاع السفينة وانتهاء الوقت المحدد لهم للبقاء على ظهر السفينة، الأمر الذي يفصح عن أمورٍ تمت بسرعة منقطعة النظير، أو كما يسمى "كلفتة"، أما مصير تلك العينات فظل مجهول المصير إلى الآن، ومثله عينات كثيرة استطاعت أيادي الشركة حجب التقارير الناتجة عن الفحوصات والتحاليل المخبرية والمعملية للعينات.
اللجنة ألقت بجملةٍ من التوصيات، أهمها: البدء باستراتيجية عمل لتقييم الخطر البيئي للمقلب بحملة في المديرية للكشف عن أسباب الأوبئة المنتشرة في المديرية وتعويض سكانها المتضررين من تلك النفايات، كما طالب الزائرون أن تتحمل شركة صافر كافة تكاليف اللجان البيئية والصحية عبر إصدار قرار بهذا الشأن من وزير النفط، كما طالبوا أيضاً بتنظيم رحلات دورية إلى السفينة "صافر" وفق برنامج يضعه خبراء بيئيون وبالتنسيق مع الهيئة العامة للشؤون البحرية..
كل تلك التوصيات ماتت بمجرد الانتهاء من طباعتها وظلت لعنةً تطارد من أعاق ذلك.!!
أحد من كان ضمن لجنة الزيارة قال ساخراً لزملائه بعد عودته عن ناتج رحلتهم وماذا حققوه للبيئة منها، فرد بما معناه: "عُدنا بخفي حنين"، رغم أنه نطق عبارةً أخرى وبتهاميةٍ صرفة وأشد منها سخرية...!!!
صافر.. انتهت فترة صلاحيتها
مثل كل المشاريع التي عفا عليها الزمن وقضت نحبها تلوح بذلك الهيئة العامة للشئون البحرية. وحين تشتد وتيرة الخلاف مع إدارة الشركة، كما حدث سابقاُ وما عُرٍف يومها بأزمة المرشدين، استطاعت الهيئة العامة يمننة العاملين في الإرشاد البحري لناقلات النفط ووفقاً لمصادر متطابقة من الجهتين أكدت استخدام ورقتي مخلفات السفينة وتقدم عمرها في الضغط على الشركة وإخضاعها للقانون الذي يعطي حق الإشراف والرقابة على كافة الشركات العاملة في المجال البحري...
الجدير بالذكر أن الهيئة كانت قد هددت ببناء خزانات نفط في البر إن لم تتقيد الشركة بالقانون.. ويُذكر أن السفينة "صافر" يابانية الصنع واشترتها الحكومة اليمنية في العام1987م ودخلت الخدمة في العام 1988م، وبحسب ما صدر عن الهيئة فإن عمرها الافتراضي أوشك على الانتهاء.
أجمعوا على إبادة سكانها
لم يكن المقلب المشئوم حكراً على المخلفات النفطية لشركة صافر فحسب، بل اشترك فيه، وإن بحضٍ أقل، شركتا فاهم والحباري في رمي مخلفاتهما من الحبوب.. ووفقاً لشكوى مدير عام مديرية الصليف فإن الشركتين تقومان برمي مخلفاتهما من القمح الذي التالف بعد عملية تنظيفه وطحنه.. كما أن المتعهد نفسه "شركة البحر الأحمر" هي من تقوم بعملية نقل النفايات ورميها في المقلب وهذه الشركة حصلت على تصريح عملها من الهيئة العامة للشئون البحرية.. وكما يقول الأهالي "أن القاتل نفسه في كل الحالات ومن أعطاه تصريحاً هي نفس الجهة "، كما تضمنت الشكوى وجود حشرات في القمح، وهو ما فسره مدير المديرية بأن المواد الملقاة غير مطابقة للمقاييس، أضف إلى ذلك أن الشركتين اللتين تحتكران الميناء لحسابهما لا تقدمان أي دعمٍ للمديرية رغم استغلالهما للميناء والمقلب وحتى لم تقوما بتسوير المقلب..!! لا يوحي ذلك إلا أن الشركتين اشتركتا مع شركة صافر في القضاء على كافة الكائنات الحية الموجودة على سطح المديرية، على الأقل، إن لم تشمل تلك الأضرار الكارثية مساحات أكبر وأوسع نطاقاً. اللجنة المشار إليها سابقاً طالبت هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة التحقق من القمح المستورد عبر ميناء الصليف وهو الأمر الذي لم يلقَ أي اهتمام من الجهات المفترض قيامها بدورها الحقيقي إزاء ذلك وظلت الميناء رمزاً سيادياً للشركتين، كما ساد شركة صافر البحر وما حوله وجميعهم اشتركوا في إبادة سكان المديرية... وضاعت دماء أبنائها بين الشركات...!!
إنّا بريئون مما يلقون!!!
هذا مضمون الرسالة الموجهة من الهيئة العامة للشئون البحرية لمحافظ الحديدة في يوليو من العام الماضي..!!! شرحت الرسالة ما تقوم به شركة صافر وما تلقيه من نفايات وصفتها "بذات رائحة كريهة ونفاذة".. وأفادت الرسالة كيفية نقلها ابتداءً من رصيف ميناء الصليف وانتهاءً بتغيير موقع إنزالها في الوقت الحالي في قرية رأس عيسى عبر مقطورة ترسو عليها اللنشات البحرية لتقوم بإنزال المخلفات إلى سيارة نقل تتجه إلى الجنوب الشرقي في ساحل "دجنوا" على مدخل مديرية الصليف والذي يبعد عن التجمع السكاني بمسافة كيلو ونصف، وفي مقلبٍ مساحته 50 متراً عرضاً و600متر طولاً. واعترفت اللجنة في توصياتها أن تلك المواد لها أثرها الخطير على البيئة، وأوصت بضرورة معالجة تلك النفايات ودفنها لما لها من أثرٍ خطير.
الهيئة العامة للشئون البحرية كانت كمن يحاول إنقاذ نفسه وإعلان براءته من جُرْمٍ تستطيع منعه لما لها من صفاتٍ ومهام سيادية على كافة الشركات العاملة في المجال البحري وكما أنها هي من أعطت التصريح للشركة العاملة في نقل تلك المخلفات التي وصفتها ب"الخطيرة.
كما ذكرت الهيئة في رسالتها أن زيارتها للموقع كان برفقة المختصين وجمعوا عيناتٍ من المواد الملقاة وأيضاً ظلت نتائج فحصها طي الكتمان مثل غيرها من اللجان والفِرق..!!!
اللجنة الوطنية للطاقة الذرية تكشف الحقائق
زار فريق من اللجنة الوطنية للطاقة الذرية عدة مواقع في مديرية الصليف والميناء بمحافظة الحديدة في يناير الجاري.. وكشف الفريق وجود نسبة إشعاع في مقلبٍ تستخدمه شركة صافر للتخلص من مخلفاتها، وشركتا فاهم والحباري العاملتان في استيراد وطحن القمح، ولاحظ الفريق انبعاث أدخنة من المواد الملقاة في المقلب كما كشف الفريق عن وجود مادة بوكسيد الألمونيوم الشديدة السمية وهذه المادة تواجدت بشكل مسحوقٍ أبيض وفي أكياس تناثرت بين المخلفات كما قام الفريق بجمع عيناتٍ من النفايات للقيام بفحصها وتحديد أثرها على البيئة، وجمع الفريق عيناتٍ من مياه البحر القريب من مركز الإنزال السمكي في المديرية، إلا أنه لم يستطع الوصول إلى محيط الميناء العائم "صافر" لأخذ عينات من مياه البحر للكشف عن نسب التلوث بقربه.. كما زار الفريق مديرية الميناء التي تم الكشف فيها عن مخلفات كيميائية اشتبه تقريرٌ أولي لأحد المعامل بوجود عناصر مشعة بها، كانت تلك المواد موجودة في أوعية بلاستيكية بالقرب من ساحل البحر.. وذكر تقرير الفحص الأولي أن تلك المواد هي ثلاث عينات أحدها عنصرٌ الزاركونيوم zr، وهو يوجد غالباً مع اليورانيوم.. كما أكد التقرير الأولي وجود عناصر معدنية ذات درجة عالية من السموم منها النحاس الأحمر والزرنيخ والكوبالت والحديد والبروم والكبريت والبوتاسيوم إضافةً إلى الكلور.. وأبدى التقرير تخوفه من وجود بعض تلك المواد بصورة متحدة لما لها من تأثيرٍ خطيرٍ على البيئة المحيطة بها إضافةً إلى تأثيرها على الهواء الجوي والانتشار السريع في مساحات شاسعة والذي يؤدي إلى انتشار أمراض وأوبئة خطيرة وأغلبها ذو صفاتٍ سرطانية..
كما ذكر التقرير أن تلك المواد ناتجة عن صناعاتٍ نفطية ويطلق عليها أوحال بترولية أو زيتية وجميعها تصنف ضمن المخلفات الخطرة لصناعة النفط..
الجدير بالذكر أن تلك المواد كانت مدفونة في أحد المواقع التابعة لشركة "هنت" الأمريكية، وهو ما يجعل الإدارة الحالية موضع اتهام بمساهمتها في اخفاء تلك المواد باعتبار الهيكل الإداري هو نفسه الذي كان موجوداً أثناء عمل "هنت" في استخراج النفط في البلاد.
واختتم فريق اللجنة الوطنية للطاقة الذرية زيارته للمحافظة باجتماع شمل مدير فرع الهيئة العامة لحماية البيئة ونائب مدير الهيئة العامة للشئون البحرية ومحافظ المحافظة أوصوا فيه بضرورة مراعاة إجراءات الحفاظ على سلامة البيئة وضرورة التنسيق مع هيئة حماية البيئة.. وعلمت "المنتصف" أن الكابتن عبدالله ناصر مثنى قام بزيارة طارئة على متن طائرة عمودية إلى السفينة برفقة محمد أحمد سالم مدير فرع شركة صافر تحسباً لزيارة محتملة من قبل فريق الوكالة للسفينة.
فقرٌ وسرطان..
بحسب البحوث الميدانية التي قام بها بعض الناشطين في المناطق ذات التلوث البيئي، وكانت مديرية الصليف إحدى تلك المناطق المنكوبة بيئياً واتضح من خلال تقارير الراصدين أن أعداداً كبيرة من السكان تنتشر بينهم المياه البيضاء وهو مرض يصيب العيون قد يؤدي إلى العمى وينتشر هذا المرض بصورة كبيرة مما يعطي مؤشراً بوجود وباء علاوةً على انتشار الأمراض الجلدية بمختلف أنواعها، كما تبين من خلال التقارير الطبية وجود22مصاباً بالسرطان بعضهم من الأطفال وتلك الإحصاءات في مديرية الصليف.. أما في حي الولي بقرية رأس عيسى المعروفة بقربها من الميناء العائم صافر، فإن 8 مصابين بمرض السرطان إضافةً إلى15حالة مصابة بتشوهات خلقية أغلبهم من النساء والأطفال.. كما عرف سكان المديرية في الأعوام القريبة الماضية انخفاظاً حاداً في معدل الدخل بسبب الانخفاض الحاد في الأسماك بما يوحي إلى انقراضها، إضافة إلى ارتفاع سعر الوقود، وهو الأمر الذي ارتفع معه معدل البطالة في المديرية.. كما أن انتشار الأوبئة والأمراض بين السكان جعل معظمهم يعجز عن تحمل تكاليف العلاج وجعل معظم المصابين في انتظار دائم للموت.
* صحيفة المنتصف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.