شهدت مصر في الأيام القليلة الماضية جدلا واسعا عن عودة المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق إلى مصر بعد غيبة طويلة، وهي العودة التي رآها البعض طرحا جديدا لشخصية عسكرية قد تخوض أي انتخابات مقبلة بما تحمله من رصيد شعبي كبير، واعتبرها آخرون خصما من شعبية الرئيس الحالي ابن المؤسسة العسكرية الذي لم يحقق شيئا ذا بال طيلة عام كامل. عودة شفيق قُوبلت بهجوم جارف من قبل مؤسسة الرئاسة ومن الاعلاميين المؤيدين للسيسي سواء بسواء.
فعلى الجانب الرئاسي نقلت “الشروق” عن مصدر رئاسي رفيع قوله إن دوائر السلطة في القاهرة أرسلت الى الفريق شفيق المرشح الرئاسي السابق المقيم في الامارات رسالة واضحة ونهائية مؤداها ضرورة أن يوقف النشاطات التي يقوم بها، ويسعى من خلالها للعودة الى واجهة الحياة السياسية من جديد.
المصدر الرئاسي نفسه أكد أن هذه الرسالة جاءت إثر رصد تحركات لشفيق هدفت الى زعزعة شرعية الرئيس السيسي والنيل منه، مشيرا الى أن الرسالة التي وجّهت لشفيق تشمل أتباعه الذين سعوا الى بقاء شفيق في الصورة لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
اتلم
على الجانب الإعلامي شنّت الصحف هجوما كاسحا على شفيق، وبالغ أحدهم وكتب في “مانشيت” صحيفته موجها خطابه لشفيق “اتلم” في نبرة لا تخلو من تهديد. لماذا لا يعود أحمد شفيق؟
مقال الكاتب المقرب من دوائر صنع القرار مكرم محمد أحمد في “الأهرام” الأربعاء والذي جاء بعنوان: “لماذا لا يعود أحمد شفيق” أعاد للقضية سخونتها، والذي استبعد فيه أن تقلل عودة شفيق الى القاهرة الآن من شعبية السيسي، أو تهيئ بديلا آخر، لأن السيسي – بحسب مكرم – لا يزال موضع ثقة غالبية الشعب، ولا يزال الشخص الوحيد الذي تجمع عليه معظم فئات الشعب المصري والقوات المسلحة وغالبية مؤسسات المجتمع المدني بحسب مكرم.
لم يكتف مكرم بذلك، وإنما خلص الى أن عودة شفيق الى مصر قد تكون في مصلحة السيسي إن استطاعت عودته تحريك المياه الراكدة وتنشيط الحياة الحزبية المصرية بعض الشيء.
واختتم مكرم مقاله مؤكدا أنه إذا أسهمت عودة شفيق – ولو قليلا – في تحريك البحرة الراكدة، لوجب الترحيب به، وتسهيل عودته، مشيرا الى أن شفيق ملّ الغربة ، ويتحرق شوقا للعودة الى وطنه.
لماذ صمت شفيق عن تقييم أداء السيسي؟
مقال مكرم الذي لا ينطق عن هوى، وإنما هو ناقل لرغبة شفيق في العودة لمصر، يزيدا الأمور تعقيدا الى تعقيد، لاسيما إذا عرفنا أن شفيق نفسه سبق أن رفض التعليق على أداء السيسي، مؤكدا أنه لن يعلّق على أداء مادام بعيدا عن وطنه. ما بين الرسالة التي وجهها النظام لشفيق بأن ينسى مسألة عودته الى الساحة السياسية مرة أخرى، وبين دعوة البعض لعودته والرهان عليه، تبقى أسئلة هذا الملف بلا نهايات، ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل بدأت لعبة الفريق والمشير؟